يتزايد الاعتراف حاليًّا بأن التوقف عن تناول مضادات الاكتئاب، خصوصًا بعد استخدامها لفترات طويلة، قد يؤدي إلى ظهور أعراض انسحاب شديدة ومزعجة؛ ما دفع حكومة المملكة المتحدة إلى اعتبارها قضية صحية عامة.
وقد تأخر الاعتراف بهذه المشكلة لسنوات، ويرجع أحد الأسباب الرئيسة إلى الإرشادات الطبية القديمة التي أصدرها المعهد الوطني للصحة والرعاية في إنجلترا (NICE)، والتي اعتبرت لسنوات أن أعراض الانسحاب “خفيفة ومؤقتة”.
واعتمدت هذه التوصيات على دراسات دعمتها شركات الأدوية وفقًا لـ”ساينس أليرت”، أُجريت على مرضى تناولوا مضادات الاكتئاب لفترة قصيرة لا تتجاوز 8 إلى 12 أسبوعًا.
لذلك، عندما أبلغ مرضى لاحقًا عن أعراض انسحاب طويلة الأمد وشديدة، تجاهل بعض الأطباء هذه الشكاوى، لأنها لم تكن منسجمة مع ما ورد في التوجيهات الطبية الرسمية.
وكشف بحث جديد عن علاقة وثيقة بين مدة استخدام مضادات الاكتئاب وشدة أعراض الانسحاب الناتجة عنها.
ووفقًا لدراسة أُجريت على مرضى في هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية، تبيّن أن الذين استخدموا هذه الأدوية لأكثر من عامين كانوا أكثر عرضة بعشر مرات للإصابة بأعراض انسحابية، مقارنة بمن استخدموها لأقل من ستة أشهر.
ووجد الباحثون، أن الأعراض لدى مستخدمي مضادات الاكتئاب لفترات طويلة كانت أكثر حدة بخمس مرات، واستمرت لفترات أطول بمعدل يزيد 18 مرة، مقارنة بمن كانت فترة تناولهم للعلاج قصيرة.
في المقابل، أظهرت النتائج أن من استخدموا الأدوية لأقل من ستة أشهر، عانوا في الغالب أعراضًا خفيفة وقصيرة المدى، حيث أفاد ثلاثة أرباعهم إما بعدم ظهور أعراض انسحاب أو بظهور أعراض بسيطة لم تتجاوز الأربعة أسابيع.
وأظهرت النتائج أن واحدًا فقط من كل أربعة مرضى استطاع التوقف عن تناول مضادات الاكتئاب وقتما أراد، بينما واجه الآخرون صعوبة في ذلك.
أما بين الذين استخدموا الدواء لأكثر من عامين، فقد أبلغ ثلثاهم عن معاناة من أعراض انسحاب متوسطة إلى شديدة، في حين قال ربعهم إن الأعراض كانت شديدة للغاية.
وأفاد ما يقرب من ثلث مستخدمي مضادات الاكتئاب لفترات طويلة بأعراض استمرت لأكثر من ثلاثة أشهر، ولم يتمكن أربعة أخماس هؤلاء المرضى من التوقف عن تناول مضادات الاكتئاب رغم محاولتهم ذلك.
متابعات