الكيانات والهياكل الصورية تواصل تكاثرها الفوضوي في مناطق الشرعية اليمنية

مشكلة الهياكل التي يعلن عن تشكيلها افتقارها للسند الشعبي وللأدوات التنفيذية التي تجعلها فاعلة على أرض الواقع.

يتواصل في مناطق الشرعية اليمنية التكاثر السريع للهياكل السياسية والكيانات المناطقية التي لا يبدو أنّ لغالبيتها العظمى تأثيرا فعليا على أرض الواقع ما يجعلها بمثابة تعبير صوري عن حضور مؤسسيها على الساحة وأدوات لتصفية الحسابات ضدّ خصوم ومنافسين على الساحة نفسها، وفي أقصى الحالات أدوات في صراع بالوكالة على النفوذ في تلك المناطق.

وتأسست في ظرف وجيز نسبيا العديد من تلك الهياكل والكيانات على غرار مجلس حضرموت الوطني، ومؤتمر حضرموت الجامع، ومؤتمر مأرب الجامع والتكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية. وأضيف “مولود جديد” لعائلة الهياكل والتكتلات غير المتجانسة في أغلبها تمثّل بمؤتمر سقطرى الوطني الذي وقف وراء إنشائه جماعة حزب الاصلاح  لهدف محدّد يتمثّل في مناكفة المجلس الانتقالي الجنوبي صاحب النفوذ في أرخبيل سقطرى والذي سبق له أن أنهى نفوذ حزب التجمّع اليمني الإصلاح داخله.

وتمّ تأسيس المؤتمر الذي أعلن عنه أواخر الأسبوع الماضي على يد مجموعة من الفعاليات السياسية والقَبَلية عقدت مؤتمرا تحت شعار “سقطرى تجمعنا، ومعا من أجل سقطرى” وقامت خلاله بتزكية هيئة رئاسة تركبت من سبعة وثلاثين عضوا، ومن وأمين عام ومساعديْن.

وحدّد بيان صادر عن مؤتمر التأسيس جملة من أهداف الهيكل الجديد متمثّلة في توفير المشتقات النفطية والغاز من قبل الدولة وبالسعر الرسمي أسوة بباقي المحافظات الواقعة ضمن مناطق الشرعية، ورفض ما سمّاه المؤتمرون “العبث ببيئة أرخبيل سقطرى وأراضيه وجميع تصرفات البيع والاستيلاء المخالف للقانون ومحاسبة المتسببين في ذلك.”

ووجه دعوة للحكومة المعترف بها دوليا لدعم تذاكر الطيران بتخفيض أسعارها المكلفة التي أرهقت كاهل المواطن السقطري. وطالب مجلس القيادة الرئاسي والحكومة بمنح أبناء سقطرى مقاعد في مجلس الشورى والسفارات والقنصليات والوزارات والمؤسسات العامة وإشراكهم في إدارة الدولة، كما دعاهما لزيارة محافظة أرخبيل سقطرى وتلمس احتياجات سكانها. كما دعا السلطة المحلية إلى الحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة منددا بـ”استخدام السلاح ضد المواطنين والاستهتار بالدماء.”

وتوجّه البيان إلى “المجتمع السقطري بكافة مكوناته السياسية والاجتماعية للاصطفاف وتوحيد الكلمة والمطالبة بحقوق المحافظة وأبنائها”، داعيا إلى “عدم احتكار مكون معين لإدارة المحافظة بكافة مؤسساتها ومفاصلها وإقصاء وتهميش الكفاءات من أبناء سقطرى من الوظائف العامة، وإلى تصحيح الأوضاع المدنية والعسكرية في المحافظة.”

وإثر الإعلان عن تأسيس مؤتمر سقطرى الوطني شرعت جهات سياسية ووسائل إعلام محلية في الترويج له والحديث عن أدوار كبيرة وأهداف طموحة منوطة به. وقال الأمين المساعد للمؤتمر أمير السقطري إن تشكيل الهيكل الجديد “تم في لحظة تاريخية مفعمة بالأمل والمسؤولية”، وأضاف في حسابه على فيسبوك أن “المؤتمر جاء ليكون منبرا لأبناء سقطرى يعبّر عن تطلعاتهم ويجمع كلمتهم تحت مظلة واحدة دفاعا عن الحقوق وحفاظا على الهوية والتراث.”

واعتبر أن الإعلان عن تشكيله “جاء في وقت تمر فيه الجزيرة بتحديات غير مسبوقة، سواء على المستوى السياسي أو الاجتماعي أو التنموي”، معتبرا أن المؤتمر “يحمل رسالة واضحة هي أن سقطرى ليست مجرد أرض بل إرث حضاري وشعبي يجب الحفاظ عليه.” وأكد المتحدّث نفسه “أن الصوت السقطري الحر لا يمكن أن يُسكت وأن الجزيرة بحاجة إلى تحرك وطني جامع لمواجهة محاولات السيطرة والتدخل في شؤونها.”

وفي أوضح كشف عن توجيه الهيكل الجديد ضدّ طرف محدّد هو المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بتأسيس دولة الجنوب المستقلّة، قال السقطري “منذ اللحظة الأولى للتحضير لإشهار المؤتمر واجه المؤتمرون تحديات كبيرة حيث انسحبت بعض الشخصيات نتيجة الضغوط والتهديدات والاعتقالات التعسفية التي مارستها سلطة الأمر الواقع والمجلس الانتقالي في محاولة لإجهاض هذا المشروع الوطني الجامع.”

وختم منشوره بالقول في “ظل هذه الظروف، بات واضحا أن نجاح المؤتمر يتطلب تجاوز الخلافات، ووضع مصلحة سقطرى فوق كل اعتبار، والوحدة الوطنية هي السلاح الأقوى في مواجهة كل محاولات التفريق والتهميش.” ويحاكي المؤتمر الجديد في تسميته وأبرز أهدافه مجلس حضرموت الوطني الذي كان قد أعلن عن تشكيله قبل فترة على أمل أن يشكّل قوّة مضادّة للانتقالي الجنوبي في المحافظة التي يحمل اسمَها والتي تُكسبها ثرواتُها الطبيعية وموقعها الإستراتيجي أهمية استثنائية تذكي صراع النفوذ حولها.

لكنّ مشكلة مثل تلك المؤتمرات والمجالس أنها تظل بعيدة كل عن إمكانية للفعل على أرض الواقع نظرا لافتقارها للأدوات والوسائل التنفيذية، بالإضافة إلى افتقارها للعمق الشعبي في ظل حالة من وعي السكان بخلفياتها وأهدافها الأصلية، بالإضافة إلى انصرافهم عن مآرب السياسيين وصراعاتهم إلى مواجهة ظروفهم المعيشية الآخذة في الصعوبة والتعقيد يوما آخر.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى