دعا المرشد الإيراني الأعلى، علي خامنئي، إلى “محاربة الفساد” في السلطة القضائية، حيث لا يزال العديد من المتظاهرين في السجون.
وقالت الإذاعة الوطنية العامة الأميركية (إن بي آر) إن “هجوم” خامنئي علنا على القضاء هي “خطوة غير عادية في البلاد”.
وتأتي هذه التصريحات في الوقت الذي تتواصل فيه حملة القمع ضد الأشخاص الذين خرجوا في الاحتجاجات التي اندلعت في البلاد، العام الماضي، بعد وفاة الشابة، مهسا أميني، البالغة من العمر 22 عاما.
وشهدت إيران حركة احتجاجية بعد وفاة أميني، في 16 سبتمبر عام 2022، بعد ثلاثة أيام من اعتقالها من قبل شرطة الأخلاق التي اتهمتها بخرق قواعد اللباس الصارمة، لا سيما ارتداء الحجاب.
وهذه الحركات الاحتجاجية، التي هزت السلطات الدينية في البلاد وأسفرت عن سقوط مئات القتلى وآلاف المعتقلين في السجون، تراجعت خلال الأشهر الأخيرة لكنها ما زالت مستمرة بشكل متقطع.
وجاءت تصريحات المرشد الإيراني الأعلى بعد لقائه، الثلاثاء، مسؤولين قضائيين، بما في ذلك رئيس السلطة القضائية، غلام حسين محسني إيجائي.
وقال خامنئي إن “محاربة الفساد داخل وخارج السلطة القضائية هي من مهمة القضاء”، مضيفا أن هناك “أقلية من القضاة وكادر السلطة القضائية تشوه عمل وصورة هذا القطاع على الرغم من أن هناك غالبية عظمى من القضاة والموظفين الشرفاء والنبلاء”، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الرسمية (إرنا).
وأكد أن أي “اضطراب أو خطأ” في “إحدى الركائز الأساسية في قيام الجمهورية الإسلامية”، يمكن أن يؤدي إلى “اختلالات أخرى يكون تأثيرها واسعا وعلى النظام برمته”.
وطالب خامنئي السلطة القضائية بالتعامل مع الناس بـ “روح وأخلاق عالية، لأن الهدف الأساسي هو مساعدة وتسهيل أعمال أولئك الاشخاص الذين يلجؤون إلى القضاء لحل مشاكلهم وقضاياهم”.
ولم يشر خامنئي إلى حقيقة أن المحاكم الإيرانية ليست مستقلة، بل تخضع لسيطرة صارمة من القضاء، الذي يتم تعيين قيادته من قبل المرشد الأعلى ذاته، بحسب “إن بي آر”.
إصلاحات مرتقبة
ولطالما انتقدت منظمات حقوق الإنسان القضاء الإيراني، ولا سيما أحكام الإعدام المستمرة التي يصدرها. وخلال الأشهر الخمسة الأولى، في عام 2023، أعدمت إيران حوالي 307 أشخاص وهو رقم يزيد بنسبة 75 في المئة عن الفترة ذاتها، من عام 2022، بما في ذلك سبع عمليات إعدام لمتظاهرين مرتبطين بالحركة الاحتجاجية الأخيرة.
وتحتل إيران المرتبة الثانية عالميا بعد الصين في أعداد أحكام الإعدام المنفذة، وفق منظمات غير حكومية معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان، بما فيها منظمة العفو الدولية التي تندد بإجراءات غامضة واعترافات غالبا ما يتم انتزاعها عبر التعذيب.
إلى ذلك، أفاد المرشد الإيراني الأعلى، صاحب القول الفصل في البلاد، بتواجد إصلاحات مرتقبة في النظام القضائي.
وقال إن “وثيقة الإصلاح القضائي قد أعدت قبل عدة سنوات في السلطة القضائية من قبل خبراء قانونيين لهم خبرة وتجربة واجتهادات عالية”، مشددا على أهمية تنفيذ هذه الوثيقة والعمل بها.
وبعد تصريحات خامنئي الأخيرة، اجتمع رؤساء السلطات الثلاث، السبت، في مقر البرلمان.
وبحسب البيان الرسمي الصادر عن اجتماع رئيس البلاد (رئيس السلطة التنفيذية)، إبراهيم رئيسي، ورئيس السلطة التشريعية، محمد باقر قاليباف، ورئيس السلطة القضائية إيجائي، فإن الثلاثة شددوا “على ضرورة اعتماد قانون شامل حول موضوعي العفاف والحجاب بأسرع وقت ممكن”، بحسب وكالة “إرنا”.
وهذه القضية تثير جدلا واسعا في إيران، وهي السبب الرئيسي في اندلاع الحركة الاحتجاجية الأخيرة.
ومنذ الثورة الإسلامية، التي جلبت رجال الدين إلى الحكم عام 1979، ألزم القانون الإيراني جميع النساء بارتداء الحجاب في الأماكن العامة، ولكن عددا متزايدا من الإيرانيات يظهرن حاسرات الرأس، وهو اتجاه تصاعد مع حركة الاحتجاج التي أشعلتها وفاة أميني بعد اعتقالها لدى شرطة الأخلاق.
وكان القضاء والحكومة اقترحا، في مايو، مشروع قانون بعنوان “دعم ثقافة العفة والحجاب” من أجل “حماية المجتمع وتمتين الحياة الأسرية”.
يقترح هذا النص تشديد العقوبات، المالية خصوصا، على أي امرأة “تخلع حجابها في الأماكن العامة أو على الإنترنت”، لكن من دون الذهاب إلى حد السجن.