الجيش السوداني ينشر آلياته الثقيلة في شوارع الخرطوم ويدعو سكانها إلى التزام بيوتهم

دعا الجيش السوداني السكان في العاصمة الخرطوم إلى التزام بيوتهم والابتعاد عن النوافذ، وذلك مع قيامه بنشر دبابات وقطع مدفعية أخرى، على الرغم من وجود هدنة.

وتقول قوات الدعم السريع المناوئة إن الجيش يعمل على توسيع نطاق الصراع من خلال نشر شرطة الاحتياطي المركزي- وهي وحدة مشهورة بوحشيتها ضد المدنيين في الخرطوم – من أجل مد يد المساعدة له.

وقد هزت الغارات الجوية والقصف المدفعي العاصمة الخرطوم السبت مع دخول القتال في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع أسبوعه الثالث، الأمر الذي دفع المزيد من المدنيين إلى الفرار، وتجدد التحذيرات من اتساع نطاق عدم الاستقرار إذا لم تتوقف الحرب.

وبحلول مساء السبت، كانت تُسمع أصوات الاشتباكات العنيفة بالقرب من وسط الخرطوم ومقر الجيش والقصر الرئاسي.

وبسبب القتال الدائر في الخرطوم ومدن سودانية أخرى، نزح الآلاف للنجاة بأرواحهم. وتحذر الأمم المتحدة من أنها ستحتاج إلى الاستعداد من أجل مساعدة مئات آلاف الأشخاص الذين قد يفرون من البلاد.

في هذه الأثناء، تتواصل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى وقف القتال وجمع الطرفين المتحاربين على طاولة الحوار. فقد قالت حكومة جنوب السودان إنها ما تزال تحاول عقد محادثات سلام بين ممثلين عن الطرفين.

وكان مبعوث للأمم المتحدة قد أعطى في وقت سابق بصيص أمل بوقف القتال عندما قال إن الأطراف المتحاربة التي لم تُظهر حتى الآن أي دلالة على القبول بحل وسط باتت الآن أكثر انفتاحاً على المفاوضات- على الرغم من عدم تحديد موعد لذلك.

“كابوس العالم”

رئيس الوزراء السوداني السابق يتحدث إلى الصحفيين في كينيا

من جانبه، دعا رئيس الوزراء السوداني السابق عبدالله حمدوك إلى جهد دولي موحد من إجل إطلاق الحوار بين الطرفين المتحاربين في السودان، قائلاً إنها حرب لا معنى لها لا يمكن لأحد الطرفين كسبها.

وحذر حمدوك من أن الاضطرابات في بلاده قد تصبح أسوأ مما حدث في سوريا وليبيا. وقال إن القتال سيكون “كابوساً للعالم” إذا ما استمر.

خرق لاتفاقيات الهدنة

كانت الهدنة الأخيرة لوقف القتال بين الطرفين ومدتها ثلاثة أيام تنتهي منتصف ليلة الأحد قد تم التوصل إليها الخميس بعد وساطة من الولايات المتحدة والسعودية والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة.

لكن الأطراف المتحاربة في السودان لم تلتزم بهذه الهدنة وباتفاقيات عديدة لوقف إطلاق النار ويلقي كل طرف باللائمة على الآخر في خرق تلك الاتفاقيات.

وقال شاهد في جنوب الخرطوم لوكالة فرانس برس: “استيقظنا مرة أخرى على صوت الطائرات المقاتلة والأسلحة المضادة للطائرات وهي تنفجر في جميع أنحاء حيّنا السكني”.

أشخاص يسيرون وسط الأغراض المبعثرة في سوق مدينة الجنينة غربي دارفور التي قتل فيها 92 شخصاً هذا الأسبوع جراء القتال، بحسب الأمم المتحدة.

وقال شاهد آخر إن القتال لا يزال مستمراً منذ الصباح الباكر، خصوصاً حول مقر هيئة الإذاعة الحكومية في مدينة أم درمان، ثاني أكبر مدن البلاد.

ولازم عدد كبير من السكان في جميع أنحاء الخرطوم، التي يقطنها خمسة ملايين شخص، منازلهم على الرغم من تناقص إمدادات الغذاء والمياه إلى مستويات منخفضة بشكل خطير ووجود نقص في الكهرباء.

ولم يتمكن البعض من التسلل الى خارجها إلا خلال فترات الهدوء القصيرة في القتال، لشراء الإمدادات التي تمس الحاجة إليها.

جهود الإجلاء مستمرة

ولا تزال جهود إجلاء الرعايا الأجانب من السودان متواصلة. فقد قالت الولايات المتحدة إنها أكملت عملية الإجلاء الأولى لمواطنيها، حيث نُقل المواطنون الأمريكيون والأشخاص الحاصلون على الإقامة الدائمة في الولايات المتحدة في قافلة إلى بورتسودان ويقومون بالعبور بالقوارب إلى مدينة جدة السعودية.

وقالت نائبة السكرتير الصحفي للبنتاغون صابرينا سنغ في بيان لها إن وزير الدفاع الأمريكي وافق على طلب بالمساعدة من وزارة الخارجية لدعم المغادرة الآمنة للمواطنين الأمريكيين وأفراد عائلاتهم المباشرين بالطرق البرية.

وأضاف البيان أن الوزارة نشرت عناصر من الاستخبارات والاستطلاع والرصد لدعم طرق الإجلاء الجوية والبرية التي يستخدمها الأمريكيون. وقال إن الهدف كان وسيظل مساعدة أكبر قدر من الأمريكيين على المغادرة بأكثر الطرق الممكنة أماناً.

