بقلم/شيماء المرزوقي
في عالم يضجّ بالأحداث اليومية والمواضيع المتجددة كل ساعة، نجد أنفسنا أمام سيل من القضايا التي تفرض علينا، أو هكذا نعتقد، أن يكون لنا رأي فيها من السياسة إلى الفن، القضايا المجتمعية، حتى الاختيارات الشخصية للناس. بات من المعتاد أن يكون لكل فرد موقف، أو على الأقل، تعليق، حول كل شيء تقريباً. لكن هل نحن بحاجة فعلاً إلى أن نملك رأياً في كل ما يدور حولنا؟
وهل الصمت في بعض المواضيع يعدّ ضعفاً أم وعياً؟ نادراً ما نتوقف لنفكر في مدى ملاءمة ما نشارك فيه، أو لماذا نشعر بالحاجة إلى التعبير. كثيراً ما نعبّر عن آراء لم نمنح أنفسنا وقتاً كافياً لفهمها، أو في مواضيع لا نملك عنها معرفة حقيقية. وفي هذا السياق، يشير الفيلسوف الكندي آلان ذو بوتون إلى فكرة لافتة، في كتابه «مدرسة الحياة» The school of life 2020؛ إذ يقول: «ليست كل القضايا بحاجة لرأيك؛ إن إدراك متى يكون رأيك غير ضروري هو وعي يستحق التقدير»، وهو يوضح بذلك أن الصمت أحياناً لا يقلّ أهميةً عن الكلام، بل قد يكون موقفاً ناضجاً في عالم يكثر فيه الضجيج.
في كثير من الأحيان، لا نمنح أنفسنا مساحة كافية لنقول ببساطة «لا أعرف» أو «لست متأكداً» أو «لا أرغب بالتعليق». وكأننا نخشى أن ينظر إلينا على أننا غير مثقفين، أو غير مهتمين. وهكذا، يتحول الرأي من خيار إلى عبء، ومن موقف مدروس إلى انفعال لحظي فرضه ضغط المشاركة الجماعية أو وسائل التواصل.
الغريب أن هذا الشعور بالضغط لاتخاذ موقف لا يرتبط غالباً بالقضايا التي تؤثر في حياتنا بشكل مباشر، بل بتلك التي تكون بعيدة تماماً عنا. ومع كل «ترند» جديد، نشهد تدافعاً على تشكيل المواقف، والردود، والتصريحات، حتى من أشخاص لا علاقة لهم بالموضوع، ولا يحملون معلومات كافية عنه. وهنا يتحول الرأي من وسيلة للفهم، إلى أداة للتشويش.
من المهم، من وجهة نظري، أن ندرك أن عدم امتلاك رأي فوري لا يعني السطحية أو اللامبالاة، بل قد يكون أحياناً علامة على النضج. أن تتوقف، تفكر، أو حتى تختار الصمت، قد يكون أصدق من مشاركة رأي غير مدروس، فالرأي، شأنه شأن الفعل، له وزن وأثر ومسؤولية.
متابعات