اختتمت الأحد فعاليات بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 في قطر ضمْن دورة وصفها أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بـ”الاستثنائية” في حين كان من الممكن أن تكون أفضل وأقل توترا لو ابتعدت الدوحة عن العناد في مواجهة الانتقادات التي سبقت تنظيم الحدث.
ونغص العناد القطري في التعامل مع الضغوط التي واجهتها الدوحة خلال الأشهر الماضية، وزادت حدتها قبل أسابيع من بدء فعاليات بطولة كأس العالم، استضافة الحدث العالمي الذي أنفقت عليه بحسب تقارير متضاربة بين 200 و300 مليار دولار.
ويقول مراقبون إن قطر كانت ستستفيد من الحدث بشكل أفضل بكثير لو أبدت مرونة تجاه الانتقادات التي واجهتها قبل المونديال والمتعلقة بأوضاع العمال وانتهاكات حقوق الإنسان، بدل التصعيد الكلامي واللجوء إلى الرشاوى للتأثير على القرار الأوروبي، وهو ما تسبب في فضيحة أثرت سلبا على سمعة البلد الذي كان يراهن على بطولة كأس العالم في الترويج لصورته.
وتفجرت الأسبوع الماضي فضيحة فساد في البرلمان الأوروبي بعد أن تم القبض على نائبة رئيس البرلمان إيفا كايلي متلبسة بأكياس من اليوروهات قالت وسائل إعلام بلجيكية إن مصدرها قطر، فيما يبدو أن الهدف من تقديم تلك الأموال هو الدفاع عن مصالح الدوحة في البرلمان الأوروبي.
وفي الشهر الماضي دافعت كايلي داخل البرلمان عن سجل حقوق الإنسان في قطر، مشيدة بالبلاد باعتبارها “المرشح الأوفر حظًا في مجال حقوق العمال” لقرارها إلغاء نظام الكفالة للعمال الوافدين.
ويرى المراقبون أن مبلغ 440 مليون دولار الذي ضغطت منظمات حقوقية كي تدفعه الدوحة كتعويض للعمال ورفضته يعد مبلغا بسيطا بالنسبة إلى بلد كقطر وأمام مئات المليارات التي أنفقتها على استضافة المونديال، وهو ما كان يمكن أن يجنبها التشويش والفضائح قبل الحدث وخلاله.
وقبل أسابيع من بدء المونديال اختارت قطر المواجهة بدل الاستجابة لمطالب تنادي بإنشاء صندوق تعويضات للعمال المهاجرين ممن تضرروا خلال بناء منشآت المونديال أو أهالي من توفوا للسبب ذاته، بقيمة 440 مليون دولار.
ووَصفت الاتهامات بانتهاك حقوق العمال التي بدأت قبل المونديال بسنوات وتزايدت وتيرتها قبل أسابيع من بدء فعالياته، بالافتراءات وبأنها حملة تستهدفها بسبب استضافتها للمونديال، منددة بما اعتبرته “ازدواجية في المعايير وفي الخطاب”.
ووسعت قطر عنادها ليشمل موضوع المثليين بعد أن منع الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) ارتداء اللاعبين شارةَ المثليين أثناء المبارايات، في حين وصف خالد سلمان، وهو سفير قطري لبطولة كأس العالم، المثلية الجنسية بأنها “اضطراب في العقل”، وهو ما فتح جدلا حول حقوق المثليين وأثار مخاوف بشأنهم.
وأعلن أمير قطر الأحد أن بلاده وفت بما تعهدت به وذلك بتنظيم بطولة كأس عالم “استثنائية”، معربا عن شكره لكل من ساهم في نجاح هذه البطولة.
وبارك أمير قطر في بيان على تويتر لمنتخب الأرجنتين فوزه بكأس العالم 2022 وللمنتخب الفرنسي وصافة البطولة، كما شكر المنتخبات المشاركة والجماهير التي شجعتها بحماس والاتحاد الدولي لكرة القدم.
وقال “ومع الختام نكون أوفينا بوعدنا بتنظيم بطولة استثنائية من بلاد العرب، أتاحت الفرصة لشعوب العالم لتتعرف على ثراء ثقافتنا وأصالة قيمنا”.
وأنفقت قطر أكثر من 200 مليار دولار على الملاعب والبنى التحتية الجديدة قبل استضافة أول بطولة كأس عالم لكرة القدم تنظمها دولة عربية وصفها رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم السويسري جاني إنفانتينو بأنها “الأفضل” مقارنة بالنسخ السابقة.
وفي ختام المباراة النهائية التي فازت فيها الأرجنتين على فرنسا بركلات الترجيح، ألبس أمير قطر في بادرة لافتة ليونيل ميسي الذي قاد بلاده إلى لقبها الثالث رداء “البشت” العربي التقليدي، قبل أن يرفع الأخير الكأس الذهبية.
ونجحت قطر في استضافة البطولة الأكثر تقارباً في المسافات في تاريخ المونديال، منذ انطلاق نسخته الأولى عام 1930، حيث أتيحت الفرصة أمام المشجعين لحضور أكثر من مباراة في يوم واحد خلال المراحل الأولى من منافسات البطولة، واستقبلت البلاد أكثر من مليون و400 ألف زائر على مدى 29 يوما.
وإلى جانب حضور المباريات في ملاعب المونديال استمتع الجمهور بمجموعة متنوعة من الأنشطة الترفيهية بالعديد من المواقع في مختلف أنحاء البلاد، من بينها مهرجان فيفا للمشجعين بحديقة البدع في الدوحة، والذي استقبل قرابة 2 مليون مشجّع طوال أيام البطولة، وكورنيش الدوحة، والمناطق المحيطة بالملاعب.