كشفت مصادر خاصة على صلة وثيقة بالقصر الجمهوري، أن رفعت الأسد، عم الرئيس السوري السابق بشار الأسد بقي في سوريا ولم يغادرها إلى الخارج كما فعل العشرات من أقرباء الرئيس السابق ورجالاته.
وذكرت المصادر أنه وفي الليلة التي هرب فيها بشار الأسد إلى روسيا، أمر ضابط كبير في القصر الرئاسي، أحد الضباط الأقل رتبة (رائد في الحرس الجمهوري يدعى عماد) بنقل رفعت الأسد من دمشق إلى مسقط رأسه، بلدة القرداحة، في الساحل السوري.
المصادر كشفت أن (الرائد عماد) أوصل رفعت الأسد إلى القرداحة، حيث طلب الأخير منه تركه في أحد شوارع المدينة والعودة إلى دمشق، دون أن يتضح حينها وجهة رفعت أو المكان الذي سيقصده في البلدة.
ولم يظهر رفعت الأسد بعد ذلك، رغم سيطرة إدارة العمليات العسكرية التابعة لهيئة تحرير الشام والفصائل المتحالفة معها على معظم المحافظات والمدن السورية، بما فيها مدينة القرداحة، مسقط رأس آل الأسد.
ورجحت المصادر ل “إرم نيوز” أن يكون أقرباء رفعت أو بعض أهالي بلدته، وخاصة أولئك الذين يدينون بالولاء له من “سرايا الدفاع” حين كان قائدًا لها في أوائل الثمانينات، قد أخفوه عن الأنظار، لحمايته من الحكام الجدد الذين بادروا فور وصولهم إلى القرداحة إلى حرق قبر شقيقه حافظ الأسد.
وعاد رفعت الأسد إلى سوريا في أكتوبر/تشرين الأول 2021، بعد أن غادر فرنسا التي كان يقيم فيها وفي إسبانيا منذ العام 1985، إثر صدور قرار عن القضاء الفرنسي بحبسه لمدة 4 سنوات.
وعقب عودته، استقبله الرئيس السابق بشار الأسد، والتقطت صورة عائلية تجمعه مع بشار وباقي العائلة بعد أيام من عودته إلى البلاد.
مُصاب بالخرف
تفيد المصادر أن رفعت الأسد الذي يبلغ من العمر 87 عامًا، أصيب بالخرف وتراجعت ذاكرته وقدراته العقلية. حيث يروي مقربون منه أنه في الآونة الأخيرة لم يكن يستطيع التعرف أو تمييز المحيطين به.
وإثر عودته، من أوروبا، كان يُفترض أن الرئيس السوري السابق بشار الأسد، تكفل باحتياجاته ونفقاته، بعد أن فقد ثروته في فرنسا وإسبانيا وبريطانيا. وفعلًا _تقول المصادر – خصص بشار منزلًا لعمه، بالقرب من المنطقة التي يقع فيها القصر الرئاسي في دمشق، ووضع تحت تصرفه عناصر من الحرس الجمهوري لتلبية طلباته وتنقلاته، لكنه لم يسأل عنه فيما بعد، وفقًا للمصادر.
وتضيف المصادر أن أبناءه أنفسهم لم يسألوا عن أبيهم طيلة فترة وجوده في دمشق، حتى ابنه الأكبر دريد الذي كان يتمتع بعلاقة جيدة مع ابن عمه بشار الأسد، حيث تخلى عن زيارته في الآونة الأخيرة.
ولرفعت الأسد خمسة أبناء ذكور، من 4 زيجات؛ دريد ومضر وسومر وسوار وفراس الذي يعارض ابن عمه بشار، وريبال الذي أسس منظمة الديمقراطية والحرية في سوريا وذلك في العام 2009 ثمّ أصبح مديرًا لها، ولدى رفعت ابنتان أيضًا هما لمياء وتماضر.
من هو رفعت الأسد؟
ولد رفعت العام 1937 في بلدة القرداحة في محافظة اللاذقية الساحلية، وهو الشقيق الأصغر للرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد.
في فبراير/ شباط 1982، وكقائد لـ”سرايا الدفاع”، قاد رفعت القوات التي أخمدت تمردًا بقيادة الإخوان المسلمين في مدينة حماة، وكان قوام هذه القوات حوالي 20 ألف جندي.
وتُتهم “سرايا الدفاع”بالمسؤولية الرئيسة عن قمع انتفاضة حماة، حيث يُعتقد أن قوات رفعت الأسد قصفت المدينة؛ ما أسفر عن مقتل الآلاف من سكانها (يتراوح العدد الإجمالي للقتلى بين 10 آلاف و40 ألف قتيل)، وتدمير معظم أجزاء مدينة حماة؛ ما أكسب رفعت لقب “جزار حماة”.
لكن في مقابلة تلفزيونية معه في ديسمبر/كانون الأول 2011، نفى رفعت الأسد مسؤوليته عن “مجزرة حماة”، وقال إنها تهمة وكذبة روج لها “النظام السوري” وفق قوله، واتهم شقيقه حافظ الأسد بالمسؤولية عما جرى في حينه.
إلى المنفى
في أواخر عام 1983، عانى حافظ الأسد من مشاكل في القلب، وأنشأ إثر ذلك لجنة من ستة أعضاء لإدارة البلاد تتألف من عبد الحليم خدام وعبد الله الأحمر ومصطفى طلاس ومصطفى الشهابي وعبد الرؤوف الكسم وزهير مشارقة. لم تتضمن اللجنة رفعت الذي بدأ العديد من كبار الضباط في الالتفاف حوله، بينما ظل آخرون موالين لتعليمات حافظ.
في مارس/ آذار 1984، بدأت قوات رفعت التي بلغ عددها أكثر من 55 ألفًا مع الدبابات والمدفعية والطائرات والمروحيات، بفرض سيطرتها على دمشق. وسرعان ما ازداد عدد “سرايا الدفاع” وسيطرت على كل من القوات الخاصة والحرس الجمهوري.
بعد أن تعافى حافظ الأسد، واستعاد زمام المبادرة، تم الاتفاق على مغادرة رفعت الأسد إلى أوروبا. وعند مغادرته، حصل رفعت على 300 مليون دولار أمريكي من المال العام بما في ذلك قرض من الزعيم الليبي معمر القذافي بقيمة 100 مليون دولار. وأمضى السنوات اللاحقة مقيمًا بين فرنسا وإسبانيا بشكل أساسي.
علاقة “معقدة” مع بشار
بعد وفاة حافظ الأسد العام 2000، اتسمت علاقة رفعت بابن أخيه، بشار الأسد، بالتعقيد.
ففي حين أيّد رفعت في البداية صعود بشار إلى السلطة، تدهورت علاقتهما بمرور الوقت بسبب الخلافات حول المسائل السياسية والعائلية. وعارض رفعت قيادة بشار وانتقد تعامله مع الحرب السورية التي بدأت العام 2011.
واستمر رفعت في موقفه المعارض لحكم بشار حتى ظهوره في مايو/أيار العام 2021 في السفارة السورية في باريس، وهو يدلي بصوته في الانتخابات الرئاسية، وأرسل لاحقًا برقية تهنئة لابن أخيه بمناسبة إعادة انتخابه.
مُلاحَق من فرنسا ومُعاقَب أوروبيا
في العام 2020، أصدرت محكمة البداية الفرنسية حكمًا بسجنه 4 سنوات ومصادرة العقارات التي يملكها في فرنسا، والتي تقدر قيمتها بمئة مليون دولار، كما أدانته محكمة الاستئناف في باريس بتهمة الاحتيال الضريبي وتشغيل أشخاص بشكل غير قانوني العام 2021، وأمرت بسجنه ومصادرة جميع العقارات الخاصة به التي اعتبرت أنه حصل عليها عن طريق الاحتيال.
وفي بريطانيا، أصدر الادعاء البريطاني قرارًا يقضي بتجميد أصول بملايين الجنيهات الإسترلينية تعود لرفعت الأسد في بريطانيا، ومنعه من بيع منزل يمتلكه في منطقة ميفير قيمته 4.7 ملايين جنيه إسترليني.
كما أمرت السلطات الإسبانية بمصادرة ممتلكات أسرة رفعت الأسد، وتجميد حساباتها المصرفية، وذلك ضمن تحقيق ضده بتهم تتعلق بغسيل أموال.
متابعات