قال الفنان العماني، طالب محمد البلوشي، الذي شارك في فيلم “حياة الماعز”، إنه “غير نادم” على المشاركة في العمل الذي أثار ضجة كبيرة وغضبا في السعودية، ولعب فيه دور سعودي يتعامل مع عامل هندي بمنتهى القسوة فيما يشبه الاستعباد.
وفي مقابلة مع “إذاعة هلا إف إم” العمانية أوضح البلوشي أن العمل الذي شارك فيه عمل كبير وجميل، مشيرا إلى أنه يطمح إلى الوصول إلى العالمية.
وقال البلوشي “أنا عمري اليوم 65 سنة، ما أعتقد في فنان لا يتمنى أن يصل للعالمية، أسعى لأصل لهوليوود”.
واتهم الممثل من وصفهم بالذباب الإلكتروني باستغلال العمل الفني لتحقيق “مآربهم الشخصية”.
“حياة الماعز” وبالإنجليزية “The Goat Life”، و “أدوجيفيثام” باللغة المالايامية، التي يتحدثها سكان ولاية كيرلا في الهند حيث ينحدر بطل القصة، هو اسم الفيلم المنبثق عن رواية للكاتب الهندي بنجامين، نشرت بعنوان “أيّام الماعز” عام 2008.
ولم تثر الضجة الأكبر حوله مع بداية عرض الفيلم في مارس، ولا مع إتاحته على منصة نتفليكس في يوليو الماضي، إلا أن صدور الترجمة العربية له في أغسطس الجاري، رفع من نسب مشاهدته في الدول العربية، وأطلق العنان لردود أفعال أوسع، جعلت الفيلم حديث مواقع التواصل الاجتماعي في الخليج العربي على مدى الأيام الماضية.
وانتقد البعض الممثل العماني لقبوله المشاركة في العمل لكن البعض سانده واعتبر ما قام به في إطار عمله كممثل
وبالإضافة إلى نظام الكفالة السعودي، أثار الفيلم انتقادات واسعة لناحية ما وصف بالإساءة للعرب بشكل عام، ولشخصية الرجل البدوي السعودي، الذي تم تصويره على أنه “جشع قاس، بخيل ومحتال وقذر”، حيث يصف “نجيب” كفيله، الذي أدى دوره البلوشي، في إحدى المشاهد على أنه رجل “لم يلمس الماء جسده منذ سنوات، نتن يستحم ببوله وعرقه”، وهو ما وصف بأنه تنميط مسيء للبدو والعرب بشكل عام، وأثار انتقادات للبلوشي نفسه ولقبوله “الدور المسيء”.
و أثار الفيلم الهندي “حياة الماعز” الذي عرض على نتفلكس ضجة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب قصته التي أغضبت الكثيرين وخاصة السعوديين لما يتناوله من أحداث وصفوها بالمسيئة لهم بسبب نظام الكفيل.
ويعرف نظام الكفيل في السعودية؛ هو أن يجلب صاحب عمل ما، عاملا ويكون هو كفيله ومسؤول عنه وعن إقامته وكل تفاصيله.
ولعلمه بأن الفيلم سيحدث جدلا وربما مشاكل مع السلطات السعودية، وضع المخرج في مقدمة الفيلم ملاحظة تقول إن “الفيلم لا يقصد الإساءة لأي بلد أو شعب أو مجتمع أو عرق”.
ومع ذلك أثار الفيلم الهندي موجة جدل واسعة بين النقاد، ورواد مواقع التواصل الاجتماعي الخليجيين، بين معترض على طريقة طرح فكرة نظام الكفالة في المملكة العربية السعودية، وآخرون رأوا أنه عمل إبداعي يندرج تحت عنوان حرية الإبداع ولا يعبر عن الواقع.ويروي الفيلم قصة لشخص اسمه (نجيب)، شاب هندي سافر إلى السعودية بحثا عن عمل ليجد نفسه أمام شخص سعودي ادّعى أنه كفيله وأخذه إلى الصحراء ليرعى الغنم، حيث عاش هناك لسنوات في الصحراء مجبرا ولا يستطيع الفرار.قصة الفيلم تعتبر تجسيدا لقصة حقيقية بطلها مواطن هندي يحكي ما تعرض له من مآسٍ بشعة أثناء رحلة عمله في المملكة العربية السعودية على يد ما يعرف باسم الكفيل والذي جسد دوره الفنان العُماني طالب البلوشي.
