احذر الخوف من الفوات

في كل مرة نشاهد الآخرين يسافرون، ينجزون، يعيشون تجارب مختلفة، نشعر بشيء في داخلنا يشبه القلق الخفي، رغبة ملحة في أن نكون جزءاً من كل ما يحدث، أو، على الأقل، ألا يفوتنا شيء. هذه الحالة النفسية تعرف ب«الخوف من الفوات» أو كما يطلق عليها اختصاراً بالإنجليزية: (FOMO- Fear of Missing Out) هذا المصطلح شهير، ومن الممكن أن تقرأ المزيد عنه عبر الإنترنت، وهو واحد من أكثر الظواهر شيوعاً في العصر الحديث.

هذا الشعور لا ينشأ فقط من فراغ، بل تغذيه مواقع التواصل التي نقضي ساعات في أعماقها وسط تدفق يومي من الصور والمشاركات يغذي هذا الشعور شيئاً فشيئاً، حيث يبدو أن الجميع يعيشون حياة مثيرة وسعيدة ومليئة بالنجاح.

وفق دراسة تدعم هذه الصورة، نشرت في مجلة «سلوك الإنسان والحاسوب»، وهي مجلة علمية محكمة تهتم بدراسة تأثير التقنية‏ الرقمية على السلوك البشري، فإن «الاستخدام المكثف لمواقع التواصل الاجتماعي يرتبط بزيادة مشاعر القلق والندم، نتيجة الموازنة المستمرة مع الآخرين الذين نراهم في هذه المواقع، ما يتسبب في نوع من الانخفاض في تقدير الذات».

المشكلة هي أن محاولة اللحاق بكل شيء تجعلنا نفقد الشيء الأهم: الحضور في اللحظة الحالية التي نعيش فيها، فنحن نركض باستمرار نحو كل ما يبدو مهماً، دون أن نمنح أنفسنا الوقت للتركيز على ما نعيشه فعلاً. هذا القلق المستمر قد يدفعنا لاتخاذ قرارات متسرعة، أو قبول دعوات لا نرغب فيها حقاً، أو حتى إهمال قيمنا وأهدافنا الحقيقية فقط لمجاراة ما يبدو شائعاً أو مهماً عند الآخرين.

التحرر من الخوف من الفوات ليس سهلاً في عالم يتغذى على الموازنة الدائمة، وفي بيئات ينتشر فيها الاستعراض والتغذي على الشكليات، لكنه يبدأ بخطوة بسيطة: أن نلتفت لحياتنا نحن، لا لحياة الآخرين. أن نحترم اختياراتنا، حتى لو بدت أقل إثارة أو ضجيجاً، لأنها في النهاية تنتمي إلينا.

اللحظة التي نعيشها الآن، بكل ما فيها من بساطة، تستحق انتباهنا الكامل، لأننا إن بقينا نركض خلف كل شيء، فقد نفقد كل شيء، بما في ذلك أنفسنا وسعادتنا.

متابعات

إقرأ ايضا

اخترنا لك
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى