مهارة التفكير الناقد

بقلم/شيماء المرزوقي

من متطلبات العصر الراهن، عصر التقنيات الحديثة، والتفكير خارج الصندوق، أن تكون نظرتنا لمختلف أوجه الحياة، ذات عمق وبعد، وأن نملك القدرة على النظرة الفاحصة، والتدقيق، وهو ما يعرف بالتفكير الناقد.

وأهم بيئة للحصول على هذه المهارة، هي البيئة التعليمية، ومن خلال مؤسسات التعليم ومراحلها المختلفة، لأن هذه المؤسسات، يمر بها جميعاً الفتيات والشباب، وهم في طريقهم نحو المستقبل، وصناعة واقعهم وحياتهم.
التفكير النقدي، ليس كما قد يراه البعض، من أنه ترف فكري، بل هو القدرة على النظر العميق، وطرح الأسئلة الصحيحة، في الوقت الصحيح، ومعها يستطيع الطالب أن يميز بين الحقيقة والرأي، أو بين الثابت والمتغير، أو بين الخيال والواقع. يكتسب القدرة على التفكير من خلال عقلة، لا من خلال ما يقدمه له الآخرون.

ومع مثل هذه الأهمية، ومع أننا في عصر تتزاحم فيه التقنيات الحديثة، وتكثر المبتكرات التكنولوجية، وسيل المعلومات التي تضخها مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها. وتصبح وسط كل هذه الحاجة ماسة لمهارة التفكير النقدي، إلا أن ما نلاحظه أن معظم الفصول الدراسية، تقوم آلية التعليم فيها على المعلومة الواحدة، أو الإجابة النموذجية الجاهزة، والدرس ينتهي باستفهام، بمجرد الإجابة تنتهي مهمة الطالب، ومع مثل هذه الطريقة، نفقد حواس ومهارات الطالب في التفكير، فهو لا يشكك، ولا يناقش، ولا يربط بين ما يتعلمه وما يعيشه، وما يجده على أرض الواقع.

هذا الغياب لعملية التفكير النقدي، في الأجيال الحالية والقادمة، يسبب حالات من إنتاج طلاب لا يناقشون، ولا يسألون، وبالتالي، يسهل التأثير فيهم.
إذا استحضرنا تجارب من مجتمعات أخرى، كان للتفكير النقدي، حضور قوي، مثل فنلندا، اليابان، كندا، ونحوها، نجد أنهم نجحوا في دمج التفكير النقدي في مراحل مبكرة من التعليم، وذلك عبر الحوار والنقاش، ومن خلال المشاريع البحثية، أو بمهام تحليل القضايا اليومية. وبالتالي، الطالب ليس جامعاً أو مكاناً لجمع المعلومات، بل شريك في صناعة المعرفة.
مع هذه التطورات التي نعيشها، ومع وجود نماذج ناجحة في مجالات تعليمية حديثة، نحتاج إلى مراجعة طرائق التدريس، وأن نضع هدفاً رئيسياً وهو أن نعلم أبناءنا، كيف يفكرون، وليس بماذا يفكرون فقط؟…

متابعات

إقرأ ايضا

اخترنا لك
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى