اليمن / ما الذي يسعى إليه وزير الداخلية لحزب الاصلاح في حكومة المناصفه ؟

أصدر  وزير الداخلية اليمني، إبراهيم حيدان، العديد من القرارات والتعيينات في محافظات عدة من جنوب اليمن خلال الفترة السابقة، قوبلت بالرفض التام من قبل جهات سياسية ومجتمعية والسكان المحليين، ونظر إليها على أنَّها محاولات من الوزير لإثارة “الفوضى والنزاعات.”
وركزت معظم تلك القرارات على تعيين أو تكليف قادة أمنيين من خارج المحافظات المعنية، أو لا يحظون بدعم شعبي بداخلها. بالإضافة لعزل مسؤولين آخرين من خصوم حزب الإصلاح الإسلامي – فرع الإخوان المسلمين في اليمن.
وأثارت هذه القرارات التساؤلات حول الأهداف التي يسعى إليها وزير الداخلية، الذي عينه هادي في ديسمبر 2020، وفقا لاتفاق الرياض الموقع بين الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي. تسببت بعض قرارات الرجل بأحداث عنف راح ضحيتها العشرات من المدنيين والعسكريين. 
قرارات حيدان 

في 7 أغسطس 2022، عيَّن اللواء الركن إبراهيم حيدان رئيسا لأركان القوات الأمنية الخاصة في وادي وصحراء حضرموت. وقضى القرار بتعيين العقيد مروان السبيعي، أحد القيادات المنتمية لمحافظة مأرب، والمحسوبة على حزب الإصلاح. لقي القرار رفضًا واسعًا في محافظة حضرموت، حيث يطالب الأهالي هناك بتمكينهم من إدارة شؤونهم. وفي بيان رسمي، قالت قيادة “الهبة الحضرمية الثانية” إنَّها ترفض القرار، مؤكدة على مطالبها بإخراج قوات المنطقة العسكرية الأولى من الوادي. كما أصدرت الهيئة التنفيذية المساعدة للمجلس الانتقالي الجنوبي في مديرات وادي وصحراء حضرموت بيانا آخر أعربت فيه عن استنكارها للقرار. وقال البيان: “نرفض كل قرارات التحدي وتجاوز إرادة أبناء حضرموت في إدارة شؤونهم العسكرية والأمنية لصالح الإخوان المسلمين.”
وتزامن هذا القرار مع معركة شهدتها مدينة عتق، عاصمة شبوة، إثر ما وُصف حينها بـ “تمرد” قوات أمنية وعسكرية تابعة لحزب الإصلاح على محافظ المحافظة عوض العولقي. واُتهم حيدان بدعم القائد السابق لقوات الأمن الخاصة، عبد ربه لعكب. 
وفي 23 أغسطس من ذات العام، امتدت قرارات حيدان، الذي يتخذ من مدينة سيئون في معظم الأوقات مقرا له، إلى محافظة المهرة المحاذية لسلطنة عمان. وعيَّن الوزير الضابط الشمالي صالح محمد ناصر الماوري قائدًا للقوات الأمنية الخاصة في محافظة المهرة، وفقاً لمصادر صحفية. ردا على القرار، دعا رئيس المجلس العام لأبناء سقطرى والمهرة السلطان عبد الله بن عيسى آل عفرار، أبناء المهرة إلى الاصطفاف والتصدي لـ “الأخطار المحدقة.” وقال آل عفرار إنَّ “المهرة تمتلك من الكوادر الوطنية والكفاءات المؤهلة لإدارة شؤونها كغيرها من المحافظات الأخرى.”

وفي 23 يناير الماضي، عقدت الهيئة العسكرية للجيش والأمن الجنوبي في المهرة اجتماعًا رفضت فيه شخصية أخرى، عيّنها حيدان قائداً لقوات الأمن الخاصة في المحافظة، وهو العقيد أكرم المجهلي، قائد قوات الأمن المركزي في المحافظة سابقاً. وطالبت الهيئة مجلس القيادة الرئاسي بـ “إلغاء القرار وتعيين قائد جديد من أبناء المهرة، وتعيين قيادات تتمتع بالكفاءة والنزاهة في المؤسسات الأمنية والعسكرية.”
وفي 10 فبراير، شهدت محافظة أبين توتًرا كبيرًا إثر قرار آخر للوزير حيدان بتعيين الملازم عوض الفضلي رئيسا لأركان قوات الأمن الخاصة بالمحافظة، وهو القرار الذي رفضته إدارة الأمن في أبين بقيادة العميد علي الكازمي. وتسبَّب القرار بحدوث اشتباكات محدودة في مقر قوات الأمن الخاصة في مدينة زنجبار بعد إطلاق نار نفذه جنود موالون للوزير، وفقاً لمصادر محلية تحدثت لـ “سوث24″، قبل أن يتم إخماد المشكلة.
وأعلن بيان مشترك لـ قيادتي محور أبين القتالي وإدارة أمن محافظة أبين “إفشال” ما وصفه “المخطط التآمري” الذي قال أنه يستهدف “أمن وسلامة واستقرار أبين وحاول بث نار الفتنة بين أبنائها من خلال قرارات كان يُهدف منها لإثارة الفوضى.”
وتزامن قرار حيدان في أبين مع المرحلة الثانية من عملية “سهام الشرق” التي تنفذها القوات الجنوبية ضد تنظيم القاعدة وسط أبين، بعد أشهر من مصالحة مع القوات الحكومية التي تمركزت في مدينة شقرة ضد القوات الجنوبية خلال المعارك التي شهدتها أبين في عام 2020.

وفي 17 ديسمبر الماضي، أصدر الوزير حيدان قرارًا جديدًا في حضرموت بتكليف العقيد عبيد كرامة بازهير مديراً لأمن ساحل حضرموت، خلفاُ للعميد مطيع المنهالي. لمر يُمرر المجلس الرئاسي القرار وفقاً لمصادر خاصة لـ “سوث24″، حيث اعترض عضو المجلس فرج البحسني وآخرون على عزل المنهالي.

وكان البحسني قد رفض قرارا آخرا من حيدان بإيقاف العميد سالم الخنبشي، مدير كلية الشرطة في حضرموت، وإحالته للتحقيق. ووجه البحسني، في 12 ديسمبر الماضي، باستمرار الخنبشي في موقعه. 
وتعتبر الاشتباكات التي شهدتها مديرية لودر بمحافظة أبين، في يوليو 2021، وخلفت ضحايا من المدنيين، من أبرز الأحداث التي أعقبت قرارات تعيين لوزير الداخلية. وكان حيدان قد عيَّن جعفر العكمي مديرًا لأمن مديرية لودر، وهو ما رفضته القبائل.
وشنت قوات موالية لحيدان حملة عسكرية على مديرية لودر، استمرت لأيام، واشتبكت مع مسلحين من القبائل، بالإضافة لقوات الحزام الأمني. وتمكنَّت الحملة من دخول مقر شرطة لودر بعد سقوط ضحايا.

ولم تتوقف قرارات حيدان عند التعيينات في المناصب الأمنية، بل امتدت لتعيينات قانونية رفضتها الوزارة المختصة. ففي 27 يونيو الماضي، عيَّن حيدان العقيد نشوان محمد سعيد الملاحي، نائبًا لمدير عام الشؤون القانونية وقضاء الشرطة بوزارة الداخلية. لاحقًا، رفضت وزارة الشؤون القانونية القرار ووجهت بإلغاء التعيين، وقالت الوزارة إنَّ ذلك يمثل تجاوزًا للصلاحيات والقانون. قبلها في 2021، امتدت قرارات حيدان، لتشمل تمكين مقربين من حزب الإصلاح في جهاز السجل المدني. 

وفي يونيو من ذلك العام، أصدر حيدان قرارا بإقالة القائم بأعمال مكتب الأحوال المدنية والسجل المدني بأبين، الملازم محمد موسى، وتعيين محمد الدوبحي بدلاً عنه، وهو ما رفضته السلطة المحلية بقيادة المحافظ أبو بكر حسين. ووفقا لمصادر خاصة لـ “سوث24″، جاء قرار حيدان على خلفية رفض الملازم محمد موسى منح نازحين شماليين في أبين وثائق هوية وبطاقات مواليد وغيرها من الوثائق خشية “التغيير الديمغرافي”.

دور مشبوه 

يزعم عضو وحدة المفاوضات في المجلس الانتقالي الجنوبي، أحمد الربيزي، أنَّ وزير الداخلية إبراهيم حيدان “ينفذ مشروعًا للفوضى والفتنة في الجنوب.”
وقال لـ “سوث24”: “لا أعتقد أن ما يفتعله حيدان من حرائق في محافظات الجنوب مجرد صدفة محضة، فكل الدلائل تشير إلى أنَّ ما يصدره من قرارات مدروس وله أهداف [..]. تشعل هذه القرارات صراعات مسلحة كلما صدرت.”
وأضاف: “لقد شجع حيدان قادة التمرد ضد المحافظ في شبوة، وكرر تجاربه في المهرة وحضرموت بتعيين منتمين للإصلاح. تسبب بأحداث اقتتال في لودر بأبين من قبل وأعاد الكرة في زنجبار بتعيين أركان للقوات الأمنية الخاصة دون التنسيق مع المحافظ ومدير الأمن.”
ويرى الربيزي أن نتائج عملية سهام الشرق ضد تنظيم القاعدة والتفاهمات في أبين “لم ترق للوزير حيدان ومن يقفون خلفه”، حدَّ تعبيره. وأضاف: “بوضوح، يسعى حيدان لخدمة أجندة حزب الإصلاح وإعادة المعارك العبثية إلى أبين.”

