أكدت القوات المسلحة السودانية التزامها بمجريات العملية السياسية الجارية، والتقيد الصارم والتام بما تم التوافق عليه في الاتفاق الإطاري، متهمة البعض بمحاولة المزايدة على مواقفها بشأن العملية السياسية ووصفتها بـ”محاولات مكشوفة للتكسب السياسي”، وذلك بالتزامن مع انطلاق ورشة العدالة الانتقالية.
ويأتي ذلك بعد الجدل المثار مؤخرا بشأن موقف القوات المسلحة من الاتفاق الإطاري وتسليم السلطة لحكومة مدنية تمهد لانتخابات عامة بنهاية المرحلة المحددة بعامين.
وقال المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة العميد نبيل عبدالله، في بيان مسجل اليوم السبت “تؤكد قواتكم المسلحة وقيادتها، التزامها بمجريات العملية السياسية الجارية، والتقيد الصارم والتام بما تم التوافق عليه في الاتفاق الإطاري”.
ويطالب قادة الجيش بإنفاذ اشتراطات تضمن توسعة مظلة المشاركة للاستمرار في العملية السياسية التي ترعاها جهات دولية، ما عدّه البعض محاولة للتنصل عن الاتفاق المبرم مع القوى المدنية لتمرير السلطة للمدنيين.
وأبدى بيان الجيش تشددا واضحا إزاء دمج قوات الدعم السريع في الجيش الوطني، نزولا على نصوص اتفاق 5 ديسمبر 2022.
في المقابل، أبدى قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، في عدة تصريحات سابقة، عن عدم ممانعته إدماج قواته في الجيش الوطني، ولكن وفقا لمصفوفة زمنية متفق عليها.
وأوضح البيان أن “القوات المسلحة ظلت، منذ ما يقارب القرن من الزمان، متلاحمة مع شعبها مناصرة لقضاياه حامية لأرضه وعرضه وسمائه وبحره، ومدافعة عن وحدته وأمنه، وإنها تشكلت وتكونت واستمدت قوتها وشرعيتها من صوت وهتاف الشعب السوداني (شعب واحد جيش واحد)”.
وجاء البيان في وقت تشتد فيه الخلافات والحرب الكلامية بين الجيش وقوات الدعم السريع والحرب الكلامية، وآخر ما استجد حديث قائد الدعم السريع، عن خلاف بينهم وبين المتشبثين في السلطة، ومطالبة نائبه الفريق عبدالرحيم دقلو بتسليم السلطة للشعب.
وأشار العميد نبيل عبدالله إلى أن “مزايدة البعض على مواقف القوات المسلحة، وهي أول من بادر بالخروج من العملية السياسية والحديث عن عدم رغبة قيادتها في إكمال مسيرة التغيير والتحول الديمقراطي، في محاولات مكشوفة للتكسب السياسي والاستعطاف، وعرقلة مسيرة الانتقال، لن تنطلي على فطنة وذكاء الشعب ووعي ثوار وثائرات وشباب بلادنا، حراس ثورة الشعب ثورة ديسمبر المجيدة”.
وبالتزامن مع بيان الجيش السوداني، انطلقت بالعاصمة الخرطوم، السبت، مؤتمر “العدالة والعدالة الانتقالية”، في إطار المرحلة النهائية للعملية السياسية بالبلاد.
وينظم المؤتمر بشراكة بين الآلية الثلاثية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والهيئة الحكومية للتنمية “إيغاد”، و”اللجنة العليا للعدالة والعدالة الانتقالية” (تتشكل من المجتمع المدني، خبراء، الموقعين على الاتفاق الإطاري).
ومؤتمر اليوم ضمن 6 مؤتمرات سيتم تنظيمها في مختلف مناطق السودان خلال الفترة المقبلة، بمشاركة الفرقاء السودانيين، لبحث “العدالة والعدالة الانتقالية”.
وفي كلمة خلال المؤتمر، قال وزير العدل السوداني السابق نصرالدين عبدالباري إن “الهدف من المؤتمر هو كيفية تنفيذ العدالة الانتقالية”.
وأضاف أن “هذا التنفيذ يقودنا للحديث عن الاستراتيجيات التي تتبع أحيانا للحديث عن العدالة الانتقالية”.
وأكد “أي عملية لمعالجة انتهاكات الماضي ينبغي أن تكون عملية شاملة تشمل الأطر المختلفة للعدالة الانتقالية وذلك يشمل المحاكمات الجنائية ولجان الحقيقة والمصالحة والمؤسسات التي تؤسس لجبر الخواطر والضرر والإصلاحات المؤسسية والقانونية”.
و”العدالة والعدالة الانتقالية”، هي من قضايا الاتفاق النهائي التي اتفقت عليها الأطراف المدنية والعسكرية بالسودان، وتشمل أيضا 4 قضايا أخرى هي: السلام، الإصلاح الأمني والعسكري، مراجعة وتفكيك نظام 30 يونيو 1989 (نظام الرئيس المعزول عمر البشير)، قضية شرق السودان.
وفي 8 يناير الماضي، انطلقت المرحلة النهائية للعملية السياسية بين الموقعين على “الاتفاق الإطاري” المبرم في 5 ديسمبر الماضي بين العسكريين والمدنيين، للوصول إلى اتفاق لحل الأزمة السياسية بالبلاد.
ومن أبرز بنود “الاتفاق الإطاري” تدشين مرحلة انتقالية تستمر عامين وتشكيل حكومة مدنية بالكامل وابتعاد العسكريين عن الحكم.
وتهدف العملية السياسية إلى حل أزمة ممتدة منذ 25 أكتوبر 2021، حين فرض قائد الجيش عبد الفتاح البرهان إجراءات استثنائية منها إعلان حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين.
وقبل إجراءات البرهان الاستثنائية، بدأت بالسودان في 21 أغسطس 2019 مرحلة انتقالية كان مقررا أن تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقَّعت مع الحكومة اتفاق سلام جوبا عام 2020.
متابعات