3 أسباب حولت محمد بن سلمان من أمير موضعاً للازدراء والتجاهل على الساحة الدولية إلى مركز العالم

“كيف تحول ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان من مسؤول معزول إلى مركز العالم؟”.. يحاول الصحفي البريطاني الشهير بن جودا، مؤلف كتاب “هذه لندن” الإجابة على هذا السؤال، عبر مقال نشرته صحيفة “ذا تليجراف”، مستعرضا مسيرة الأمير السعودي منذ عدة سنوات خلت، وبالتحديد عام 2018 وهو العام الذي شهد ذروة أزماته ومحنته الدولية، وحتى اليوم.

ويقول بن جودا إنه يجري حاليا إعداد الحسابات حول من هو الأعلى ومن هو الأدنى قبل قمة مجموعة العشرين في الشهر المقبل في نيودلهي.

ويضيف: الخاسرون واضحون.. فلاديمير بوتين، الذي اعتاد السخرية من خصومه في جميع أنحاء الغرفة خلال مثل هذه الاجتماعات، لم يعد الآن قادرًا حتى على الحضور.

وأردف: ولكن يمكن القول إن الرابح الأكبر هو الشخص الذي لم يكن متوقعا على الإطلاق قبل بضع سنوات: ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

ويقارن الكاتب بين صورة ابن سلمان في اجتماع مجموعة العشرين في بوينس آيرس عام 2018، حيث بدا معزولا على طرف الصورة الجماعية للقادة الذين تجنبه معظمهم، فقد كانت القمة تأتي بعد حادثة الاغتيال الوحشي للصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، وهو الاغتيال الذي خلصت الاستخبارات الأمريكية إلى أن ولي العهد هو من أمر به.

محنة كورونا

وعندما بدأت جائحة “كوفيد-19″، زادت ورطة ولي العهد السعودي، كما يقول الكاتب، وكانت المملكة برمتها في حالة من الفوضى، ولم يكن شيء يجسد هذا الوضع أفضل من مشهد برج جدة غير المكتمل الذي يلوح في الأفق نصف مكتمل كهيكل عظمي فوق ثاني أكبر مدينة في المملكة.

وكان كل خط اتجاه اقتصادي سيئا، وكان انهيار أسعار النفط من أكثر من 130 دولارًا للبرميل في عام 2014 إلى أدنى مستوياته بما يزيد قليلاً عن 20 دولارًا قد أثر بشدة على الموارد المالية للدولة النفطية.

ونتيجة لذلك، ارتفع الدين الوطني من لا شيء عمليا في أوائل عام 2010 إلى أكثر من ثلث الناتج المحلي الإجمالي بحلول منتصف عام 2020.

وكانت هناك شائعات مفادها أن منصب محمد بن سلمان في التسلسل الهرمي السعودي قد يكون في خطر ما لم يقلب السفينة رأساً على عقب.

حرب اليمن وأزمة اغتيال خاشقجي

يقول بن جودا: كان رأسماله السياسي ينفد، وكان من الواضح للجميع أن الحرب التي شنها محمد بن سلمان في اليمن قد انتهت إلى نتائج كارثية، وقد شعر العديد من الأمراء بالرعب لأنه وضع أكثر من 200 من أغنى الأشخاص في المملكة تحت الإقامة الجبرية في فندق “ريتز كارلتون” في عام 2017، وقام رجاله بضرب العديد منهم.

علاوة على ذلك، مع مقتل خاشقجي، يمكن القول إن محمد بن سلمان قد أحدث عواقب أكبر على المملكة بجريمة قتل متهورة واحدة في إسطنبول مقارنة بما حدث في أعقاب هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001.

وكان أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي قد اتهموا ولي العهد بأنه “كرة مدمرة” و”رجل عصابة كامل”.

وفي أوروبا، جمدت ألمانيا والنرويج والدنمارك جميع مبيعات الأسلحة للسعودية.

 وخارج الغرب، أدت مكالمة هاتفية كارثية مع فلاديمير بوتين إلى إشعال شرارة حرب أسعار النفط التي دمرت الميزانية الوطنية.

انقلاب رأسا على عقب

يقول الكاتب إنه على المستوى الدولي، كان ابن سلمان يحرز إنجازات دبلوماسية.

حيث استضاف محمد بن سلمان الرئيس الصيني شي جين بينج في الرياض في ديسمبر/كانون الأول الماضي لتعزيز العلاقات بين المملكة العربية السعودية والصين.

وقد أحضر دبلوماسيين صينيين إلى الشرق الأوسط في وقت سابق من هذا العام للتوسط بنجاح في استعادة العلاقات بين الرياض وطهران.

واستضاف ابن سلمان أيضا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لحضور قمة الجامعة العربية في مايو/أيار، قبل عقد قمة في جدة في وقت سابق من هذا الشهر جمعت كبار المسؤولين الأمنيين من 42 دولة – بما في ذلك عبر الغرب والصين والهند وأوكرانيا ولكن ليس روسيا – لمناقشة الصراع الأوكراني.

وفي الأسبوع الماضي، وفي خطوة من شأنها أن تثير قلق القادة الغربيين، أشرف محمد بن سلمان على انضمام السعودية إلى مجموعة دول “بريكس”

ثلاثة اتجاهات

ويخلص الكاتب إلى أن هناك ثلاثة اتجاهات كبرى دفعت زعماء العالم إلى مغازلة الرجل الذي كان بالأمس فقط موضعاً للازدراء والتجاهل على الساحة الدولية.

الأول، هو حرب أوكرانيا، فلم يحقق أحد نتائج أفضل من العقوبات والعقوبات المضادة بين روسيا والغرب أكثر من دول الخليج. وأدى ارتفاع أسعار النفط والغاز إلى تضخم الخزانة السعودية.

الثاني، يتلخص في تنامي المنافسة بين الولايات المتحدة والصين.

الثالث ويتمثل في تحول الطاقة، الذي بدأ الآن ينطلق أخيرا.

وفي كثير من الأحيان يساء فهمها، فإن التوجه نحو صافي الصفر هو أمر جيد على نحو غير متوقع بالنسبة للمملكة العربية السعودية – على الأقل في الوقت الحالي. ومع انخفاض تكلفة مصادر الطاقة المتجددة، سيتم إغلاق عدد متزايد من آبار النفط غير الفعالة من حيث التكلفة أو نفادها أو التوقف عن التنقيب عنها.

ونتيجة لذلك فإن عدداً صغيراً من شركات النفط المملوكة وطنياً في البلدان حيث لا يزال الحفر فعالاً من حيث التكلفة سوف يسيطر على حصة أكبر من السوق.

وتوقعت وكالة الطاقة الدولية أن ترتفع الحصة العالمية من النفط الذي يأتي من منتجي “أوبك” من الثلث اليوم إلى حوالي النصف بحلول عام 2050، في حين تقدر شركة “برييتش بتروليم” أن المجموعة يمكن أن تمثل ما يصل إلى ثلثي إمدادات النفط العالمية في العالم.

ويختم بن جودا مقاله بالقول: “كل هذا يجتمع ليخلق طفرة في السلطة لرجل واحد: محمد بن سلمان”.

متابعات 

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى