قبل أيام اعترض حزب الإصلاح بتعز على توجيه لرئيس الحكومة ووزير الإدارة المحلية لاستئناف عمل المجالس المحلية في المحافظة، وتحركت قيادات إخوانية كبيرة للضغط على رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي لإيقاف تنفيذ هذه التوجيهات.
كما أغلق حزب الإصلاح مقر المحافظة بعشرات من جرحى الحرب الذين يستخدمهم الحزب لإغلاق مكتب السلطة المحلية في تعز إذا أراد إعاقة عقد اجتماع في المحافظة لا يطابق هوى وتوجهات الحزب، وفعلا تم إلغاء الاجتماع لأعضاء المجالس المحلية ووجه العليمي محافظ تعز بإلغاء الاجتماع، وهذا صدر عن إعلام الإصلاح في تعز.
برر إعلام الإخوان وتحديدا مطبخ مقر الإصلاح في تعز اعتراضه على عودة المجالس المحلية بأن المبادرة الخليجية جمدت عمل هذه المجالس، بينما الحقيقة أن المحلية بقيت تعمل حتى عشية سقوط صنعاء بيد مليشيات الحوثي.
لماذا يعترض الإخوان المسلمون في تعز على عودة المجالس المحلية مع انها ليست سلطة تنفيذية وكذلك كل الجيش والأمن في المحافظة يتبع الإخوان ويدار من قبلهم فلماذا الخوف إذا من المجالس المحلية؟
لا يخشى الإخوان أن تنازعهم المجالس المحلية القرار والسلطة لكن ما يخشونه هو عودة قيادات مجتمعية ورموز قبلية إلى الواجهة في مناطقهم والمشهد العام عبر المجالس المحلية ويعود تأثيرهم بارتباطهم بسلطة شرعية منتخبة يقابلها سلطة إقصاء إخوانية مغتصبة.
منذ بداية الحرب عام 2015 عمل الإخوان على تصنيف القيادات الاجتماعية الفاعلة في تعز كخصوم للشرعية والتحالف رغم أن غالبية هذه القيادات وقفت ضد الانقلاب الحوثي ورفضت التقارب المؤتمري الحوثي حينذاك حتى وإن كان شكليا.
حتى إن قيادات اجتماعية غير إخوانية تم رفع إحداثيات بمنازلها لقصفها بالطيران باعتبارها تعمل لصالح الحوثيين، وهكذا نجح إخوان تعز في شيطنة الشخصيات القبلية والاجتماعية المؤثرة وإلباسها تهمة الحوثية زورا وبهتانا.
يدرك الإخوان في تعز أن القيادات الاجتماعية التي وصلت للمجالس المحلية لم تكن كلها منتمية لحزب المؤتمر، بل إن أغلبها ذهب المؤتمر لترشيحها باسمه كونها ذات حضور وقبول مجتمعي في مناطقها، ولذلك يعمل الإخوان على محاربة هذه القيادات بشتى السبل لمنع تسيدها المشهد مجددا، لأن ذلك يعني فشل كل جهود وخطط الإخوان منذ بداية الحرب لتغيير خارطة النفوذ والقوة في تعز.
حول الإخوان المعلمين الذين تخرجوا من معاهد الإخوان إلى جنود جيش وأمن وقادة عسكريين وأمنيين ومكنوهم من النفوذ باسم الدولة والشرعية لكي تذعن لهم مناطقهم، غير ان هذا التوجه الإخواني يواجه برفض مجتمعي كبير ويمكن اعتباره فشل فشلا ذريعا، ومع إحداث أي تغيير في منظومة قيادة الجيش والأمن في تعز سيعود قادة الإخوان الذين نصبوهم للتحكم بمناطقهم إلى معلمين في صفوف مدارسهم كما كانوا سابقا.
كل ما حاول الإخوان فرضه بقوة الجيش والأمن وباسم الشرعية في تعز تحول إلى نقمة تلاحق الإصلاح وتلعن فساده وفشل قياداته، وهو ما يجعل الإخوان يواجهون بقوة أي عودة لواقع الأمس والنفوذ الاجتماعي للقيادات والشخصيات المؤثرة في مناطقها والتي تكاد تكون كلها غير إخوانية.
التحرك الإخواني في المجتمعات المحلية والقبلية في تعز استنسخ تجربة الحوثي في إخضاع القبائل والمجتمعات المحلية، ولذلك كان رفض الإخوان عودة المجالس المحلية في تعز للعمل ليس خوفا من منازعتهم السلطة في المحافظة بل النفوذ في مجتمعاتهم والتي تشكل الحاضنة الشعبية لهذه القيادات والرافضة للإخوان شكلا ومضمونا.
الإخوان استفردوا بمناصب الأمن في كل مناطق تعز المحررة وعينوا حتى عقال المناطق الريفية وحولوهم إلى مخبرين لصالحهم ويحاولون فرض مشايخ في كل منطقة، ويقود الإخواني يوسف الشراجي قائد محور تعز السابق هذا التحرك بعد أن نصب نفسه شيخا لمشايخ تعز.
غير أن هذا المخطط يذوب تدريجيا وتستعيد مناطق تعز توازنها خصوصا تلك التي تمثل الريف بعيدا عن طموحات الإخوان وأحلامهم التسلطية والإقصائية للآخرين.. بينما كان بإمكان إخوان تعز الحصول على نصيب جيد من القبول من خلال إرساء قيم وممارسات شراكة مع مكونات المجتمع ورموزه وقواه السياسية.
متابعات