وربط الربيزي بن قوات “درع الوطن” التابعة للسعودية، التي أثار تشكيلها جدلًا واسعًا، وقرار حيدان الأخير بشأن قوات الأمن الخاصة. وقال: “حيدان استغل دخول ما تسمى قوات درع الوطن إلى ضواحي زنجبار، وجعلها أدوات لأهدافه المشبوهة.”

وحذّر  معهدان أمريكيان بارزان من تبعات إنشاء المملكة العربية السعودية لجماعات مسلّحة جديدة في جنوب اليمن على عملية مكافحة الإرهاب في جنوب اليمن، وجهود المجلس الانتقالي الجنوبي ضد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب في مناطق أبين. 

ويتفق المحلل السياسي مسعود زين مع الربيزي في أنَّ ما يقوم به الوزير حيدان “مثير للشكوك.” وقال لـ “سوث24”: “الحقيقة أن ما قام به وزير الداخلية مؤخراً في أبين وقبله في شبوة والمهرة وحضرموت يثير التساؤل والشكوك عن الدور الذي يؤديه ولصالح من.”
وأضاف: “دائماً ما يقوم الوزير حيدان بإصدار قرارات ارتجالية بتعيينات مستفزة في التوقيت الذي لا يحتمل الاستفزازات، وهو ما يجعل القرارات الصادرة منه بمثابة صب الزيت على النار، كما أنها في الغالب تعد تدخلاً سافراً من الوزير فيما لا يخص صلاحياته.”
وأردف: “لو عدنا لمراجعة تعييناته سنجد أنَّ الرجل مدفوع لخدمة بعض الأجندة الحزبية وهي الأخرى مدفوعة بأجندات خارجية لا تُحبذ الاستقرار في محافظات الجنوب”، مضيفا: “لا أجد تفسيراً آخر لما يقوم به حيدان.”
بالمقابل، في منتصف الشهر الجاري، ناقش وزير الداخلية، في الرياض مع القائم بأعمال منسق مكافحة الإرهاب بوزارة الخارجية الامريكية كريستوفر لاندبرغ ونائب المبعوث الخاص للتحالف الدولي لهزيمة داعش إيان مكاري والسفير الأمريكي لدى اليمن ستيفن فاجن، “سبل تعزيز التنسيق الأمني لمكافحة التنظيمات الإرهابية”. وفقا لما أوردته وكالة الأنباء اليمنية سبأ. 

إقالة 

خلال 2022، أصدر المجلس الرئاسي قرارات كثيرة شملت تعيينات مدنية وعسكرية وقضائية، إلا أنَّ عجلة التغييرات ظلت تدور بعيدًا عن وزارة الداخلية بقيادة إبراهيم حيدان، رغم المطالبات المستمرة بإقالته.
ويمثَّل حيدان أحد الشخصيات الرئيسية التي يدعمها حزب الإصلاح ضمن مصفوفة الشرعية اليمنية، بعد اتفاق الرياض في نوفمبر 2019. وعلى الأرجح، وقفت معارضة الإصلاح داخل الرئاسي دون إقالة الرجل المثير للجدل.
ويستغرب السياسي أحمد الربيزي عدم إقالة حيدان حتَّى الآن. وأضاف: “لا يوجد عندي تفسير لعدم إقالته إلى الآن، إلا تفسير واحد يجعلنا نرتاب وهو أن هناك في مجلس القيادة الرئاسي من يستسيغ له ما يقوم به حيدان.”

وتابع: “لا شك أنَّ أعمال حيدان تسيء إلى المجلس الرئاسي، وتسيء إلى حكومة المناصفة، ومن المعيب الإبقاء عليه على رأس وزارة يفترض أنَّها تعمل على بث الأمن والاستقرار في كل محافظات ومناطق البلد.”
ولم يتمكن مركز سوث24 من الوصول إلى الوزير حيدان للتعليق على الأمر. 
متابعات 

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى