هل وصلنا إلى مرحلة “الغليان العالمي” وماذا يعني ذلك؟

“الغليان العالمي”، هو الوصف الذي أطلقه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، على الطقس الحار المتطرف الذي يشهده العالم والارتفاع القياسي في درجات الحرارة العالمية التي سجلها شهر يوليو الجاري، ما دفعه للقول “انتهى عصر الاحترار المناخي العالمي، حلّ عصر الغليان العالمي”.
تصريحات غوتيريش جاءت في مؤتمر صحفي عقده، الخميس، في مدينة نيويورك، تزامن مع صدور تقرير للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية بالاشتراك مع خدمة “كوبرنيكوس”، رجح أن يكون شهر يوليو 2023 “أكثر الأشهر سخونة على الإطلاق”، ما أثار قلقا عالميا.
ووفق ما نقل موقع الأمم المتحدة عن مدير خدمة “كوبرنيكوس” لمراقبة تغير المناخ، كارلو بونتيمبو، فإن درجات الحرارة المسجّلة في شهر يوليو كانت “استثنائية” إلى حد أن العلماء “واثقون بأن الأرقام القياسية قد تم تجاوزها حتى قبل نهاية الشهر”، مضيفا أن هذه الدرجات “قد تكون قياسية حتى منذ نحو مئة ألف عام” وذلك بناء على بيانات مناخية غير مباشرة مثل حلقات الأشجار وما يحفظه الجليد.
وأكد غوتيريش أن هذا الواقع يتناسب مع التوقعات والتحذيرات المتكررة، لكن المفاجأة الوحيدة المسجلة هي “سرعة التغير”، قائلاً إن “تغير المناخ صار هنا، وهو مرعب وهذه مجرد البداية”، داعيا إلى اتخاذ إجراءات سريعة وقوية لوضع حد للانبعاثات المسببة لارتفاع حرارة الأرض.
كما وصف الصيف الحالي بأنه “كارثة على الكوكب بأسره، حيث سيكون “قاسياً” بالنسبة لأجزاء شاسعة من أميركا الشمالية وأفريقيا وأوروبا.
وأثارت تصريحات غوتيريش مخاوف عالمية لناحية المرحلة الراهنة التي يشهدها الكوكب لناحية ارتفاع درجات الحرارة، لاسيما وأن كلامه أوحى بانتقال للعالم من مرحلة إلى أخرى، أكثر قسوة وخطورة، وهو ما فرض البحث عن مصطلح “الغليان العالمي”، وأساسه العلمي، وما يعنيه من انعكاسات على حياة الناس.
إلا أنه وبحسب ما تؤكد مديرة مشاريع تغير المناخ الخاصّة ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي لدى وزارة البيئة في لبنان، ليا قاعي، ليس هناك ما يسمى مرحلة “الغليان العالمي” علمياً.
مؤكدة في حديثها لموقع “الحرة” أن ما يشهده العالم اليوم هو التغيير المناخي، أو ما يسمى بـ “الاحترار العالمي”، ولكن ليس “الغليان العالمي”.
وتضيف “لا أعتقد اننا انتقلنا هذا العام من مرحلة معينة إلى أخرى تسمى الغليان العالمي، كما يحكى”، فالأمر “لا يجري بين يوم وآخر، وإنما يحصل بشكل تصاعدي توضحه الداتا، حيث تظهر أن كل عام يكون أعلى حرارة من العام الذي يليه، وبالنظر إلى ما سجل قبل عقود يتضح الفارق”.
وتبين قاعي أن العالم لا يعيش مرحلة “غليان” بالمعنى العلمي للكلمة، فهي ليست المرة الأولى التي تشهد موجات حر، وفي المقابل أيضا سيكون هناك موجات برد قاسية، معتبرة أن هذه الموجهات المتطرفة “هي الترجمة الفعلية للتغير المناخي”.
وبحسب قاعي فإن هذا المصطلح لا يزال جديدا جدا، منذ أيام، وبالتالي لا يزال غير مستخدم علميا، “ولا أعلم إذا ما كان سيصبح متداولاً مع الوقت للتعبير عن التغيير المناخي الذي نعيشه.”
يؤكد على ذلك كل من رئيس حزب البيئة العالمي، ضومط كامل، والمدير التنفيذي للمركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، جواد الخراز، في حديثهما لموقع “الحرة”.
يرى الخراز أن استخدام الأمين العام للأمم المتحدة لهذا المصطلح كان في سياق “التعبير الأدبي” عما وصل إليه العالم لناحية الاحتباس الحراري والاحترار المناخي المستمر منذ عصر الثورة الصناعية، مع ارتفاع نسب الكربون إلى مستويات غير مسبوقة في التاريخ، “وأدى إلى ما نعيشه اليوم”.
مؤكداً على أن الأمين العام للأمم المتحدة “يقوم بدوره في هذا الشأن”، عبر دق ناقوس الخطر وتنبيه الدول إلى الواقع القائم من أجل ضمان اتخاذ إجراءات فورية وسريعة.
من جهتها تشدد قاعي على أن كلام غوتيريش عن “الغليان العالمي”، وإن لم يكن توصيفا علميا، إلا أنه يهدف للتحذير من الخطر القائم، “كما يفعل بشكل مستمر”.
وتلفت إلى أنه في السنوات الماضية، استخدم الأمين العام للأمم المتحدة أكثر من مرة مصطلح “إنذار أحمر” أو “حالة تأهب قصوى” في سياق توصيفه لأزمة المناخ، “وهذا لا يعني أننا سنموت غدا” وإنما لدفع الدول من أجل التحرك السريع وتقديم التزامات بشأن التغير المناخي تكون طموحة أكثر، لأن التزامات الدول النامية حتى اليوم “ليست كافية”.




