وضع السودانيون، أمس، أولى خطواتهم نحو إنهاء الأزمة التي تطاولت في البلاد، ووقّع المكون العسكري مع عدد من التكتلات المدنية اتفاقاً إطارياً يؤسس لسلطة مدنية انتقالية تتولى أعباء إدارة الفترة الانتقالية حتى نهايتها بإجراء انتخابات يحتكم فيها الجميع لصندوق الاقتراع.
ونص الاتفاق على مدنية الدولة والنأي بالجيش عن السياسة، وحظر مزاولة القوات المسلحة الأعمال الاستثمارية والتجارية ما عدا تلك التي تتعلق بالتصنيع الحربي والمهمات العسكرية تحت ولاية وزارة المالية، بجانب تنقية الجيش من أي وجود سياسي، وإصلاح جهازي الشرطة والمخابرات.
وتضمن الاتفاق الإطاري إطلاق عملية شاملة لصناعة الدستور، وتنظيم عملية انتخابية شاملة في نهاية الفترة الانتقالية التي حددها الاتفاق بأربعة وعشرين شهراً تبدأ من تاريخ تعيين رئيس الوزراء، على أن يتم تحديد مطلوبات الانتخابات والتحضير لها في الدستور الانتقالي، لتكون ذات صدقية وشفَافَة وتتمتع بالنزاهة.
تطوير الاتفاق
واتفقت الأطراف الموقعة على أن يتم تطوير الاتفاق الإطاري بمشاركة جماهيرية واسعة من أصحاب المصلحة والقوى الموقعة على الإعلان السياسي وقوى الثورة في شأن أربع قضايا بحاجة لمزيد من التفصيلات وتتمثل في العدالة والعدالة الانتقالية، والإصلاح الأمني والعسكري، واتفاق جوبا لسلام السودان وإكمال السلام، وتفكيك نظام 30 يونيو.
كما حدد الاتفاق الإطاري هياكل السلطة الانتقالية، التي تتكون من مجلس تشريعي، ومستوى سيادي، يتم تكوينه بشكل محدود يمثل رمزاً للدولة وقائداً للقوات النظامية، بجانب مجلس الوزراء، والمجالس العدلية والمفوضيات المستقلة، كما نص على تكوين مجلس للأمن والدفاع يرأسه رئيس الوزراء وعضوية الوزارات ذات الصلة وقادة الأجهزة النظامية و6 من الحركات المسلحة الموقعة على سلام جوبا.
انسحاب الجيش
وأعلن رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبدالفتاح البرهان خروج المؤسسة العسكرية من العملية السياسية بالبلاد، استجابة لمطالب الثوار، وقال في حفل توقيع الاتفاق الإطاري إن البلاد تمر بظرف استثنائي، ولفت إلى أن حالة التنافر وعدم الانسجام بين القوى السياسية والعسكرية في الفترة الماضية انعكسا سلباً على البلاد، وعد توقيع الاتفاق السياسي الإطاري مدخلاً لتجاوز الخلافات والعبور بالفترة الانتقالية.
من جهته أكد ممثل القوى المدنية الموقعة على الاتفاق القيادي بقوى الحرية والتغيير الواثق البرير أن الاتفاق الإطاري يهدف إلى إقامة سلطة مدنية كاملة تحقق أهداف ثورة ديسمبر، وينهي الانقلاب العسكري، ويؤكد مبدأ العدالة والمحاسبة والإصلاح العسكري وصولاً لجيش موحد، مشدداً أن التزامهم السلام التزام استراتيجي، وأكد أنه ستتم مراجعة اتفاق جوبا من دون المساس بما حققته للمناطق المتضررة من الحرب.
المجموعة الرباعية
ورحبت دول مجموعة الرباعية الدولية والترويكا (الإمارات، والسعودية، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية، ومملكة النرويج) بالاتفاق، واعتبرته يشكل خطوة هامة نحو بناء حكومة بقيادة مدنية، وإيضاح الترتيبات الدستورية التي ستقود جمهورية السودان خلال فترة انتقالية تنتهي إلى تنظيم انتخابات.
كما دعت دول الرباعية والترويكا الأطراف في السودان بتقديم المصلحة الوطنية على الغايات السياسية المحدودة.
ودعمت دول الرباعية والترويكا هذه العملية، وأكدت على أن هذا الجهد المنسق لإنهاء المفاوضات والوصول إلى اتفاق بشكل عاجل لبناء حكومة بقيادة مدنية هام لمعالجة التحديات الطارئة السياسية والاقتصادية والأمنية والإنسانية التي يواجهها السودان، ولاستئناف المساعدات الدولية التنموية، ولتعزيز التعاون بين حكومة جمهورية السودان والشركاء الدوليين.
كما أكدت على أهمية العمل مع الشركاء لتنسيق الدعم الاقتصادي الهام لحكومة ديمقراطية بقيادة مدنية، بما يساعد في معالجة التحديات التي يواجهها الشعب السوداني.
بداية النهاية
يؤكد المحلل السياسي عبود عبدالرحيم، لـ«البيان»، أن الاتفاق الإطاري ليس نهاية المطاف، إنما بداية النهاية لأزمة سياسة كبيرة. وقال عن توقيع الاتفاق إنه سينقل البلاد إلى منطقة أفضل، كما أنه ينهي قرارات 25 أكتوبر، ولفت إلى أن أهم ما نص عليه الاتفاق يتمثل في انسحاب المكون العسكري من العملية السياسية. وأشار إلى أن الاتفاق يمثل خطوة حقيقية وعملية بتأييد دولي وإقليمي نحو إنهاء الأزمة، ولكنه يتطلب استكماله بتوقيع الإطار الدستوري، بجانب وضع القوى الرافضة في موقف الحياد أو اللحاق بهذا الاتفاق.
متابعات