والجميل في الأمر أن كل تلك المصاعب والمواقف التي نمر بها، هي ذاتها التي تجعلنا ننهض من جديد وبقوة وتجلد أكبر بكثير عما كنا، وتجعلنا في البداية نغوص بمجرياتها وتفاصيلها ونحمل أنفسنا عبئاً ثقيلاً نعجز عن أن نتحمله إلا بعد أن نتدارك ونسقطه عن كاهلنا وهذا ليس بالشيء الهين، إلا إذا تدارك المرء نفسه من البداية وأعطى مجالاً للتأمل لحاله وأرجع الأمور لنصابها، فمن منا لم يمر بالموقف الصعب والثقيل على النفس ومن بعدها بفترة طالت أم قصرت يجد أن ذلك الموقف الذي أثقله هو نفسه الذي دفعه للتقدم، وأن يصل لمكانة أو مرحلة لم يكن يحلم بها أساساً، وهو بفكر جديد واستيعاب عميق لما يجري حوله.
وتلك الحقيقة تجعلك تشكر المواقف الصعبة التي مررت بها، وتتأهب من جديد لألا تأخذ وقتاً أطول بالمواقف المستقبلية التي ستمر بها، فالمرء عليه أن يروض العقبات ويمهد الطريق لنفسه، ويضع نفسه في موقع التأمل والتفكر دائماً لما يجري له، والحكمة كما قيل ضالة المؤمن أنّا وجدها فهو أحق الناس بها، ولنعلم جميعا أننا مستأمنون على أنفسنا ولها حق علينا ألا نسعى بإرادتنا الى أن نثقلها بالهموم والأحزان، وخاصة الشعور بوقع المظلمة، والمشاعر السلبية التي يغمس الإنسان نفسه فيها، بينما الحياة الوردية التي يعيشها لا يرى منها شيئاً البتة.
فهنا الاستغاثة التي نطلقها ونطلبها للشخص نفسه، لا أحد يمكنه أن يخرجه من غياهبها إلا نفسه، ومن خلال التفكر والتأمل وإعطاء الروح نقاهتها وإراحة النفس، وربط كل ذلك بعلاقته مع خالقه، وتوكله عليه والرضا بالقضاء والقدر، فهي النجاة بعينها.
متابعات