تعتبر جميع أنواع الأسماك مصدراً للكثير من العناصر الغذائية المهمة لجسم الإنسان، وتدخل سمكة التونة في هذه الخانة كذلك.
وبالرغم من ذلك، فثمة مخاوف بيئية وصحية يجب أخذها بعين الاعتبار عند اختيار تناول سمكة التونة، التي تعتبر واحدة من بين أكثر أنواع السمك استهلاكاً في العالم.
لذلك قبل استهلاك هذا النوع من السمك، سواء المعلب أو الطازج، إليك ما يجب معرفته عن القيمة الغذائية للتونة وفوائدها الصحية وكيفية استهلاكها بأمان.
أنواع أسماك التونة المختلفة
تأتي معظم التونة الموجودة في المنتجات المعلبة من أحد أنواع سمك التونة، تُسمى “سمكة التونة الوثابة” (skipjack tuna)، وهي أصغر أنواع سمك التونة حجماً، وأكثرها وفرة في محيطات العالم.
تفضل هذه السمكة العيش في المياه الدافئة وتتركز في المناطق الاستوائية، في المحيط الأطلسي والمحيط الهادئ والمحيط الهندي.
أما “سمكة البَكور”، المعروفة أيضاً باسم “التونة البيضاء”، وهي نوع آخر من أنواع أسماك التونة المستخدم في منتجات التونة المعلبة، تتسم هذه بحجم أكبر قليلاً من “التونة الوثابة”، ويمكن العثور عليها عادةً في جميع مياه المحيطات والبحر الأبيض المتوسط.
تتميز “سمكة التونة الوثابة” بطعم أغنى من “تونة البَكور”، في حين ثمة أنواع أخرى من أسماك التونة خفيفة المذاق، مثل “تونة أهي” و”تونة الزعنفة الصفراء”.
أمساك التونة| shutterstock
القيمة الغذائية
تختلف القيمة الغذائية الموجودة في منتجات التونة حسب كل نوع، إذ على سبيل المثال، تحتوي التونة المعلبة المحفوظة بالزيت على سعرات حرارية ودهون أعلى من التونة الطازجة والتونة المعلبة المحفوظة بالماء.
وهذه هي القيمة الغذائية الموجودة في علبة واحدة من “تونة البَكور” المعلبة المحفوظة بالماء:
– السعرات الحرارية: 220 سعرة حرارية
– البروتين: 40.6 غرام
– الدهون: 5.1 غرام
– الدهون المشبعة: 1.36 غرام
– الأحماض الدهنية المتعددة غير المشبعة: 1.91 غرام
– الكوليسترول: 72.2 ملليغرام
– الصوديوم: 648 ملليغراماً
– فيتامين “د”: 138 وحدة دولية
وحسب موقع “mindbodygreen” الأمريكي، فإنَّ التونة تحتوي على نسبة عالية من البروتين، لكنّها منخفضة السعرات الحرارية والدهون المشبعة إلى جانب احتوائها على العديد من الفيتامينات والمعادن، من ضمنها فيتامين “ب 12″ و”السيلينيوم”.
إذ يعتبر فيتامين “ب 12” ضرورياً للعديد من العمليات الحيوية في الجسم، مثل الوظائف العصبية والتمثيل الغذائي وتكوين خلايا الدم الحمراء، بينما يتميز السيلينيوم بخصائص مضادة للأكسدة ويؤدي دوراً مهماً في إنتاج هرمونات الغدة الدرقية.
كما يحتوي سمك التونة أيضاً على أحماض “أوميغا 3” الدهنية المضادة للالتهابات، رغم أنَّ النسبة ليست بنفس القدر الموجود في بعض الأسماك الدهنية الأخرى مثل السلمون والماكريل.
بالإضافة إلى ذلك، تُعد التونة أحد المصادر الغذائية القليلة لـ “فيتامين د”، وهو فيتامين قابل للذوبان في الدهون، ويؤدي أدواراً مهمة في وظائف المناعة وصحة العظام والعمليات الحيوية الأخرى في الجسم”.
قطع من سمك التونة| shutterstock
الفرق بين التونة الطازجة والمُعلّبة
تُعد جميع منتجات التونة مصدراً غنياً بالبروتين وتحتوي أيضاً على سعرات حرارية قليلة نسبياً. لكن بسبب محتواها العالي من الدهون، تحتوى التونة المعلبة المحفوظة بالزيت على إجمالي سعرات حرارية أعلى، مقارنةً بالتونة الطازجة والتونة المعلبة المحفوظة بالماء.
إذ تستخدم العديد من العلامات التجارية زيوتاً نباتية رخيصة التكلفة في تعليب التونة، مثل زيت فول الصويا وزيت الذرة، التي يجب الحد من استهلاكها بسبب أضرارها على الصحة، واختيار زيوت أكثر صحة بدلاً من ذلك.
إذا كنت تشتري التونة المعلبة المحفوظة بالزيت، فابحث عن علامات تجارية تستخدم زيت الزيتون البكر الممتاز، لأنَّه أكثر صحة وأقل معالجة من البدائل الأرخص الأخرى.
وبهذا، فإن منتجات التونة المعلبة، سواء المحفوظة بالماء أو بالزيت، تحتوي على نسبة صوديوم أعلى كثيراً من التونة الطازجة بسبب إضافة الملح أثناء عملية التعليب.
يمكنك اختيار التونة المعلبة من دون ملح مضاف، إذا كان لديك رد فعل تحسسي تجاه الصوديوم، وهو ما يساعدك على خفض استهلاكك من الملح.
التونة المعلبة| shutterstock
الفوائد الصحية لسمك التونة
يرتبط تناول المأكولات البحرية بوجهٍ عام بالعديد من الفوائد الصحية، من ضمنها تحسين صحة القلب والأوعية الدموية والحماية من بعض أنواع السرطان.
بالإضافة إلى ذلك، توفر أسماك التونة عدداً من العناصر الغذائية المهمة لجسم الإنسان، إليك بعض هذه الفوائد المحتملة المرتبطة بتناول هذا النوع من السمك:
1- تحسين صحة القلب
تحتوي التونة على العديد من العناصر الغذائية المهمة لصحة القلب، من بينها أحماض أوميغا 3 الدهنية المضادة للالتهابات.
تعمل هذه الأحماض الدهنية على تحسين صحة القلب من خلال تعزيز وظيفة الأوعية الدموية الصحية والحماية من تلف الخلايا، وتعزيز مستويات الدهون الصحية في الدم.
إذ وجدت مراجعة شملت 34 تحليلاً أنَّ كل زيادة بمقدار 100 غرام يومياً في استهلاك الأسماك كانت مرتبطة بتقليل خطر الإصابة بمرض الشريان التاجي بنسبة 12%، وانخفاض احتمالات الإصابة بالنوبات القلبية بنسبة 25%.
2- الوقاية من بعض أنواع السرطان
تشير مجموعة دراسات إلى أنَّ الأشخاص الذين يتبعون نظاماً غذائياً غنياً بالمأكولات البحرية كانوا أقل عرضة لخطر الإصابة ببعض أنواع السرطان.
وعلى سبيل المثال، وجدت المراجعة المذكورة أعلاه أنَّ كل زيادة بمقدار 100 غرام يومياً في استهلاك الأسماك كانت مرتبطة بانخفاض خطر الإصابة بسرطان الكبد بنسبة 35%.
فيما وجدت مراجعة أخرى أنَّ الأشخاص الأكثر استهلاكاً للأسماك انخفضت لديهم احتمالات الإصابة بسرطان القولون والمستقيم بنسبة 6%، مقارنةً بالأشخاص الأقل استهلاكاً للأسماك في نظامهم الغذائي.
ومن هنا افترض الباحثون أنَّ هذا التأثير الوقائي ضد السرطان قد يعزى إلى أنَّ الأشخاص الذين يأكلون المزيد من الأسماك يميلون إلى تناول كميات أقل من اللحوم الحمراء واللحوم المعالجة، التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بسرطان القولون والمستقيم.
سمك التونة| shutterstock
3- مصدر للعناصر الغذائية الحيوية
تعد المأكولات البحرية المصدر الغذائي الرئيسي لأحماض أوميغا 3 الدهنية، وحمض إيكوسابنتاينويك (EPA)، وحمض الدوكوساهيكسانويك (DHA).
على الرغم من أنَّ الجسم يستطيع تصنيع حمض إيكوسابنتاينويك وحمض الدوكوساهيكسانويك من حمض ألفا لينولينيك (ALA) الموجود في الأطعمة النباتية مثل بذور الشيا، فإنَّ معدل هذا التصنيع ضعيف، إذ تُظهر دراسات أنَّ معدل تحويل حمض ألفا لينولينيك إلى حمض إيكوسابنتاينويك وحمض الدوكوساهيكسانويك يتراوح بين 7% و21% و0.01% و1% على التوالي.
لهذا السبب، الطريقة الأكثر فعالية للحفاظ على المستويات المثلى من حمض إيكوسابنتاينويك وحمض الدوكوساهيكسانويك هي تناول الأطعمة الغنية بهذه الدهون، مثل المأكولات البحرية أو مكملات زيت السمك أو زيت الكريل أو زيت الطحالب، وهو مصدر نباتي لهذين الحمضين. بالإضافة إلى أحماض “أوميغا 3” الدهنية، توفر أسماك التونة العديد من المغذيات المهمة الأخرى، مثل فيتامين “ب 12” وفيتامين “د” والحديد والسيلينيوم.
4- تساعد في دعم وزن صحي للجسم
أسماك التونة غنية بالبروتين، وهو أكثر المغذيات الكبيرة إشباعاً، إذ أن إضافة البروتينات عالية الجودة مثل التونة إلى وجباتك الغذائية الرئيسية والوجبات الخفيفة تساعد على الشعور بالشبع لفترة طويلة، وهو ما يساهم في تقليل مدخول السعرات الحرارية.
