اختطاف ناشطة يمنية يجدد تهم انتهاكات الحوثي ضد النساء

يصف المجتمع اليمني التعدي على النساء أو إهانتهن بـ”العيب الأسود” وظلت الخلافات السياسية والاجتماعية الكبيرة التي شهدتها اليمن تنأى بنفسها عن هذا الفعل حتى جاء عهد الحوثي الذي شهد اعتقال مئات النساء من بيوتهن ومقار أعمالهن في مسعى لقمع أنشطتهن المدنية أو أفكارهن في نهج صادم يصفه اليمنيون بالسلوك الإيراني الدخيل.

وبين حين وآخر تعتقل الجماعة الحوثية عدداً من الناشطات والحقوقيات والفنانات في المناطق الخاضعة لسيطرتها وآخرهن القيادية النسوية، فاطمة العرولي، الخبيرة في حقوق الإنسان، ورئيس مكتب اليمن لاتحاد قيادات المرأة التابع لجامعة الدول العربية وعضو مجلس إدارة الاتحاد، التي دهم منزلها في صنعاء وأخفيت قسراً منذ شهرين عقب تلفيق عدد من التهم ضدها نظير انتقاداتها لانتهاكات المليشيا وجرائمها بحق أطفال تعز والبيضاء بشكل خاص والمناطق الخاضعة لسيطرتها عموماً.

حملات القمع والتنكيل

ودانت الحكومة اليمنية بأشد العبارات قيام مليشيات الحوثي اختطاف الناشطة اليمنية واعتبرته “جريمة إرهابية تضاف الى سلسلة جرائم وانتهاكات مليشيات الحوثي في حق الناشطين اليمنيين”.

ونقلت وكالة الأنباء اليمنية “سبأ” عن وزير الإعلام والثقافة والسياحة، معمر الأرياني قوله إن “جريمة اختطاف ميليشيا الحوثي للحقوقية العرولي في ما يسمى جهاز “الأمن والمخابرات” على خلفية منشور في صفحتها على “تويتر” انتقدت فيه تجنيد الأطفال وأوضاع النساء بمناطق سيطرة الميليشيا، يندرج ضمن حملة القمع والتنكيل التي تشنها بحق المعارضين والصحافيين والحقوقيين والعاملين في المجال الإنساني.

تعذيب واغتصاب

وأشار الأرياني إلى أن عدد النساء المختطفات في معتقلات ميليشيا الحوثي الإرهابية منذ الانقلاب (وفق منظمات حقوقية) بلغ نحو 1500 امرأة، بينهن حقوقيات وإعلاميات وناشطات، كما تواصل الميليشيا اعتقال المئات منهن في معتقلات سرية، وتمارس بحقهن صنوف التعذيب النفسي والجسدي، والتحرش والاغتصاب.

الوزير اليمني طالب المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمبعوثين الأممي والأميركي ومنظمات حقوق الإنسان وحماية المرأة، بإدانة جريمة اختطاف فاطمة العرولي، والضغط على ميليشيا الحوثي للإفراج الفوري عن كافة المعتقلات والمخفيات قسراً واللاتي يعانين ظروفاً مأسوية، ووقف الجرائم غير المسبوقة بحق النساء اليمنيات.

مساع لم تنجح

وعقب اعتقالها، سعت شخصيات اجتماعية ترتبط بعلاقات جيدة مع الحوثيين للتوسط في مسعى لإطلاق سراحها.

وأكد مصدر مطلع لـ”اندبندنت عربية” أن وجاهات قبلية من محافظة البيضاء، التي تنحدر منها العرولي، (وسط البلاد) بذلت جهوداً ومساعي حثيثة للوساطة لدى قادة الميليشيا الحوثية، لكن محاولاتها باءت بالفشل.

في حين لم يتسن الحصول على تعليق من قبل الحوثيين حول الواقعة وتلتزم “اندبندنت عربية” نشره فور تلقيها له، لكن الميليشيا تبرر هذا النوع من عملياتها بالتعاون مع من تسميهم “دول العدوان”، حتى وإن كان الشخص لا علاقة له بأي كيان سياسي خارجي.

