مقصورات شبه معلقة لمزاج القات في جبال صنعاء

تقدم مقصورات بُنيت مؤخرا تجربة جديدة وفريدة لعشاق مضغ القات في اليمن، الذين أصبح بإمكانهم الجلوس على سفوح الجبال والتلال المطلة على مدينة صنعاء والاستمتاع بمضغ القات.

وبالرغم من كل الأضرار التي يسببها القات والجهود المبذولة للحد من ظاهرة تعاطيه، ظلت أعداد المتعاطين يومياً في ازدياد وبكميات كبيرة جداً ومن كل المستويات والطبقات الاجتماعية والفئات العمرية ومن الجنسين.

ويمكن رؤية رجال أمن في شوارع العاصمة وهم يقومون بعملية “التخزين” خلال أداء عملهم.

وتكون عادة خدود هؤلاء منتفخة بفعل مضغ النبتة لفترة ثم إبقائها مخزنة خلف الخد الأيمن أو الأيسر بحسب رغبة الشخص ليطول مفعولها.

وللقات طقوس يقوم بها أغلب المتعاطين، فتبدأ جلسة تعاطي القات بالمزاح والضحك ومضغ القات ويكون مزاج المتعاطي رائقا جداً وفي أشد حالات انبساطه، وهذه هي المرحلة الأولى. بعد ساعة من مضغ القات يكون الفم قد امتلئ بورق القات ويكون المجلس قد ساده شيء من الهدوء والجدية، ويقل الصخب وينتهي المزاح والضحك ويشرع المتعاطون في الحديث عن مواضيع شخصية تهمهم ومناقشة المواضيع العامة الدولية والمحلية، السياسية منها والاجتماعية، ويدلي كل شخص منهم بدلوه، وهذه هي المرحلة الثانية. وبعد ساعة أخرى من الكلام والثرثرة يكون فم المتعاطي قد امتلأ تماما بورق القات.

يقول طالب يدعى إسماعيل الجعدبي “انتقلت المجالس أو الطيرمانات إلى هنا، إلى الجبال المرتفعة، إلى هذه المناطق، سواء كانوا شبابا أو عائلات، ليشاهدوا ما أمكنهم مشاهدته من على الجبال والمرتفعات. انتقلت المجالس إلى هنا لتحسين المزاج بعيدا عن صخب المدينة في صنعاء”.

ويتردد على هذه المقصورات بشكل أساسي عشاق القات، الذي يتم استهلاكه على نطاق واسع باعتباره هواية في اليمن، حيث يمضغه الناس ليمنحهم شعورا بالإثارة والنشوة.

وتشير بعض التقديرات إلى أن 90 في المئة من الرجال في اليمن يتعاطون القات يومياً طيلة ثلاث ساعات إلى أربع ساعات.

ويقول اليمني وليد الضاوي إن “القات عبارة عن عادة من ضمن العادات والتقاليد اليمنية التي ورثناها عن آبائنا وأجدادنا”.

وقال أحد سكان صنعاء ويدعى علي الأعوج “المنتزهات الجديدة هذه التي بنوها في الجبال وفي الأماكن المرتفعة، أراها أفضل ما يكون،  أفضل من البيوت والمجالس وغيرها”.

من جانبه قال بندر الصعفاني، وهو أيضا من سكان صنعاء، “نحن نأتي إلى هنا لتحسين المزاج، ويكون ذلك خاصة في المناسبات والأعياد وعطلة آخر الأسبوع. فالجو هنا نقي ومنعش، ولو لم تكن الظروف صعبة لصرنا نأتي إلى هنا كل يوم”.

وعادة ما يجتمع اليمنيون في غرف الجلوس بالمنازل، لكن الكثير منهم يختارون الآن الهروب من المنازل المزدحمة إلى المرتفعات للاستمتاع بمشاهدة المناظر الخلابة في المدينة من فوق الجبال المحيطة بالعاصمة.

ولأن العديد من سكان صنعاء لا يستطيعون تحمل تكاليف الرحلة إلى الضواحي، يقول معظمهم إنهم لن يقوموا بالرحلة إلا في المناسبات الخاصة.

والجدير بالذكر أن القات لم يعد حكراً على الرجال كما كان في السابق؛ فالنساء كذلك يتعاطين القات ولهن مجالسهن الخاصة، وتقول الكثير من الفتيات اليمنيات إن تناول القات بالنسبة إليهن لا يعدو كونه مجرد وسيلة لتمضية الوقت في الجلسات الخاصة والمناسبات وأوقات المذاكرة.

ويجمع أغلب اليمنيين على أن تعاطي القات شيء لا بد منه لتعيش في اليمن وتندمج في المجتمع اليمني، والواقع يثبت ما قالوه؛ فكل شيء من حولهم يدعو إلى تعاطي القات (الأصحاب في المدرسة، الأصدقاء في الجامعة، زملاء العمل، الجيران، الأهل…)، وكل مناسبات الفرح أو العزاء وغيرهما ارتبطت إقامتها بالقات، حتى صار من لا يتعاطون القات قلة منبوذة في المجتمع اليمني.

وتقول شابة تدعى سوسن إن حضور جلسات القات يعدّ تسلية ومتعة في الوقت نفسه، “أين يمكن أن تذهب المرأة في هذه البلاد، لا منتزهات ولا حدائق مثل البلدان الأخرى، وأين تقضي النساء أوقاتهن؟  وحتى لو وجدت هذه المنتزهات، فإن العادات والتقاليد الاجتماعية تتعارض مع خروج البنت للتنزه، بالإضافة إلى مضايقات الشباب، وعدم وجود رقابة لتنظيم هذه الأماكن”.

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى