الإنسان المعزز.. والطبيعي

كما هو ماثل في حياتنا، فإن التطورات التقنية ودخول التكنولوجيا إلى مختلف مفاصل حياتنا واقع نعيشه، ومع مثل هذا التطور المستمر، بدأ يظهر مفهوم جديد «الإنسان المعزز»، وهو نتيجة لتطور الذكاء الاصطناعي، وعلوم الأعصاب.

ويقصد بالإنسان المعزز الإنسان البشري، لكن مع تعزيز بعض إمكاناته بواسطة تقنيات الذكاء الاصطناعي، وهو ما يعني تطوراً نوعياً في حياة الإنسان. وهذا التعزيز للإنسان يمكن أن يكون في الأطراف الصناعية الذكية، أو حتى في زراعات في الدماغ، أو ربط الشبكات العصبية للإنسان بالحاسوب، أو من خلال الأجهزة التي تعطي قدرات مثل الرؤية الليلية أو التفاعل مع الآلات بمجرد التفكير.

ومع أن مثل هذا الموضوع يعتبر عند البعض ضرباً من ضروب الخيال العلمي، ولا واقعية له رغم ظهور هذه التقنيات كوسيلة للعلاج، في جوانب حياتية، مثل الإعاقات أو في زرع القوقعة لضعف السمع، أو ما يسمى بالأطراف الإلكترونية لمن فقد أطرافه، أو لمن يعاني الشلل وعدم القدرة على الحركة إلا بكرسي متحرك. وغيرها، وجميعها تقنيات علاجية، ويتوقع لها التطور أكثر مع مرور الزمن.

لكن ما يحدث في هذا العصر هو تحول عن الاستخدام العلاجي إلى استخدامات تستهدف تعزيز القدرات لأشخاص أصحاء، ويستخدمون هذه التقنيات لتحسـين أدائهــم البدني، أو المعرفي.

من هنا ظهرت تساؤلات أخلاقية وقانونية حول من يحق له الحصول على هذا التعزيز، وهناك تساؤلات أكثر عمقاً مثل: هل ستتسبب هذه التقنيات في انقسام بين الإنسان الطبيعي الاعتيادي، والإنسان المعزز الذي يمتلك قدرات أقوى وأعلى؟ ومع إدراك أن البعض يستبعد الوصول إلى هذه المرحلة التي يصبح فيها الإنسان نوعين: طبيعياً وغير طبيعي، إلا أن ملامحها تظهر، وما سيسهم في زيادة هذه الفجوة أن هذه التقنيات ستكون باهظة الثمن، وبالتالي، لن يستطيع الاستفادة منها إلا من يملك المال، ومن هنا يكون الانقسام واقعاً دون شك.
هناك من يقول بأن المرحلة الثانية من تطور البشرية هي تطوير قدرات الإنسان الذاتية والفكرية، وبغض النظر عن مدى دقة هذا التوصيف، المطلوب سن القوانين والتشريعات التي تحد من أي تجاوزات تمس الإنسان ومقدراته وكرامته البشرية.

متابعات

إقرأ ايضا

اخترنا لك
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى