لغة لا تحتاج إلى ترجمة

بقلم/ شيماء المرزوقي

عندما يقع زلزال، أو ثوران بركان، أو تسونامي، أو انهيار مبانٍ، أو حروب تدمر وتشرد الناس، ونشاهد صورة طفل يبكي، أو نشاهد صورة رجل يجلس بين الأنقاض، أو صورة امرأة أعياها التعب، وهي تبحث عن أطفالها، وغيرها من الصور والمشاهد المؤثرة.

في تلك اللحظة، ومع مثل تلك المشاهد، لا أعتقد أننا بحاجة إلى كلمات، أو ترجمة لتشرح لنا ذلك الواقع الحزين، وتصف شعور الضحايا، فالمشهد يتحدث بلغة واحدة يفهمها الجميع حول العالم، وهي: لغة التعاطف الإنساني.
كل واحد منّا، قد يمر عليه مقطع أو صورة على شبكة الإنترنت، ويكون لها أثر بالغ عليه، مع أنها صورة أو مقطع لحدث بعيد عنه، وبغض النظر عن نوع المشهد المؤثر، فإن الكثير تحدث لهم ردة فعل عاطفية، بل وشديدة الحزن، مع أنها من مجتمع بعيد عنّا، أو من موقع جغرافي لا نعرف مكانه بالتحديد، ومع هذا تنتابنا مشاعر من الحزن والتعاطف.

هناك آلاف الصور المؤثرة، التي نراها في عالم اليوم، لأحداث مؤلمة، من حروب أو كوارث طبيعية أو حوادث وغيرها، ومعها نشعر بالتعاطف والأسى.

في الواقع هناك لغة، أخرى هي لغة التعاطف، التي تشعرنا بمعاناة الآخرين، وتربطنا بهم. التعاطف هو القدرة على الشعور بما يشعر به الآخرون من حزن وفرح وخوف وقلق، دون أن نعيش بالضرورة نفس ظروفهم أو حياتهم.

حين يتعرض بلد ما لكارثة، نرى أشخاصاً من مختلف الجنسيات يرسلون مساعدات، أو يتطوعون بأنفسهم للسفر، لتقديم المساعدة، دون أن تكون لهم علاقة مباشرة بالضحايا، إنهم فقط يشعرون بأنهم جزء من تلك المعاناة البشرية المشتركة.

في عالم أصبح فيه التواصل الافتراضي سريعاً وسهلاً، لكنه أحياناً يكون سطحياً، فالتعاطف يعيدنا إلى الجوهر الحقيقي للإنسانية. لأنه اللغة الوحيدة التي لا تحتاج إلى قواميس أو ترجمة، لأنها تفهم بالقلب قبل العقل، وتتجاوز الحواجز الثقافية والاجتماعية.

ربما لا نستطيع دائماً تغيير ظروف الآخرين بشكل كامل، لكن التعاطف يمنحنا القدرة على تغيير نظرتهم للأشياء، وإشعارهم بأنهم ليسوا وحيدين في هذه الحياة. ولعل أجمل ما في التعاطف أنه حين نقدمه للآخرين، لا ننقص منه، بل يزداد عمقاً وصدقاً داخل قلوبنا

متابعات

إقرأ ايضا

اخترنا لك
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى