د. مايا الهواري
حياتنا مليئة بالعلاقات، ولولا هذه العلاقات لما استمرّت الحياة، إذ تربط الأشخاص بعضهم ببعض وتقوم فيما بينهم مشاريع وأعمال كبيرة، ومتى اضطربت هذه العلاقات اضطربت معها الأعمال وأواصر الاتّصال، وقد وصلتني في الآونة الأخيرة الكثير من الاستشارات عن التّعلّق بالأشخاص النّرجسيّين غير الأسوياء، ذلك أنّ الإنسان الطّبيعي نرجسيّ بطبعه وأنانيّ يحبّ امتلاك الأشياء، في حين الشّخص النّرجسيّ السّوي يتمكّن من ضبط نفسه و يتمالكها عند الغضب، سواء أكانوا رجالاً أم نساءً، فالشّخص الّذي لديه اضطراب الشّخصيّة النّرجسيّة يتمّ تشخيص حالته بأنّها حالة مرضيّة لا بدّ لها من علاج، يملك صفات تفوق صفات أقرانه، فمثلاً تكون درجة الخيانة لديه مرتفعة، مسيطر لدرجة كبيرة، يقدّم خيارات تعجيزيّة غير متاحة، أو يضع مقارنات مستحيلة، فيضعك أمام خيارين إن أردت هذا الأمر لا تفعل ذاك، والكثير من الأمثلة الّتي تدلّ على طبيعة هذه العلاقة السّامة، وهنا لا بدّ للإنسان أن يسأل نفسه لماذا هو موجود في هذه العلاقة ولم لا يتخلّص منها؟، وهنا نجد أنّ الشّخص المتعلّق بشخص لديه اضطراب شخصيّة نرجسيّة ولا يمكنه الابتعاد عنه هو نفسه يمتلك نقصاً داخليّاً وثقته بنفسه ضعيفة جداً نتجت عن طبيعة الحياة الّتي عاشها منذ الصّغر، فربّما كان مهمّشاً ولم يتمّ بناء شخصيّته بالشّكل السّليم إضافة لعدم الاهتمام به أو تعرّضه للضّرب والاستهزاء وعدم التّقدير، فنشأ نشأة غير سويّة وكبرت معه هذه الصّفات حتّى وصل لدرجة أنّه لكي يرضي الشخص الّذي أمامه يجب أن يجتهد ليحافظ على رضاه، وبهذا الأسلوب يظنّ أنّه حافظ على محبّته له، متحمّلاً علاقته السّامة معه بكافّة أشكالها وهذا بنظره اهتمام لأنّه بداخله لا يعرف سوى هذا النوع من الاهتمام الّذي تربّى عليه.
نستنتج ممّا سبق أنّ العلاقات إن لم تكن سويّة وسليمة، فإنّها ستقتل صاحبها وتدمّره، وتعتبر هذه العلاقات من أسوأ العلاقات إن لم يحاول المرء التّخلّص منها، لأنّها ستقيّده وتعيق حياته وتجعله بلا أهداف، فنصيحة لكلّ شخص يعيش علاقة سامّة أن يسارع للتّخلّص منها ويبدأ خطوة جديدة نحو السّعادة.
متابعات