قصة مستوحاة من محنة حقيقية
أدوجيفيثام هو فيلم باللغة المالايالامية الهندية، يصور محنة فقراء الهند الذين يسعون لطلب الرزق في الشرق الأوسط، وقد حاز اهتمام حشود من المشاهدين في دور السينما.
وكلمة “أدوجيفيثام” تعني “حياة الماعز”، وهو اسم مقتبس من الكتاب المالايالامي الأكثر مبيعاً لعام 2008، وهو من بطولة بريثفيراج سوكوماران الذي يلعب دور (نجيب)، المهاجر الهندي إلى السعودية، الذي اختُطِف واستُعبِد ليعمل راعيا للغنم في الصحراء.
والقصة مستوحاة من محنة حقيقية لرجل يحمل نفس الاسم، اختُطف في البلاد في التسعينيات، وتمكن من الفرار بعد عامين.
وقد أصبحت الرواية المثيرة حجر االزاوية الثقافي في ولاية كيرالا جنوبي الهند التي تتحدث اللغة الماليالامية، حيث صدرت منها الطبعة الـ 250 هذا العام، وحازت إشادة واسعة النطاق، كما أثارت نقاشاً حول قسوة حياة المهاجرين في الخليج.
وبلغ من نجاح الفيلم الذي تبلغ مدته ثلاث ساعات، أن حقق في الأسبوع الأول من طرحه أكثر من 870 مليون روبية (أي ما يعادل 8.23 مليون جنيه إسترليني، أو 10.4 مليون دولار) في جميع أنحاء العالم.
ما قصة الفيلم؟
في الفيلم، يظهر (نجيب) معزولا عن العالم، وحيدا مع سيده وحيواناته، يكتوي بالحرارة الشديدة في صحراء قاسية، على بُعد أميال من أقرب طريق، دون أن يتمكن من الوصول إلى هاتف أو ورقة أو قلم للكتابة، ودونما صديق، يشرب الماء من نفس الحوض الذي تشرب منه حيواناته.
يتوسل (نجيب) في مشهد مؤثر يمزق القلب، والدموع تنهمر على وجهه وهو يحكي كيف باع كل شيء وغادر عائلته، كل ذلك سعيا وراء وظيفة موعودة؛ لكن كلماته باللغة المالايالامية لم تجد صدى لدى رئيسه الذي لا يتحدث سوى العربية.
وجدير بالذكر أن نحو مليوني هندي و100 ألف من ولاية كيرالا يعيشون في الخارج، هاجر منهم ما يقرب من 90 في المئة إلى دول الخليج، متأثرين بالعلاقة طويلة الأمد التي امتدت لأكثر من خمسة عقود، والتي تربط الولاية بالبحرين والكويت وعُمان وقطر والسعودية والإمارات في شبه الجزيرة العربية.
والعديد من هؤلاء العمال ينحدرون من أسر فقيرة كادحة، تعيش في ظل نظام الكفالة في هذه البلدان، الذي يضمن للكفيل السيطرة التامة على إقامتهم وتحركاتهم.
يقول (نجيب) الحقيقي: “لقد غادرت كيرالا في عام 1991 مُحملاً بالكثير من الأحلام؛ لكن التجارب التي مررت بها هناك، والسيد الرهيب والحياة بين الماعز، أفقدتني إحساسي بذاتي، وفقدت عقلي”.
وفي عام 2008، حصل المخرج السينمائي (بليسي) على حق تعديل الكتاب، وقال (سوكوماران) بطل الفيلم لبي بي سي، إنه يعتقد أنه كان يعرف كل شيء عن الكتاب عندما سلمه المخرج نسخة منه العام المقبل.
“كنت أعرف كل أحداث القصة، إلى هذا الحد كانت حديث الناس، خاصة في صناعة السينما. ومع ذلك، فقد أذهلتني”.
وأضاف: “من السمات البارزة لهذه القصة هو امتزاج الهويات بين الإنسان والحيوان، فهذا الرجل يفقد هويته ببطء كإنسان، ويصبح واحدا من تلك الحيوانات، لم أقرأ شيئا كهذا من قبل”.
في الفيلم، يتوقف (نجيب) تدريجيا عن التحدث باللغة المالايالامية، ومن وقت لآخر، يُصدر أصواتاً من حلقه شبيهة بأصوات الحيوانات التي يعتني بها.