وأعلنت دولة الإمارات عن وصول طائرة إجلاء إماراتية السبت قادمة من السودان وعلى متنها مواطنون من 16 دولة.

فقد هبطت الطائرة في أبو ظبي وعلى متنها 128 شخصاً ممن تم إجلاؤهم من بينهم بريطانيون وأمريكيون.

مواطنون بريطانيون يسيرون نحو طائرة تابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني، أثناء رحلة إجلاء إلى قبرص، في قاعدة وادي سيدنا الجوية في السودان، 27 أبريل/نيسان 2023.

قالت الحكومة البريطانية إن رحلة الإجلاء الأخيرة للمملكة المتحدة من السودان أقلعت مساء السبت.

وبدأ قرار وقف إطلاق النار الأخير بين الفصيلين المسلحين بالإنهيار، مع استهداف الأحياء بغارات جوية وكذلك بنيران الدبابات والمدفعية.

وحذر الأطباء من أن نظام الرعاية الصحية في السودان على وشك الانهيار، حيث يعاني المدنيون من ظروف مروعة جراء العنف الذي أودى بحياة ما لا يقل عن خمسمائة شخص.

وكانت بريطانيا أجلت حوالى 1500 شخص جواً هذا الأسبوع وقالت الحكومة البريطانية إن عدد طلبات المغادرة التي تتلقاها قد انخفض.

وتتواصل عمليات الإجلاء الأخرى. إذ غادرت الخرطوم الجمعة، قافلة من الحافلات تقل نحو 300 أمريكي متوجهة إلى بورتسودان. وقيل إنه تم استخدام طائرات مسلحة بدون طيار لمراقبة وحماية القافلة على طول طريقها البالغ طوله 500 ميل.

وأشار آدامز الى أن البلد الذي تركوه وراءهم يتأرجح على حافة الفوضى المطلقة.

وعلى الرغم من الضغوط الدولية لتمديد الهدنة الأخيرة غير المكتملة، يبدو أن احتمال أي حوار أوسع بين الفصائل المتحاربة بعيد المنال.

مساعي مصر لوقف القتال

ذكر إخطار من وزارة الخارجية المصرية، بأنه تم تأجيل لقاء وزير الخارجية المصري سامح شكري، مع المبعوث الخاص لمجلس السيادة السوداني، السفير دفع الله الحاج علي، إلى موعد لاحق لم يحدد بعد.

ولم يشر إخطار الوزارة إلى أسباب تأجيل اللقاء.

وكان من المفترض أن يلتقي شكري، السفير الحاج، السبت، في إطار السعي المصري لوقف القتال بشكل مستدام في السودان.

وكانت وزارة الخارجية المصرية، أعلنت أنها نجحت في إجلاء نحو 6400 مواطناً مصرياً جوياً، حيث قامت القوات المسلحة المصرية بتنفيذ 27 رحلة جوية لإجلاء مواطنيها في السودان على مدار الأيام الماضية.

وأعلنت الوزارة، السبت، أن نقاط التجمع والإجلاء للمصريين ستكون في بورتسودان “للإجلاء البحري” بالإضافة إلى المعابر البرية “قسطل وأرقين”.

وكانت وزارة الخارجية المصرية قد أعلنت أنها نقلت أعضاء البعثة الدبلوماسية والقنصلية التابعة للسفارة المصرية في الخرطوم إلى موقع آخر لم تعلن عنه لمتابعة تنفيذ خطة إجلاء مواطنيها في السودان.

تبادل اللوم

مطار

ودخل السودان في حالة من الفوضى وانعدام القانون منذ اندلاع القتال في 15 أبريل/نيسان بين القوات الموالية لقائد الجيش عبد الفتاح البرهان والرجل الثاني محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي، الذي يقود قوات الدعم السريع شبه العسكرية.

ومع احتدام المعارك على الأرض، تصدى الجنرالان المتنافسان لبعضهما البعض في وسائل الإعلام، حيث وصف البرهان قوات الدعم السريع بأنها ميليشيا تهدف إلى “تدمير السودان”، في مقابلة مع قناة الحرة التلفزيونية الأمريكية.

كما زعم أن “مرتزقة” يتدفقون عبر الحدود من تشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى والنيجر لاستغلال الفوضى.

وأسفرت الاشتباكات حتى الآن عن مقتل ما لا يقل عن 512 شخصاً وإصابة 4193 آخرين، وفقاً لوزارة الصحة السودانية، ويُخشى أن يكون عدد القتلى أعلى من ذلك بكثير.

وقالت الأمم المتحدة إن نحو 75 ألفاً نزحوا داخلياً بسبب القتال في الخرطوم وولايات النيل الأزرق وشمال كردفان، بالإضافة إلى منطقة دارفور المضطربة بغرب البلاد.

وفر عشرات الآلاف من السودانيين إلى دول مجاورة، بما في ذلك مصر وإثيوبيا وتشاد وجنوب السودان، في حين نفذت دول أجنبية عمليات إجلاء جماعية لمواطنيها

وأشارت الأمم المتحدة يوم الجمعة إلى أنه تم إجلاء آخر موظفيها الدوليين من دارفور.

وقالت المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، رافينا شمداساني، إن 96 شخصاً على الأقل قتلوا في مدينة الجنينة في ولاية غرب دارفور منذ يوم الاثنين.

وصفت الأمم المتحدة الوضع في دارفور بأنه “مقلق”، في حين قالت منظمة “أطباء بلا حدود”، إن هناك تقارير عن انتشار النهب والتدمير وحرق الممتلكات، بما في ذلك في مخيمات النازحين.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى