فاجأت دول حلف شمال الأطلسي “الناتو”، موسكو بتنفيذ خطوة ضمن مُخططها بالتوسع في إنشاء القواعد العسكرية بالقرب من الحدود الروسية.
يأتي ذلك بعد أن احتدم الصراع الروسي الأوكراني، وتغير أوراق اللُعبة بين الطرفين، وخاصة بعد نجاح القوات الروسية في السيطرة على مدن وقرى متعددة في شرق أوكرانيا.
وفي أعقاب إنشاء اللواء متعدد الجنسيات التابع لحلف الناتو، افتتحت السلطات الدفاعية في “لاتفيا” منشآت جديدة في قاعدة “أدازي” العسكرية، باستثمارات من كندا وإسبانيا في بناء هذه المرافق تقدر بحوالي 7 ملايين يورو، وتعكس هذه الخطوة تعزيز الجناح الشرقي لحلف الناتو وموقفه الرادع تجاه روسيا.
ومع هذه الخطوات الأوروبية المتعاقبة للتوسع في إنشاء القواعد العسكرية، ما زالت حالة الترقُب الممزوجة بالتخوف تسود العالم، وبحسب خبراء، فإن هذه الخطوات لها بُعدان قصير وطويل الأمد، وكلاهما يستهدف مواجهة التهديدات الروسية التي تتنامى يومًا بعد يوم.
وبهذا الصدد، قال حامد فارس، أستاذ العلاقات الدولية، إن الإستراتيجية الدفاعية لدول حلف شمال الأطلسي، والتي تتضمن بين طياتها التوسع في إنشاء القواعد العسكرية ليست بالجديدة، بل وُضِعَت منذ سنوات.
وأضاف فارس أنها “لم تُنَفَّذ حتى الآن بسبب ضعف ميزانية الدفاع لدى دول الحلف، بالإضافة إلى العديد من المشكلات الأخرى التي حالت دون تحقيق وتنفيذ هذه الإستراتيجية وأبرزها نقص أعداد الجيوش الأوروبية”.
وأشار في تصريحات إلى أن اختيار لاتفيا لإنشاء قاعدة عسكرية؛ جاء بسبب موقعها الإستراتيجي المحيط بروسيا، وهو ما يعكس رغبة الناتو في مواجهة التهديدات المتصاعدة من قبل موسكو بعد نجاحها في السيطرة على الشمال الشرقي الأوكراني.
ولفت إلى أن القواعد العسكرية التي أُنْشِئَت في فنلندا في إبريل الماضي، والقاعدة العسكرية الألمانية منذ أسابيع وقاعدة لاتفيا ستكون مقرا للتدريبات والمناورات لدول الحلف كافة خلال الأيام المقبلة، وهذه القواعد ملزمة بتقديم تقارير مستمرة عن حالة الأمن في المنطقة للناتو، والتي ستناقش في الفترة المقبلة.
وأوضح أستاذ العلاقات الدولية، أن “البعد الإستراتيجي لهذه القواعد يستهدف على المدى المتوسط وقف التهديدات الروسية، وعلى المدى البعيد أو الطويل مواجهة مباشرة لروسيا بعد اكتمال بناء هذه القواعد في كافة الدول المطلة على الحدود الروسية، وهذه الحالة تنذر بكارثة محققة؛ نظرا لاستخدام روسيا لكافة أسلحتها النووية لدفع المخاطر عنها”.
من ناحيته، قال ناصر اليوسف، الخبير في الشؤون الروسية، إن توسع حلف الناتو بإنشاء قواعد عسكرية بالقرب من الحدود الروسية، ومنها نشر اللواء الألماني في الأراضي الليتوانية يأتي لتعزيز المواقع في الدول المنطوية تحت حلف شمال الأطلسي لتقوية الجبهة الشرقية والجناح الشرقي للحلف.
واستبعد اليوسف توسع رقعة الصراع فيما يتعلق بالحرب الروسية الأوكرانية على حساب حلف شمال الأطلسي؛ لأن كل الدول المجاورة لأوكرانيا أعضاء في حلف شمال الأطلسي؛ وبالتالي ستأتي على حساب الحلف.
وأشار إلى أن دول “الناتو” تعلم جيدًا بأن توسع الصراع مع روسيا من شأنه أن ينذر بكارثة عالمية، وعواقب وخيمة قد لا يتحملها الكثير من دول الحلف؛ نظرًا للمشاكل التي تعاني منها.
وأضاف أن موقف روسيا كان وما زال ضد أي تقدم باتجاه الشرق، وهذا ما يؤكده الرئيس الروسي بوتين في المناسبات كافة.
وأوضح الخبير في الشؤون الروسية، أن ميخائيل غورباتشوف، آخر رئيس للاتحاد السوفيتي، عندما وافق على انضمام ألمانيا الشرقية إلى ألمانيا الغربية أعطى الغرب وعدا بأن حلف شمال الأطلسي لن يتقدم باتجاه الشرق”.
وأردف: “لكن ما حدث هو العكس تماما، فكان هناك خمس مراحل لتوسع الحلف إلى أن وصل إلى مشارف روسيا، وهذا لم يعجب الروس، ولم يكونوا راضيين تماما عن أي مرحلة من مراحل توسع حلف شمال الأطلسي باتجاه الشرق .”
وتابع ناصر اليوسف: “الرئيس الروسي بوتين أشار إلى أنه حال استمرار هذا التصعيد، فمن الممكن أن نتفاهم مع حلفائنا في أمريكا اللاتينية وخاصة كوبا ونيكاراجوا وفنزويلا، وهذه الدول مستعدة لاستضافة أي شيء يريده الروس”، لافتا إلى أنه “في الوقت الراهن لم يحن هذا، معربًا عن تمنيه بعدم حدوث تلك العواقب”.
متابعات