تعيش الأقلية الفولانية أو “شعب الفولان”، التي تنتشر على امتداد 18 دولة أفريقية، وتعتبر مكونًا أساسيًا لا يقل أهمية عن بقية المكونات الاجتماعية والثقافية في القارة السمراء مثل الأمازيغ والعرب وغيرهما، أوضاعًا غير مسبوقة جراء التغيرات الطبيعية والضغوطات البشرية.
وتتركز أنشطة الأقلية الفولانية على الزراعة ورعي الأغنام والبقر، ويتنقلون من موريتانيا غربًا إلى السودان شرقًا، إذ تُقدر منظمات عدد المنتمين إليها بنحو 40 مليون نسمة، يُتقن عدد قليل منهم “اللغة الفلانية”، التي من المفترض أنها لغة الأقلية الفولانية الرسمية.
هاوية الفقر
وقال أومارو غودو وهو مواطن فولاني في نيامي عاصمة دولة النيجر الغرب أفريقية، إن “قبائل الفولان تعيش حاليًا في أوضاع صعبة؛ وذلك بسبب أمور كثيرة، منها: التغير المناخي، تقليص المساحات الخضراء، اتساع مساحة الرقعة الزراعية وكل هذه الأشياء وغيرها أدت بالشعب إلى هاوية الفقر”.
فتاة من قبيلة الفولانيغيتي
وأوضح أن “قبائلنا هم رعاة الماشية ولا يوجد إلا القليل منهم من الذين سكنوا المدن والمناطق الحضرية يمارسون بعض الأنشطة التجارية أو التدريسية أو غير ذلك”.
هناك استيلاء لبعض المزارعين من خارج قبيلة الفولان على الأراضي كلها وهناك تهميش أو فشل من الدولة في حمايتنا
وبشأن التحديات، بين غودو أن “هناك استيلاء لبعض المزارعين من خارج قبيلة الفولان على الأراضي كلها وتهميش أو فشل من الدولة في حمايتنا، علاوة على انتشار الجهل والفقر بيننا بسبب غياب برامج تعليمية مخصصة لنا”.
في حين ذكرت عدة منظمات أن الأقلية الفولانية كانت في السنوات الماضية عرضة لهجمات من قبل الجماعات المسلحة، التي تتنامى أنشطتها خاصة في منطقة الساحل وغرب أفريقيا حيث تنهار الأجهزة الحكومية، حيث قالت الأمم المتحدة سابقًا، إن هجوما نفذته ميليشيا واستهدف أفرادا من الأقلية الفولانية في جمهورية أفريقيا، أدى إلى مقتل نحو 85 شخصًا منها.
فتاة من قبيلة الفولانيغيتي
وفي شهر مارس/آذار من عام 2019، قُتل ما لا يقل عن 115 فردًا من أفراد “قبيلة الفولان” في هجوم لجماعة مسلحة على قرية في وسط مالي.
معاناة غير مسبوقة
وقال المحلل السياسي الفرنسي المختص في الشأن الأفريقي جيروم بونيه، إن “الأقلية الفولانية هي أقلية ضاربة في القدم وهناك اختلاف في تقييم جذورها من قبل المؤرخين والمختصين الأنثروبولوجيين، لكن المؤكد أن هناك جملة من الظروف تدفعهم نحو معاناة غير مسبوقة”.
أصبحت الأقلية الفولانية هدفا للجماعات المتشددة وسط غياب لأية حماية من الدول المركزية
جيروم بونيه
وبين أن “من بين تلك الظروف المناخ، الذي يجعل هذه القبيلة تقبل على ترحال غير مسبوق بحثا عن المراعي والمياه بالنظر إلى أنشطتهم الزراعية والفلاحية بالأساس”، لافتا إلى أن “هناك الهجمات التي تستهدفهم، فبعد أن تمكن أفراد القبيلة من العيش بسلام شرق وغرب ووسط القارة على مدار عقود، لكنهم اليوم أصبحوا هدفا للجماعات المتشددة وسط غياب لأية حماية من الدول المركزية”.
الأكثر شعبية
واعتبر المحلل السياسي النيجري محمد الحاج عثمان، أن “القبيلة الفولانية تعد من أكثر القبائل شعبية في القارة الأفريقية، إذ لا يوجد دولة إلا ونجد فيها بصمات ووجود لبعض الأشخاص الذين ينتمون إليها فهي الأكثر انتشارا في القارة”.
ثلاثة رجال من الفولاني يبيعون الأقمشة التقليدية على طريق في سيفاري، ماليرويترز
وأضاف لـ”إرم نيوز”، أنه “مع مرور الزمان أصبح يكثر وجودها في الريف بدلا من المدن؛ لأنها قبيلة الفلاحين والرعاة وهم يتمسكون بالرعي كمورد رزق ونشاط أساسي يجعلهم ينتقلون من مكان إلى آخر”.
وأشار عثمان إلى أنه “نلاحظ أن هذه الأقلية ما زالت متشبثة بهذه الأنشطة، وإن كان عدد قليل منهم قد دخلوا المدن وتزوجوا منها، وعدد كبير من السكان ينتمون لقبيلة الفولان ومع ذلك لا يتحدثون باللغة الفلانية وهي لغتهم الأصلية”.
متابعات