يدور جدل كبير حول وجود صراع نفوذ بين السعودية والإمارات في اليمن. لم يتوقف هذا الجدل منذ بداية العدوان قبل أكثر من ثمان سنوات. وضمن هذا السياق، يجتهد كثير من المحللين والمهتمين بالشأن اليمني في ربط كثير من الأحداث بهذا الخلاف، أو تفسيرها على ضوئه.
آخر الأحداث التي تم ربطها بالخلاف المذكور أو المفترض، تشكيل السعودية لقوة جديدة تحت مسمى “درع الوطن”، والدفع بها إلى مناطق خاضعة لسيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي الموالي للإمارات، كعدن وأبين ولحج والضالع. صحيح أن تشكيل تلك القوة يستهدف نفوذ الانتقالي، إلا أنه يستهدف، قبل ذلك، المحرك الرئيسي له، وفق بعض التحليلات.
قبل تشكيل قوات درع الوطن، لم تقدم السعودية دعما يُذكر للجانب الخدمي في المحافظات اليمنية الخاضعة لسيطرة الانتقالي العسكرية والأمنية، رغم حاجتها إلى خلق نموذج يحرج نموذج خصومها في صنعاء. هناك من يعتقد أن السعودية حرصت على عدم إكساب الانتقالي شرعية شعبية، على اعتبار أنه أداة نفوذ إماراتي، ومن صالحها إثارة الناس عليه لا دفعهم إلى الالتفاف حوله.
بعيدا عن هذا النوع من الربط للأحداث أو تفسيرها، يمكن القول إن الخلاف السعودي ـ الإماراتي حقيقي، وأقدم من الحرب في اليمن، وقد حاولت بعض الأطراف المحلية اليمنية استغلاله من نافذة الحرب.
في بداية الحرب مثلا، نشر موقع “الإصلاح نت” مقالة اتهم فيها الإمارات بالعمل ضد أهداف السعودية، قبل أن يعود الحزب ويدعي اختراق الموقع وينفي صلته بالمقال. لاحقا، جاءت تصريحات كثير من المحسوبين على الحزب منسجمة مع ما تضمنته المقالة وبلهجة أكثر قسوة.
ـ صراع على الغنائم:
من القائلين بوجود هذا الصراع، الشيخ علي الحريزي، رئيس لجنة الاعتصام السلمي في محافظة المهرة، وقد صرح بذلك في أكثر من مناسبة.
قال الحريزي – خلال اجتماع استثنائي عقدته اللجنة، اليوم الأربعاء، 08/شباط/2023، مع لجنة إدارة الأزمة لمناقشة آخر المستجدات في المحافظة ومديرية قشن- إن الدولتين الآن تتصارعان على الغنائم بعد أن دمرتا ثروات اليمن وبنيته التحتية ومؤسساته الأمنية والعسكرية، واحتلتا الجزر والموانئ.
ـ تقاسم أدور:
بخلاف الحريزي، يعتقد رئيس منتدى السلام ووقف الحرب في اليمن، الناشط السياسي عادل الحسني، أن الخلاف السعودي الإماراتي في اليمن غير حقيقي.
ويوضح الحسني أن الأمر أشبه بمسرحية وتقاسم أدوار بين الرياض وأبوظبي.. مشيرا إلى أن الدولتين متفقتان على الخطوط العريضة في اليمن.
وحول رفض السعودية زحف الانتقالي باتجاه حضرموت، وتشكيل قوات “درع الوطن” والدفع بها إلى مناطق سيطرته، يرى الحسني أن لا علاقة لذلك بصراع نفوذ إماراتي سعودي، وأن سببه الرئيسي هو فشل الانتقالي في إدارة المناطق الخاضعة لسيطرته طوال الأعوام الماضية.
غير أنَّ حديث الحسني يفترض وجود رغبة سعودية في خلق نموذج إدارة مثالي لتلك المناطق، بينما قد تكون السعودية جزءا من فشل الانتقالي وعن قصد.
ـ تقاسم نفوذ:
من جانبه، يعتقد السياسي اليمني صالح الجبواني، أن تشكيل قوات “درع الوطن” هدفه تقاسم النفوذ بين السعودي والإمارات.
وفي هذا السياق، “كتب الجبواني، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر: يبدو أن المملكة قررت تحجيم الانتقالي عسكريا وطرده من بعض المحافظات التي سيطر عليها قبل أشهر بعد الإعلان الرسمي عن تشكيل قوات درع الوطن في إعادة للتوازن العسكري وتقاسم النفوذ مع الإمارات في جنوب اليمن، وسيعود هذا المكون لحجمه القروي بعد أن أستقوى بالخارج لقهر أبناء الجنوب والشرق”.
وتعليقا على أحداث محافظة حضرموت الأخيرة، قال الجبواني: لاشك أن هنالك خلافا سعوديا إماراتيا محتدما على مناطق النفوذ في اليمن، فالإمارات اعتمدت على ذبابها الإلكتروني في التعريض بالسعودية، أما السعودية فلا حلفاء لها على الأرض، فعادت تعتمد على صحفييها وكتابها ومثقفيها في الهجوم على الإمارات، وهؤلاء وبفجاجة رفعوا شعار (حضرموت أمن قومي سعودي).
ـ خلاصة:
من خلال ما تقدم، يمكن القول إن نفي وجود صراع نفوذ إماراتي سعودي في اليمن، يتجاوز الحقائق على الأرض، والحملات الإلكترونية المتبادلة، وقرائن كثيرة لا مجال لذكرها هنا.
وقد تجلى صراع النفوذ بشكل واضح في ثلاثة أمور: منع الانتقالي من التقدم باتجاه وادي حضرموت، وتشكيل قوات درع الوطن والدفع بها إلى مناطق سيطرة الانتقالي، واحتجاز عيدروس الزبيدي ومنعه من العودة إلى عدن.
متابعات