أول انتخابات في عهد الأمير الجديد.. الكويتيون أمام تحديات “تصحيح المسار”

تسيطر الانتخابات البرلمانية المقبلة على جزء كبير من نقاشات المجتمع الكويتي خلال هذه الفترة، مع اقترابهم من الذهاب لصناديق الاقتراع مجددا، يوم الرابع من أبريل المقبل.
وفي وقت سابق من الشهر الماضي، أغلق باب الترشح لمجلس الأمة الكويتي، بعد أن تقدم 255 مترشحا، من بينهم 14 امرأة، لنيل عضوية البرلمان الجديد، قبل أن يتراجع عدد المتنافسين، الخميس، إلى 200 شخص إثر شطب وانسحاب بعض الأسماء.
ومن بين المرشحين، يبرز اسم رئيس المجلس السابق، أحمد السعدون (89 عاما)، ورئيس المجلس الأسبق، مرزوق الغانم (55 عاما)، بالإضافة إلى نواب سابقين آخرين من بينهم عبيد الوسمي.
ويتألف مجلس الأمة الكويتي من 50 عضوا، موزعين على 5 دوائر انتخابية. ويتم انتخاب 10 نواب عن كل دائرة.
وتتمحور خطابات المرشحين في هذه الأيام حول عدة قضايا، من “القضاء على الفساد” إلى “سحب الجنسيات”، وهي القضية التي أثيرت زوبعتها مؤخرا.
كذلك، ركز بعض المرشحين على المطالب المعيشية للمواطنين وتحسينها، علاوة على آخرين تحدثوا عن ضرورة تطوير الاقتصاد المرتهن أساسا للنفط، كمصدر وحيد للدخل في الدولة الخليجية.
انتخابات على وقع أزمات سياسية
يعتبر اقتراع الرابع من أبريل المقبل، ثامن انتخابات تشريعية منذ عام 2012، بينما لا تزال الدولة الخليجية الغنية بالنفط غارقة في أزمات سياسية متكررة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، تقوّض الآمال في إجراء إصلاحات اقتصادية لمجاراة الدول المجاورة.
الكاتب الكويتي، خالد الطراح، تحدث لموقع “الحرة” منتقدا “نظام الصوت الواحد وتركيبة الدوائر الانتخابية”، قائلا: “لابد من تصحيح الدوائر ونظام الصوت الواحد”.
ورأى أنها “مشكلة عميقة ومتجددة” في الانتخابات الكويتية، على اعتبار أن “كثيرا من المرشحين لا يطرحون برامج انتخابية، بل ينحرفون بالخطاب للفوضوية والغوغائية، لدرجة المساس بالوحدة الوطنية”.
واعتمدت الكويت في أكتوبر 2012 نظاما انتخابيا جديدا بمرسوم أميري، تم من خلاله تعديل قانون الدوائر الانتخابية بخفض عدد المرشحين الذين يحق للناخب انتخابهم من 4 في القانون السابق إلى مرشح واحد فقط. ورغم اعتراضات كثيرة، فإن المحكمة الدستورية أيدت المرسوم الأميري في يونيو 2013.
“خطاب تصحيح المسار”
وخلافا لدول بالمنطقة، تتمتع الكويت بحياة سياسية نشطة، ويحظى برلمانها الذي ينتخب أعضاؤه لولاية مدتها 4 سنوات، بسلطات تشريعية واسعة، ويشهد مناقشات حادة في كثير من الأحيان.
وفي حديث لموقع “الحرة”، قال المحلل السياسي الكويتي، مساعد المغنم، إن “خطاب تصحيح المسار يسيطر على المزاج العام قبيل أيام من الانتخابات”.
وأضاف أن “مزاج الناخب الكويتي هو الأخذ بالخطاب السامي كنبراس لاختياراته، مما يدل على التأثير الذي أوجده هذا الخطاب لدى عامة الناس”.
وفي أول خطاب له أمام مجلس الأمة بعد أدائه اليمين أميرا، وجّه الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، انتقادات قاسية لمجلس الأمة والحكومة معا، لفشلهما في الوفاء بـ”استحقاقات وطنية”، واتهمهما بالإضرار بمصالح الدولة وشعبها.
وقال الشيخ مشعل في كلمته التي ألقاها خلال ديسمبر الماضي: “أكدنا في خطاباتنا السابقة أن هناك استحقاقات وطنية ينبغي القيام بها من قبل السلطتين التشريعية والتنفيذية، لصالح الوطن والمواطنين”.
وتابع: “بالتالي لم نلمس أي تغيير أو تصحيح للمسار، بل وصل الأمر إلى أبعد من ذلك، عندما تعاونت السلطتان التشريعية والتنفيذية واجتمعت كلمتهما على الإضرار بمصالح البلاد والعباد، وما حصل من تعيينات ونقل في بعض الوظائف والمناصب التي لا تتفق مع أبسط معايير العدالة والإنصاف”.
وبعد الخطاب مباشرة، وصف الأستاذ البارز بجامعة الكويت، بدر السيف، على موقع “إكس”، كلمة أمير البلاد بأنها واحدة “من أقوى الخطب التي يلقيها أمير” بعد القسم.
