أحدث صيحات التجميل: تحول جذري نحو المظهر الطبيعي وفق طبيب متخصص

الطب التجميلي يتبع الموضة أو “الترند” على الدوام، كما سائر القطاعات التي تهتم بالجمال والمظهر؛ حيث نلاحظ التوجه العام نحو إجراءات تجميلية معينة لفترة زمنية لا يمكن توقع مداها قبل الانتقال إلى إجراءات مختلفة، أو حتى معاكسة، حيث تصبح الإجراءات السابقة خارج “خطوط الموضة الحالية”، كما يشير الاختصاصي في الجراحة العامة والتجميل الدكتور إيهاب جودي، Wellbeing Center Middle East،مؤكداً أن “هذا ما لاحظناه من خلال عملنا لسنوات في مجال الطب التجميلي ومكافحة الشيخوخة، حيث نجد أنفسنا نطور خبراتنا وأساليبنا التجميلية حسب ما يُمليه علينا “الترند”، شرط الالتزام بالأصول الطبية والأخلاقية الصحيحة التي تفرضها مهنة الطب، ولا سيّما فيما يتعلق بصحة الشخص وسلامته.

لماذا يلقى المظهر الطبيعي رواجاً في الوقت الراهن؟

في الفترة الحالية نجد توجهاً قوياً، خاصة لدى النساء، نحو موضة “المظهر الطبيعي” أو “Natural Look”، فيصّر الأشخاص قبل الدخول في أي إجراء تجميلي في الوجه على عدم تغيير المظهر بطريقة تُحدِث اختلافاً في الهوية، مرددين عبارة “أريد أن أبدو طبيعية. ولا أريد أن يدرك الآخرون بأنني أجريت عملاً تجميلياً”.
برأيي هذا “الترند” هو العودة للأصول وجوهر هذا التخصص، حيث تمَّ إغفال الجزء المتعلق بفلسفة “مكافحة الشيخوخة” وصار التركيز أكثر على الجزء “التجميلي”، مع المبالغة لدى معظم الأشخاص في متطلباتهم لدرجة تغيير المظهر جذرياً. بل أصبح معظمهم يشبهون بعضهم البعض، وكأنهم “نسخة طبق الأصل”، أو يشبهون بعض النجوم أو النجمات.

ما هي التغيرات التي طرأت على الأعمال التجميلية المواكبة للـ”ترند”؟

لعل أبرز المتغيرات في الترند الحالي، هي الآتي:

البوتوكس في الجزء العلوي من الوجه

في السابق كانت النساء تطالب بارتخاء تام للعضلات في هذا الجزء من الوجه لدرجة عدم رؤية أي تجاعيد بتاتاً ولو كانت تجاعيد خفيفة، فتختفي تعابير الوجه كلياً، حيث كنا نجد أنفسنا مجبرين على حقن أكبر كمية بوتوكس مسموح بها لنحوّل الجبهة إلى ما يسمى “Frozen Forehead”، والنتيجة اختفاء تامّ للملامح والتعابير بحركات الوجه؛ كرفع الحاجبين عند الرفض أو العبوس عند الغضب، وغيرها من الحركات المتعلقة بالتعبير.

أما حالياً فنجد العكس تماماً، حيث باتت المطالبة بحقن أقل كمية ممكنة، فظهر مفهوم الـ” Baby Botox”، ولو كان على حساب ظهور تجاعيد خفيفة. حيث أصبحت النساء تطالب بعدم إخفائها بالكامل للحفاظ على المظهر الطبيعي.

الفيلر في منطقة الخدين

في السابق كانت هناك مبالغة بحقن مواد التعبئة (الفيلر) في الخدين وعدم الاكتفاء بإبرة أو إبرتين، معتبرين أن الزيادة الكبيرة بالحجم مؤشر لصغر السن (كالأطفال مثلاً) أو بسبب الخوف أو عدم الرغبة في الخضوع لعمليات التجميل، فتتم الاستعاضة عنها بتكرار الحقن لمرات عديدة (باعتبار أنها أسرع وأقل تكلفة)، بما يصاحب ذلك من مضاعفات “Over filling Syndrome”.

أما اليوم، فصرنا نسمع عبارة: “أريد عند النظر إليَّ؛ أن يقول الآخرون إنني أبدو أكثر جمالاً دون أن يعلموا بأنني خضعت لعمل تجميلي”.
نلجأ اليوم إلى حقن التعبئة (الفيلر) في معظم الأحيان، ويتم الاكتفاء فقط بتحسين المظهر واستعادة الحجم الطبيعي للخد، والذي كان موجوداً في السابق، وتمت خسارة جزء منه بفعل التقدم في السن.

الفيلر لتكبير الشفاه

لعل أبرز ما تغير في مجال تكبير الشفاه، هو كمية الفيلر التي تُحقن في الشفاه. منذ زمن غير بعيد كانت الشفاه من أكثر الأماكن المبالغ بحقنها لتعطي مظهراً جذاباً، وانتشر ترند الـ”Russian Lips”، وبات عدد كبير من أطباء التجميل تحت ضغط الطلب على هذا النوع من الإجراءات؛ يزيدون الحقن، حقنة تلو أخرى، حتى من دون إجراء أي تذويب للفيلر القديم، مما سبب مضاعفات، أبرزها ما يسمى بـ “Filler migration”، وهو هجرة أو تحرك هذه المادة إلى أماكن غير مرغوب فيها من الناحية التجميلية.

لكن معظم ما يطالب به نساء اليوم؛ فهو زيادة طفيفة أو منطقية في الحجم، مع إعطاء الشكل الجميل للشفاه؛ بإبرازها إلى الخارج “Lip flip”، لتتناسب أكثر مع المظهر الطبيعي. بل نجد عدداً لا يستهان به منهن لا يردن زيادة حجم الشفاه، ويركزن فقط على أن يبدونَّ بمظهر أكثر انتعاشاً “Refreshed look”. وهذا الأمر أصبح أكثر سهولة حالياً بعد ظهور حقن وظيفتها تحفيز الأنسجة وإنعاشها “Revitalizing”، من دون زيادة ملحوظة بالحجم.

الفيلر في منطقة الفك

برأيي، يقول الدكتور جودي، من أكثر الأخطاء التي ارتكبها الأطباء في مجال الطب التجميلي هو إجراء حقن لمادة الفيلر بمنطقة الفك، أو ما يُعرف بـ “Jawline definition”، بطريقة عشوائية من دون مراعاة الشكل العام للوجه والمقاييس الموصى بها عالمياً.

ويعتبر هذا الإجراء من أكثر الإجراءات المطلوبة؛ لأن النتائج تظهر بشكل فوري، ولأن الاعتقاد الشائع أنه يشدُّ المنطقة السفلى من الوجه؛ بذلك يمكن الاستغناء عن التدخل الجراحي.

لكن الواقع هو غير ذلك، فهذا الإجراء من أكثر الإجراءات التي تغير في المظهر الأساسي للوجه، بل له تأثير سلبي جداً من الناحية التجميلية؛ حيث إنه وإن كان يزيل الترهل جزئياً، إلا أنه أيضاً يُضيف الطابع الذكوري “Masculinization”، عن طريق زيادة الحجم في الفكين؛ ليصبحا أشبه بالمربع “square Jaws”، وهو من علامات الوسامة عند الرجال.

هذا النوع من التجميل كان رائجاً، خصوصاً لدى الفنانات والممثلات ونساء الوسط الفني والمشاهير، حيث بالغن به إلى حد كبير، لنجد حالياً -وبعد ظهور النتائج الكارثية من الناحية التجميلية- إقبالاً شديداً من قبلهنّ على تذويب ما تمَّ حقنه في السابق في هذا المكان من الوجه، والاستعاضة عنه بأمور أخرى لشدّ البشرة ومعالجة الترهل مثل:

“RF microneedling, HIFU, facial threads”، للحصول على مظهر أكثر طبيعية، ولو اتجهت هذه الأمور إلى وقت أطول للوصول إلى الهدف المنشود.

ما الكلمة التي تود توجيهها كطبيب تجميل للنساء خصوصاً، في ختام حديثنا؟

الهدف من اختصاص “الطب التجميلي ومكافحة الشيخوخة” هو تخفيف تأثير التقدم بالعمر على الشكل الخارجي وإعطاء مظهر أكثر إشراقاً وحيوية لأطول فترة ممكنة، مع تحسين وإبراز مقومات الجمال وليس التغيير الجذري في الشكل؛ فذلك يُفقد المرأة هويتها التي خُلقت بها.
الطب التجميلي مجال يتأثر بشكل كبير بالموضة وتغير “الترند”. وهو لا يعتمد فقط على التدريب والمهارة، بل أيضاً على الذوق والنظرة الاحترافية لدى الطبيب ليكون أشبه بفنان، كسائر الفنانين الآخرين من الفنون الجميلة؛ مثل الرسم والنحت.

*ملاحظة : قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج استشارة طبيب مختص.

متابعات