شبكة أنفاق غزة.. مئات الكيلومترات تحت الأرض “أذهلت” الجيش الإسرائيلي

نذ بدء الحرب في قطاع غزة، انشغلت المؤسسات الأمنية الإسرائيلية بمنظومة الأنفاق الخاصة، التي طورتها حماس تحت القطاع ومكنتها من تنفيذ هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر وإطلاق الصواريخ على المدن الإسرائيلية. ومع تطور الحرب واجتياح الجيش الإسرائيلي لمناطق واسعة في القطاع، بدأت تتكشف أسرار تلك الأنفاق التي ظهرت بشبكة واسعة ومعقدة ونوعية، استحقت تسميتها بـ”التهديد الأكبر” للجيش الإسرائيلي، حسب قول عدد من ضباطه وقيادييه.

جنود إسرائيليون داخل نفق قال الجيش الإسرائيلي إن حماس استخدمته لمهاجمة إسرائيل عبر معبر إيريز الحدودي في السابع من أكتوبر، في 15 ديسمبر 2023
جنود إسرائيليون داخل نفق قال الجيش الإسرائيلي إن حماس استخدمته لمهاجمة إسرائيل عبر معبر إيريز الحدودي في السابع من أكتوبر، في 15 ديسمبر 2023 AFP – JACK GUEZ

ونشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية مقالا مستندا إلى روايات ضباط وجنود إسرائيليين ومسؤولين أمريكيين مختصين في هذا المجال من الحروب، وصفوا نطاق وعمق ونوعية الأنفاق التي بنتها حماس بالمذهل، حتى بعض الآلات التي استخدمت لبنائها فاجأت الجيش الإسرائيلي، الذي يعتقد الآن أن هناك المزيد من الأنفاق تحت قطاع غزة.

ووصف التقرير هذه الأنفاق بـ”الكابوس” للجيش الإسرائيلي، وأنها باتت جوهر قدرة حماس على الصمود في الحرب، كونها لا تملك الموارد أو عدد القوات اللازمة لمواجهة الجيش الإسرائيلي في حرب تقليدية.

وفي كانون الأول/ديسمبر الماضي، تم تقييم طول الشبكة بأكثر من 400 كلم، وفقا لمسؤولين في الجيش الإسرائيلي فضّلوا عدم الكشف عن هوياتهم، اعتبروا أن هذه الأرقام غير عادية لمنطقة تبلغ أطول نقطة فيها 40 كلم فقط. كما أعلنوا وجود ما يقرب من 5700 فتحة تؤدي إلى الأنفاق.

وقدر مسؤولو المخابرات الإسرائيلية أنه في خان يونس، أكبر مدن جنوب القطاع حيث تدور اشتباكات عنيفة بين الفصائل الفلسطينية والجيش الإسرائيلي، أن هناك نحو 160 كلم من الأنفاق.

“جيل جديد من الأنفاق”

ونقل المقال عن الجيش الإسرائيلي تصنيفه الأنفاق إلى نوعين: أنفاق للقادة والمسؤولين وأخرى يستخدمها المقاتلون. فالأولى حفرت على أعماق أكبر وتحتوي على عدد من وسائل الراحة تسمح بالإقامة فيها لمدة طويلة، أما الثانية فحفرت على أعماق أقل ولا تحتوي على وسائل راحة.

وتخترق تلك الأنفاق الأرض بأكثر من 30 مترا، وفي بعض الحالات تشمل سلسلة من الطبقات واحدة فوق الأخرى، وهي عالية التجهيز حيث يصفها البعض بأنها جيل جديد من الأنفاق.

جنود إسرائيليون عند مدخل نفق قال الجيش الإسرائيلي إن حماس استخدمته لمهاجمة إسرائيل عبر معبر إيرز الحدودي في السابع من أكتوبر، في 15 ديسمبر 2023
جنود إسرائيليون عند مدخل نفق قال الجيش الإسرائيلي إن حماس استخدمته لمهاجمة إسرائيل عبر معبر إيرز الحدودي في السابع من أكتوبر، في 15 ديسمبر 2023 AFP – JACK GUEZ

ويصف التقرير أحد الأنفاق بأنه يتسع بما يكفي لقيادة سيارة داخله، فيما امتدت منطقة أخرى بطول ثلاثة ملاعب كرة قدم تقريبا، وكانت مخبأة “تحت أحد المستشفيات”.

وذكرت الصحيفة أنه في ما مضى، كان يستغرق الجيش الإسرائيلي عاما كاملا لتحديد موقع نفق واحد، لكن الاجتياح البري أتاح لقيادته التعرف أكثر على حجمها ومواقع العديد منها.

لكن حتى مع كل المعلومات التي جمعها الجيش حول الأنفاق، يبقى القتال حولها مرهقا ومكلفا، سواء على الصعيد المادي وحتى على صعيد الخسائر البشرية.

وباءت محاولات سابقة للجيش الإسرائيلي بإغراق الأنفاق بالفشل، وقال مسؤول عسكري إسرائيلي إن “تدميرها ليس بالمهمة السهلة، إذ يجب رسم خرائط لها، والتحقق من عدم وجود رهائن”.

وقالت خبيرة حرب الأنفاق في جامعة رايخمان في إسرائيل دافني ريتشموند باراك إن حماس استلهمت التكتيك من المسلحين السوريين الذين قتلوا العشرات من القوات الحكومية في هجوم نفقي في حلب عام 2014.

حجم الأنفاق فاق تقديرات الإسرائيليين بنسبة 600%

وكانت وسائل إعلام إسرائيلية قد نشرت تقارير عدة حول موضوع أنفاق غزة، كصحيفة “يديعوت أحرونوت” التي قالت يوم الإثنين في 15 كانون الثاني/يناير إن الجيش الإسرائيلي “فوجئ بحجم شبكة الأنفاق” التي بنتها الفصائل الفلسطينية تحت القطاع.

ووفقا للصحيفة، اكتشف الجيش أن حجم شبكة الأنفاق في القطاع فاق تقديرات أخصائييه العسكريين بنحو 600%.

وأوردت “يديعوت أحرونوت” أن التقديرات السابقة لمعظم الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بشأن الأنفاق في غزة تراوحت بين خيارين، الأول يشير إلى وجود نحو 100 إلى 200 كيلومتر من الأنفاق تحت غزة، والثاني أنه من نهاية عام 2020 لم يكن لدى الفصائل الفلسطينية أي نفق هجومي باتجاه المستوطنات في غلاف غزة، الأمر الذي ثبت عدم صحته في هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى