كشف تقرير لوكالة بلومبرغ، أن مجموعة فاغنر العسكرية الروسية ستحتفظ بجزء من أعمالها في قارة أفريقيا، وذلك على الرغم من محاولة التمرد الفاشلة التي نفذها قائم المجموعة يفغيني بريغوجين.
ونقلت الوكالة عن مصدرين مطلعين على المناقشات التي دارت خلال الاجتماع بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقادة فاغنر نهاية الشهر الماضي، أن الكرملين سيسمح لبريغوجين بالحفاظ على بعض عملياته المكثفة في أفريقيا، في ظل سعي روسيا لتعزيز نفوذها في القارة الغنية بالموارد.
وقال أحد المصدرين اللذين رفضا الكشف عن هويتهما لحساسية الموضوع، إن الطرفين توصلا لاتفاق يقضي باستمرار عمليات فاغنر في جمهورية أفريقيا الوسطى.
يأتي ذلك بعد إعلان الكرملين، الاثنين، عن تفاصيل لقاء جمع بوتين بنحو 35 قائدا من فاغنر وعلى رأسهم بريغوجين يوم 29 يونيو الماضي، أي بعد خمسة أيام من التمرد الفاشل.
وقال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، إن اللقاء استمر لمدة 3 ساعات، واستعرض فيه بوتين مع القادة التمرد المسلح والقتال الدائر في أوكرانيا.
وقال بيسكوف: “عرض القادة روايتهم لما حدث في 24 يونيو، وأكدوا أنهم مؤيدون بشدة لرئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة وأنهم جنوده الذين يواصلون القتال من أجل الوطن”.
نقلت بلومبرغ عن مصدر آخر مقرب من الكرملين، أنه بعيدا عن أفريقيا الوسطى، كان بوتين يقيّم خياراته ومن المرجح أن ينتهي الأمر بالسماح لفاغنر بالاستمرار في عملياتها بأفريقيا والتي تعتمد عليها المجموعة في تمويل أنشطتها، لكن ستكون عملياتهم تحت إدارة مباشرة من موسكو.
وقال الخبير السياسي المقرب من الكرملين، سيرغي ماركوف: “ستبقى فاغنر في أفريقيا بالتأكيد”، مضيفًا أن القرار الذي ينتظر تحديده هو من الشخص الذي سترفع إليه المجموعة تقاريرها، سواء بريغوجين أم شخص آخر من الأوليغارش في روسيا.
ذكرت وكالة فرانس برس، الجمعة، أن عددا غير معروف من مقاتلي فاغنر غادر جمهورية أفريقيا الوسطى في الأيام الأخيرة، لكن الحكومة نفت هذه المعلومات بشدة.
وقال مصدر فرنسي مطلع على الملف لوكالة فرانس برس “يبدو أن هناك مغادرة. إنهم يخفضون عددهم. قد يكون هذا مزيجا من الصعوبات الحالية التي تواجهها فاغنر ودفتر شيكات (الرئيس فوستين أرشانج) تواديرا المحدود”.
ونقلت الوكالة عن فيديل غواندجيكا، أحد مستشاري الرئيس، قوله “تعاقدت روسيا من الباطن مع فاغنر، إذا لم تعد روسيا على اتفاق مع فاغنر سترسل إلينا مجموعة جديدة”.
وأكّد مصدر أمني خارجي لوكالة فرانس برس “هناك تحركات لطائرات، ومواقع أخليت. ليس لدي قوائم للوحدة لكننا رأينا قوائم بالطائرات التي أقلعت من ناقلة جنود روسية من طراز إليوشين-76”.
ويستخدم هذا الطراز من الطائرات بانتظام منذ العام 2018 لنقل مقاتلي فاغنر من بانغي وإليها.
توسعت فاغنر في أفريقيا بداية عام 2017، وبالتحديد في دول مثل ليبيا والسودان ومالي وجمهورية أفريقيا الوسطى.
استهدفت المجموعة دولا تشهد اضطرابات أمنية وبعضهم مستعمرات سابقة لفرنسا تحكمها حكومة تشهد ضعفا بعد تراجع الوجود العسكري الفرنسي، بحسب صحيفة “وول ستريت جورنال”.
ظهرت فاغنر في جمهورية أفريقيا الوسطى عام 2018، لتعمل على حماية كبار الشخصيات في البلاد بجانب المناجم، وطورت المجموعة بعض مناجم الذهب بعدما كانت تعمل بطرق بدائية، واستفادت المجموعة من المناجم التي تدر أموالا طائلة.
وفي ليبيا، تشير صحيفة نيويورك تايمز، إلى أن المجموعة كانت ضمن القوات الداعمة للهجوم الفاشل من قبل قوات شرق ليبيا التابعة لخليفة حفتر، الذي استهدف العاصمة طرابلس.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين غربيين أن الآلاف من مقاتلي فاغنر يتمركزون في أربعة مواقع في ليبيا بالقرب من الحقول النفطية.
السودان أيضا يشهد وجودا لفاغنر، حيث تمتلك امتيازات للتعدين في مناجم الذهب، كما دعمت المجموعة الرئيس السابق عمر البشير خلال الانتفاضة التي أطاحت به عام 2019.
وطالما أبدت واشنطن مخاوفها بسبب دور فاغنر في أفريقيا، وأعرب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في أبريل الماضي، عن قلق واشنطن العميق من انخراط المجموعة العسكرية في الصراع الدائر في السودان.
وقال بلينكن: “لدينا قلق عميق بشأن انخراط مجموعة فاغنر في السودان ودول أخرى كثيرة في أفريقيا”.