ولهذا، أثبتت الأنظمة الغذائية الغنية بالبروتين فعاليتها في إنقاص الوزن، بالإضافة إلى ذلك، يساعدك اتباع نظام غذائي عالي البروتين في الحفاظ على كتلة العضلات عند فقدان الوزن.
5- تعزز إطالة العمر
يميل الأشخاص الذين يتبعون أنظمة غذائية غنية بالمأكولات البحرية إلى العيش لفترة أطول من أولئك الذين يستهلكون كميات قليلة من المأكولات البحرية.
وفقاً لنتائج دراسة حديثة، فإنَّ تناول المزيد من الأسماك، جنباً إلى جنب مع الفواكه والخضراوات، له تأثير إيجابي كبير على متوسط العمر المتوقع.
كما وجدت المراجعة الشاملة المذكورة أعلاه أنَّ كل زيادة بمقدار 100 غرام يومياً في استهلاك الأسماك كانت مرتبطة بانخفاض خطر الوفاة بنسبة 8% من جميع الأسباب.
سمك التونة مشوي| shutterstock
الآثار الجانبية المحتملة لتناول سمك التونة
لا جدال في أنَّ التونة غنية بالمغذيات والعناصر الغذائية المفيدة، حسب ما تم ذكره سابقاً، ومع ذلك، ينصح العديد من خبراء الصحة بضبط استهلاك هذا النوع من الأسماك لعدة أسباب، وهي كالتالي:
1- تحتوي على نسبة زئبق أعلى من الأسماك الأخرى
تحتوي بعض الأسماك على نسبة عالية من الزئبق، وهو معدن ثقيل سام يمتصه الجسم بسهولة.
إذ تمتص الأسماك الزئبق بشكل عام من خلال خياشيمها أثناء السباحة، ومن خلال تناولها العوالق المليئة بالزئبق.
لهذا تحتوي الأسماك الكبيرة على نسبة زئبق أعلى من الأسماك الصغيرة، وذلك لأنَّها تستهلك أعداداً كبيرة من الأسماك الصغيرة التي تتغذى على العوالق المحتوية على الزئبق.
ولسوء الحظ، تعتبر أسماك التونة من أهم مصادر الزئبق في الأنظمة الغذائية على مستوى العالم. وحسب مختصي التغذية نقلاً عن موقع “mindbodygreen” فإن الزئبق يؤثر سلباً على الدماغ، لاسيما لدى الأجنة داخل الرحم والأطفال الصغار.
فيما يعتبر الزئبق الموجود في التونة النيئة أسهل امتصاصاً في جسم الإنسان من الزئبق الموجود في التونة المطبوخة، لذا فإنَّ الأشخاص الذين يتناولون منتجات التونة النيئة باستمرار، مثل تونة ساشيمي، أكثر عرضة لخطر الإصابة بتسمم الزئبق.
يعتبر سمك السردين والسلمون المرقط والحدوق والبوري والجمبري والمحار أمثلة أخرى على الأسماك غير المفترسة التي تحتوي على نسبة منخفضة من الزئبق.
2- العديد من الأسماك ملوثة باللدائن الدقيقة
يتمثَّل الجانب السلبي الآخر لأكل أسماك التونة، وأي أطعمة بحرية أخرى، في احتوائها على اللدائن الدقيقة (ميكروبلاستيك)، وهي قطع صغيرة من البلاستيك يقل طولها عن 5 ملليمترات، وتوجد في البيئات البحرية مثل المحيطات والخلجان.
وتعتبر المركبات الموجودة في اللدائن الدقيقة، من بينها مركب إيثرات ثنائي الفينيل متعدد البروم (PBDE) وبيسفينول أ (BPA)، سامة ويمكنها إيذاء صحة الإنسان.
على الرغم من الحاجة إلى مزيد من البحث لفهم مدى تأثير استهلاك الأطعمة المحتوية على اللدائن الدقيقة على الصحة، إلا أنه يوصي العديد من الأطباء بالحد من تناول المأكولات البحرية المثبت احتوائها على اللدائن الدقيقة، مثل أسماك التونة.
سندويشة التونة المعلبة| shutterstock
كيفية تناول التونة بأمان
توصي منظمات بيئية، مثل منظمة “Environmental Defense Fund”، الأشخاص البالغين بالحد من تناول التونة إلى 3 مرات أو أقل شهرياً؛ لتجنب تراكم الزئبق في الجسم.
بالنسبة للنساء الحوامل، من الأفضل لهن تقليل تناول التونة بدرجة أكبر من الأشخاص البالغين العاديين والاختيار بوجه عام أنواع الأسماك التي تحتوي على كميات منخفضة من الزئبق.
يمكن استبدال التونة بالأسماك الأصغر حجماً، نظراً لأنَّ الزئبق يتركز فيها على الأرجح بكميات أقل، مثل السلمون والماكريل والأنشوجة والسردين.
فيما سيساعدك تناول مجموعة متنوعة من المأكولات البحرية في تقليل تعرّض الجسم لمستويات عالية من الزئبق، وجني الفوائد الصحية للأسماك الدهنية.