وأضاف أن “الأمر الأكثر أهمية وغير المسبوق، هو التوبيخ الواضح الذي وجهه الأمير للحكومة والبرلمان”.
وأوضح الطراح لموقع الحرة، أن “تسلسل خطابات أمير البلاد منذ أن كان وليا للعهد وألقى خطابا نيابة عن الأمير الراحل في يونيو 2022، كلها تدور في فلك واحد: انتقاد السلطتين صراحة ومطالبة الناخبين بممارسة دورهم”.
وأضاف أن “الحكومة مسؤولة عن تطبيق وترجمة الخطاب ونشر الوعي لدى الناخبين”، من خلال عدة وسائل، من بينها “استعادة وزارة التربية لمنهج التربية الوطنية، مع ضرورة تحديثه نظرا لظهور وسائل التواصل الاجتماعي التي ينتشر من خلالها خطاب الكراهية”.
“القبلية والطائفية”
وتتحكم أسرة آل الصباح الحاكمة في الكويت بمقاليد السلطة، وتوكل إلى أفرادها غالبية الحقائب السيادية بشكل منهجي. إلا أن النواب لا يترددون في مساءلة الوزراء المقربين عادة من أسرة آل الصباح، بشأن ملفات سوء إدارة للأموال العامة أو فساد.
لكن الانتخابات المقبلة، وهي الأولى في عهد الشيخ مشعل كأمير للبلاد، وحكومة رئيس الوزراء الشيخ محمد صباح السالم، لا يغيب عنها أيضا التصويت بناء على القبيلة أو الطائفة، وهي سمة بارزة في كل اقتراع بالكويت.
وقال المغنم إن “بعض الدوائر الانتخابية تعتمد بشكل كامل على الأصوات القبلية والطائفية”. ومع ذلك، يعتقد المحلل السياسي الكويتي أن “تغييرا بدأ”.
وأوضح: “في عملية اختيار المرشح، قد نجد صوتا يذهب لمرشح من غير طائفته أو قبيلته.. هناك بصيص من الأمل بالتغيير في آلية الاختيار”.
لكن المرشح الفائز بناء على أصوات جاءت من قبيلته أو طائفته يظل “ذو كفاءة”، حسبما قال المغنم، الذي أشار إلى أن الحكومة “نجحت في الحد مما يسمى في الكويت بالفرعيات”.
و”الفرعيات” هي قضية إقامة انتخابات فرعية في أماكن خاصة داخل دوائر انتخابية معينة، من قبل أشخاص ليس لهم علاقات بالسلطة، وذلك بهدف ترشيح أحد منهم للانتخابات النيابية.
والأربعاء، باشرت النيابة العامة التحقيق في جريمة تنظيم انتخابات فرعية خاصة بإحدى فئات المجتمع الكويتي، قبل الموعد المحدد لانتخابات أعضاء مجلس الأمة لعام 2024 ضد مرشحين وآخرين.
وأمرت النيابة بحجز متهمين وضبط وإحضار الباقين، وجاري استكمال إجراءات التحقيق، فيما قالت صحيفة “القبس” المحلية إنها “أول جريمة في انتخابات 2024”.
ووفقا للمادة 45 من قانون الانتخابات في الكويت، “يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على 3 سنوات وبغرامة لا تتجاوز ألفي دينار (6500 دولار) أو بإحدى هاتين العقوبتين (…) كل من نظم أو اشترك في تنظيم انتخابات فرعية أو دعا إليها، وهي التي تتم بصورة غير رسمية قبل الميعاد المحدد للانتخاب، لاختيار واحد أو أكثر من بين المنتمين لفئة أو طائفة معينة”.
ويذهب الطراح في اتجاه معاكس عن المغنم، بقوله إن “خطاب كثير من المرشحين قبل الانتخابات يحمل مضامين قبلية وطائفية ومناطقية وعائلية.. وهذه اتجاهات خطيرة على مجتمع دولة صغيرة مثل الكويت”.
واعتبر أن ما يحدث “مجزرة اجتماعية” لما تحمله بعض تلك الخطابات من “سموم اجتماعية” على حد وصفه، منوها بضرورة تدخل الدولة “لمحاربة خطابات الكراهية” ونشر التوعية بين الناخبين.
والأسبوع الماضي، ذكرت وزارة الداخلية الكويتية أنها “تباشر باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق كل من مسّ بالوحدة الوطنية عبر وسائل الإعلام المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعي”، قبل أن تؤكد أنها ألقت القبض على مواطن في هذا الإطار.
«الإعلام الأمني»:
القبض على أحد المواطنين وتسليمه للنيابة العامة وتنفيذ الإجراءات القانونية بحق كل من تعرض بالمساس للوحدة الوطنيةذكرت الإدارة العامة للعلاقات والإعلام الأمني بوزارة الداخلية عن إلقاء القبض على أحد المواطنين وتسليمه إلى النيابة العامة تنفيذاً للقرار الصادر من… pic.twitter.com/IUm2uYWUHr
— وزارة الداخلية (@Moi_kuw) March 25, 2024