سلاح للتكميم

وتتعدد أسباب اختطاف واعتقال الحوثيين للنساء خارج إطار القانون في مناطق سيطرتهم، وحسب حقوقيين تعود أسباب ذلك إلى استخدام الميليشيا (اختطاف النساء) كسلاح جديد لتكميم الأصوات المعارضة في مناطق سيطرتها، وتلفيق تهم للنساء المعتقلات تعسفياً لخلق وصمة عار لقمعهن سياسياً.

في حين أن عشرات المختطفات لا يعلم عنهن شيء وتقابل حوادث اعتقالهن بالصمت من قبل أهاليهن والمجتمع خشية الفضيحة والعار.

يقول رئيس منظمة “سام” للحقوق والحريات، توفيق الحميدي، إن سيرة الحوثي تمتلئ برصيد رهيب في قمع الناشطات لم تكن حادثة العرولي الأولى من نوعها.

ووفقاً للحميدي فقد “اعتقل عدد من الناشطات الحقوقيات وتم التحقيق معهن وإخفاؤهن قسراً قبل أن يطلق سراحهن وما تزال الفنانة انتصار الحمادي مثالاً حياً على السلوك الحوثي الإجرامي بحق اليمنيات الفاعلات متحدين الأعراف والعيب الأسود في العرف اليمني الذي يجرم الاعتداء على المرأة أو الإساءة لها”.

بناء صورة المرأة

ومنذ سيطرة جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء اتسمت معاملتها مع الناشطات “بالعنف والترهيب سواء من خلال تفتيش المقتنيات الخاصة واقتحام المنازل أوالاستدعاءات الليلية والإخفاء القسري”.

ويكشف الحميدي أن سجون الحوثي تضج بأكثر من 300 امرأة معتقلة ما بين ناشطات وغيرهن، ويتجاوز العدد للمعتقلات من فئة النساء 1500 امرأة وهو كما يقرأ مسعى حوثي لإعادة بناء تصور معين للمرأة وفق منظور الجماعة الفكري والديني.

اعتداءات جسيمة

بحسب فريق الخبراء الدوليين البارزين المكلفين ملف اليمن في سبتمبر (أيلول) الماضي، فإن هناك ما يزيد على 300 امرأة وفتاة تعرضن للعنف والترهيب من قبل الحوثيين، فضلاً عن تفاقم التهديدات بالاغتصاب والاعتداء الجنسي والاتهامات بالدعارة، كمحاولة لإضفاء شرعية على ممارساتهم عبر تلك الاتهامات.

الدعارة للتشويه والعزل

تتعدد الانتهاكات الحوثية بحق المرأة، منها القتل والاختطاف والتعذيب، والاعتداء اللفظي والجسدي والجنسي، إضافة إلى حرمانهن من التواصل مع ذويهن لإبلاغهم بتعرضهن للاحتجاز، وعدم الإفراج عنهن إلا بعد دفع مبالغ مالية كبيرة، وأخذ التعهدات الخطية بعدم المشاركة في أي فعالية مطلبية.

كما تستخدم اليمليشيا اعتقال أقارب النساء بدلاً منهن في بعض الأحيان، وتعمد إلى تلفيق تهم “الدعارة إلى بعض المعتقلات بهدف عزلهن عن المجتمع وإطالة أمد احتجازهن”.

وكانت الرابطة الإنسانية للحقوق في اليمن قد استعرضت على هامش انعقاد الدورة الـ 51 في مدينة جنيف السويسرية ما تتعرض له النساء المعتقلات من أنواع التعذيب في سجون الحوثيين، مشيرة إلى أن الميليشيات الحوثية اختطفت 1700 امرأة يمنية أغلبهن في العاصمة صنعاء، وذلك خلال الفترة من أغسطس (آب) 2015 وحتى الشهر ذاته في العام الجاري 2022.

ولدورها الحقوقي حصلت العرولي منتصف يونيو (حزيران) الماضي، على درع التميز الذهبي 2022 برعاية الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، لمشاركتها في مؤتمر المرأة العربية في دبي، حول دور المرأة في التنمية المستدامة والمسؤولية الاجتماعية.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى