يشعر الأطفال هذه الأيام بقلق متزايد أكثر من أي وقت مضى، فيما تتحول هذه الظاهرة تدريجياً الى مصدر للمشاكل التي يُعاني منها وتسبب لهم مشاكل صحية وعقلية أكبر في حال استمرارها مستقبلاً.
وقالت خبيرة الصحة النفسية الأميركية آمي مورين في مقال نشره موقع “بي سايكولوجي توداي”، إن “السنوات الماضية سجلت زيادة ملحوظة في القلق بين الأطفال، مما يجعلهم الجيل الأكثر قلقاً على الإطلاق”.
لكنّ مورين عرضت في مقالها 10 أسباب تقف وراء هذه الظاهرة، وفي حال تمكننا من تجنب هذه الأسباب فقد ننجح في القضاء على القلق لدى أطفالنا، أو التقليل منه على الأقل.
وتقول مورين إن من المهم فهم الأسباب الكامنة وراء قلق الأطفال أكثر من أي وقت مضى، ويمكن حصر هذه الأسباب في 10 أشياء:
أولاً: يتعرضون لضغوط من أجل التفوق في كل شيء، حيث غالباً ما تتميز البيئة التعليمية اليوم بتأكيد قوي على النجاح الأكاديمي والإنجاز الرياضي. ويتم دفع الأطفال إلى التفوق، في بعض الأحيان من سن مبكرة جداً، مما يخلق جواً تنافسياً يمكن أن يؤدي إلى التوتر والقلق.
ويمكن أن يطغى الضغط على الأداء الجيد وعلى متعة التعلم ويعزز بيئة يخشى فيها الطفل من ارتكاب الأخطاء، بدلاً من النظر إليها كفرص للنمو.
التعرض الطويل للشاشات يؤثر سلبيا على الأطفال
ثانياً: يشعر الكبار بالتوتر ويلتقط الأطفال ذلك، فقد ذكر تقرير نُشر مؤخراً في الولايات المتحدة أن 48 بالمئة من الآباء يواجهون ضغوطاً ساحقة في معظم الأيام ويفتقر العديدُ من الآباء إلى مهارات التأقلم أو الدعم الاجتماعي. وقد يكون الآباء المتوترون أقل حناناً وأقل استجابة لأطفالهم، مما قد يؤدي إلى زيادة خطر مشاكل السلوك وانخفاض احترام الذات والعزلة الاجتماعية للأطفال.
ثالثاً: يقلل وقت الشاشة من وقت الأطفال وجهاً لوجه، فمع ظهور التكنولوجيا، يقضي الأطفال المزيد من الوقت على الشاشات، مما قد يؤثر سلباً على أنماط النوم ويقلل من فرص التفاعل، وهذه التفاعلات ضرورية لتطوير الذكاء العاطفي والمرونة.
كما أن وسائل التواصل الاجتماعي، على وجه الخصوص، تعرضُ أنماط حياة مثالية تؤدي إلى المقارنات الاجتماعية، وهو ما يضيف المزيد من الضغط والتوتر على الأطفال.
رابعاً: جداولهم ممتلئة. حيث لدى العديد من الأطفال اليوم جداول مليئة بالأنشطة اللامنهجية، مما يترك القليل من الوقت للاسترخاء واللعب غير المنظم. وفي حين أن هذه الأنشطة يمكن أن تكون مثرية، فإن نمط الحياة المليء بالجدول الزمني المفرط يمكن أن يؤدي إلى الإرهاق والقلق، مما يمنع الأطفال من الحصول على وقت التوقف اللازم للتعافي العقلي والعاطفي.
خامساً: نحن نفعل الكثير من أجلهم، حيث يحتاجُ الأطفال إلى فرص الاستكشاف دون الكثير من الرقابة، تماماً كما قد تشعر بالقلق عندما يقف رئيسك فوق كتفك ويراقبك وأنت تكتب، حيث يشعر الأطفال بالقلق عندما نراقبهم باستمرار ونتدخل ونوجه كل خطوة يقومون بها. ومن المهم أن يشعر الأطفال بالكفاءة وبدون فرص للاستقلال، فقد يكافحون لتعلم ما هم قادرون على القيام به بمفردهم.
اللعب في الأماكن المفتوحة يساعد الأطفال على النمو المتوازن
سادساً: يتعرضون لوسائل الإعلام باستمرار، حيث يعني الوصول إلى الأخبار العالمية أن الأطفال على دراية بقضايا العالم مثل تغير المناخ والاضطرابات السياسية وعدم الاستقرار الاقتصادي. ويمكن أن يساهم هذا الوعي المتزايد في الشعور بالعجز والقلق بشأن المستقبل، حيث يتعاملون مع مشاكل تبدو أكبر من أن يتمكنوا من التأثير عليها.
سابعاً: لقد تلقوا رسالة مفادها أنهم هشّون. حيث يتلقى الأطفال رسالة بين الحين والاخر ومصادر عدة مفادها أنهم ضعفاء، فقد قيل للعديد منهم إنهم “أصيبوا بصدمة” بسبب الوباء أيضاً، على الرغم من أن الغالبية العظمى لم تكن كذلك، مما أرسل لهم رسالة مفادها أنهم مكسورون أو مصابون، مما يؤثر على معتقداتهم حول مدى قدرتهم.
استخدام الهواتف الجوالة لساعات طويلة خطر يهدد صحة الأطفال ونموهم
ثامناً: لا يحصلون على وقت كافٍ للعب غير المنظم في الهواء الطلق. فقد أدت المخاوف بشأن السلامة، إلى جانب جاذبية الترفيه الرقمي، إلى انخفاض اللعب في الهواء الطلق. ومن المعروف أن الطبيعة والنشاط البدني لهما تأثيرات إيجابية على الصحة العقلية، حيث يوفران تخفيف التوتر ويعززان التوازن العاطفي، ويمكن أن يساهم الافتقار إلى هذه المنافذ في زيادة مستويات القلق.
تاسعا: لا يتم تعليمهم كيفية بناء القوة العقلية، حيث لا يتم تجهيز العديد من الأطفال اليوم بآليات مواجهة فعالة لإدارة التوتر. وبدون هذه الأدوات، يمكن أن تبدو التحديات والنكسات غير قابلة للتغلب عليها، مما يؤدي إلى زيادة القلق عند مواجهة ضغوط الحياة. إنهم يكافحون لتنظيم عواطفهم، والتعامل مع الأفكار غير المفيدة، واتخاذ إجراءات إيجابية دون توجيه حول كيفية بناء القوة العقلية.
عاشرا: قد تتجاهل المحادثات المحيطة بالصحة العقلية خطورة القلق، فبينما زادت المحادثات حول الصحة العقلية، غالباً ما تُستخدم مصطلحات مثل “القلق” و”الصدمة” بطريقة غير رسمية، مما قد يخفف من تجربة الأشخاص الذين يعانون من مشاكل الصحة العقلية. وقد يشعر الأطفال الذين يعانون من اضطرابات القلق بالتجاهل عندما يدعي العديدُ من الأشخاص أنهم يعانون من القلق بشكل عرضي. ويمكن أن يؤدي هذا إلى تفاقم مشاعر العزلة والعجز، حيث يكافح الأطفال بدون الدعم الذي يحتاجون إليه.