الاجتهاد وحده لا يكفي

بقلم/ شيماء المرزوقي

الفشل واقع حياتي الجميع يتعرضون له، حتى أولئك المجتهدون والمثابرون. ومع أننا نسلم بحتمية الفشل لمن هو كسول وغير مجتهد، ولمن لا يبذل الأسباب ويجد، إلا أن هناك حالات من الفشل تعرض لها أناس كانوا على درجة عالية من الاستعداد، والمثابرة، والجد، والاجتهاد. ومن هنا، يتسلل نوع من الإحباط، وحالة من الألم والخيبة، وشعور غير صحيح بالهزيمة، وأنه لا جدوى من الجد ولا المثابرة.

وكما هو معروف، فإن الإخفاق يحدث لعدة أسباب، منها أسباب بديهية وواضحة، مثل ضعف التخطيط أو غيابة، وعدم التقييم والمراجعة، وهو الاستمرار في تنفيذ خطة دون نتائج، والانشغال بالتفاصيل أو المهام الثانوية على حساب الأولويات الحقيقية وغيرها.

وهناك أسباب أخرى خفية وغير واضحة للفشل، منها عوائق نفسية مثل الخوف من النجاح، أو الشعور بعدم الاستحقاق، أو القلق من التغيير. وهناك سبب اختيار الهدف الخطأ، حيث يكون الإنسان مجتهداً لكنه في طريق لا يناسبه، ولا ننسى الإرهاق العقلي أو الجسدي، وهناك أيضاً معضلة التوقيت والفرص والظروف، ولا ننسى ضعف العلاقات أو غياب الدعم الاجتماعي، وهذان الجانبان يصنعان فرقاً كبيراً، وغيابهما قد يؤثر سلبياً في كل مجتهد.

هذا الجانب المتعلق بالإخفاق رغم الاجتهاد، رصدته عدة بحوث علمية ودراسات، من بينها دراسة مهمة قادها الباحث الدكتور يان ين، من جامعة كورنيل الأمريكية، ونشرت عام 2019، قام خلالها فريق من العلماء بتحليل آلاف الحالات من الفشل والنجاح في مجالات متعددة.

وقد وجد الباحثون مفارقة مذهلة ومهمة، هي: «أن الاجتهاد وحده لا يكفي لتحقيق النجاح، بل إن ما يحدد مصير الشخص بعد الفشل هو مدى قدرته على التعلم من الإخفاق، وتحسين المحاولة التالية استناداً إلى أخطائه السابقة. وإن الأشخاص الذين يعيدون تكرار نفس المحاولات بعد الفشل دون تعديل حقيقي، غالباً ما يستمرون في الفشل مهما اجتهدوا.

أما الذين يستفيدون من أخطائهم السابقة، ويغيرون استراتيجياتهم بناء على الدروس المستخلصة، فهم الأقرب إلى النجاح لاحقاً».

وبالتالي، يجب توقع الفشل، والاستعداد دائماً لأسوأ الاحتمالات، وعندما يقع الإخفاق، فإنه من المهم معرفة الأسباب ومعالجتها، وعدم الاستسلام للقلق والتوتر، والتراجع المحمل بالمخاوف والتردد.

لا تحكم على مستقبلك بالهزيمة، بسبب جوانب حياتية عابرة، فبالذكاء والمعالجة الصحيحة تتجاوزها.

متابعات

إقرأ ايضا

زر الذهاب إلى الأعلى