تشهد ليبيا مؤخرا موجة كبيرة من التغيرات المناخية، شملت ارتفاعا غير مسبوق في درجات الحرارة مصحوبة برياح وعواصف، مع ندرة الأمطار بشكل ملحوظ.
وقالت بعثة الاتحاد الأوروبي إن ليبيا تعد من أكثر دول العالم تضررا من آثار التغير المناخي والاحترار العالمي، داعية إلى سرعة التخطيط للتخفيف من آثار هذه التغيرات الشديدة وعواقبها على البلاد.
كما حذرت من موجات جفاف وحرائق وندرة في المياه وارتفاع منسوب مياه البحر، وفيضانات وعواصف وتراجع في التنوع البيولوجي، فضلا عن تحديات في الزراعة.
وانخفض منسوب الأمطار في ليبيا بعد أن كانت تستقبل نحو ملياري متر مكعب من المياه سنويا، ليتراجع بنسبة تزيد على 75 بالمئة بعد رصد 400 مليون متر فقط مخزنة داخل السدود.
كما نشر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بحثا بعنوان “تغير المناخ يهدد التنمية الاقتصادية والاستدامة في ليبيا”، حذر فيه من خطورة التغافل عن الخطر المناخي الذي يواجه البلاد.
وقال البحث إن ليبيا إحدى أكثر دول العالم جفافا، حيث الطلب على المياه أكبر بكثير من إمداداتها المتجددة، كما أن الزيادات المتوقعة في درجات الحرارة وكذلك ارتفاع مستوى سطح البحر وزيادة حدوث الظواهر المناخية المتطرفة تثير المخاوف، وسط تهديدات بنفاد موارد المياه وغرق المجتمعات الساحلية وتراجع الإنتاج الزراعية، مما يزيد من انعدام الأمن الغذائي.
وأضاف البحث إن مشروع النهر الصناعي الذي يوفر معظم حاجات ليبيا من المياه يحصل على إمداداته من المياه من طبقات المياه الجوفية غير المتجددة التي لا يمكن إعادة تغذيتها بالمطر، كما أن الهجمات المتكررة على النظم الرئيسية للنهر تهدد الأمن المائي للبلد بأكمله، وتعرض الملايين لخطر فقدان المياه الصالحة للشرب”.
وأشار إلى أنه “مع تعرض سكان ليبيا لهذه التغيرات من دون وضع حلول جذرية، ستكون البلاد على موعد مع ضرر مستمر لنظام المياه يهدد صحة السكان ومستويات النظافة ويزيد من خطر انتشار الأوبئة والأمراض المعدية”.
وختم المكتب بحثه بأن “الأحداث التي تشهدها ليبيا جعلت المزارعين (خط الدفاع الأول ضد التغيرات المناخية) يتركون أراضيهم، مما أدى لفقد الغطاء النباتي اللازم لتقليل الانبعاثات الكربونية المؤدية للتغيرات المناخية، حيث إن 95 بالمئة من الأراضي الليبية الآن أصبحت صحراء”.
وقال الناشط البيئي الليبي عبد السلام الفايدي، إن العمل البيئي في البلاد “غير حاضر بالمرة، رغم التحذيرات التي أكدت أن ليبيا من أكثر الدول التي ستواجه التغيرات المناخية وتبعاتها”.
وأضاف الفايدي أن هناك عوامل طبيعية وبشرية مسببة للتغيرات المناخية معظمها مرصود في ليبيا، مثل التذبذب الحراري في مياه البحار والنشاط البركاني وتزايد تركيزات غازات الاحتباس الحراري، وتغير الدورة العامة للرياح، فضلا عن اختفاء الغطاء النباتي في البلاد وتراجع مساحة الغابات التي كانت تمتص بشكل كبير الملوثات المسببة للتغيرات المناخية”.
وأوضح أن السواحل الليبية بالفعل تأثرت بالتغيرات المناخية بسبب الأنشطة البشرية المضرة، وعدم العناية بها وتركها فريسة لجرف الرمال والتآكل.
وأشار إلى أن “هناك أيضا تغيرات مناخية في درجات الحرارة والضغط الجوي والرياح والرطوبة وكم الأمطار، وهذه التغيرات ساهمت بشكل كبير في أضرار أصابت التربة الصالحة للزراعة”.
واقترح الفايدي مجموعة من الإجراءات لمواجهة هذه التغيرات، على رأسها ضرورة توفير غطاء نباتي كبير في المدن التي تشهد تغيرات في درجات الحرارة بنظام الغرس المباشر، مع وضع برامج رعاية لها.
وأضاف: “من الضروري أيضا إزالة التعديات من على النهر الصناعي، المصدر الأول لمياه الشرب في ليبيا، للاستفادة من كل قطرة تنتج منه، مع تطوير الموارد المائية والاستفادة منها وتأهيل السدود أيضا لحفظ المياه من دون تسريب”.
وأشار أيضا إلى ضرورة الاعتماد على الطاقة المتجددة وترك الطاقة التي تضر بالبيئة، مع التوجه لاستخدام السيارات التي تعمل بالغاز والكهرباء، مؤكدا أهمية التعاقد مع شركات أجنبية لتدوير المخلفات بشكل آمن لحماية البيئة، مع وضع برامج حماية أيضا للسواحل الليبية البالغ طولها نحو ألفي كيلومتر”.
متابعات