أثار إعلان هيئة قناة السويس، الأربعاء، عن أن إيرادتها بلغت مستويات قياسية خلال السنة المالية الحالية 2022-2023، التساؤلات حول الأسباب، وما إذا كان ذلك مؤشرا حقيقيا على أهمية التطوير الذي حدث في القناة أم أن ذلك بسبب زيادة رسوم المرور.
وقال الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس، في مؤتمر صحفي، إن إيرادات القناة بلغت 9.4 مليار دولار، مقارنة مع 7 مليارات في السنة المالية السابقة التي تنتهي في 30 يونيو.
وأضاف: “لأول مرة في تاريخ القناة تحقق الهيئة إيرادات تبلغ نحو 9.4 مليار دولار”.
وتشكّل عائدات القناة التي تربط بين البحرين الأحمر والمتوسط، وافتتحت عام 1869، مصدرا رئيسيا للنقد الأجنبي في مصر التي تعاني أزمة في تدبيره، دفعت البنك المركزي إلى خفض قيمة العملة بأكثر من النصف لتحقيق شرط مرونة سعر الصرف الذي وضعه صندوق النقد الدولي لإقراض القاهرة.
إلا أن انخفاض قيمة الجنيه المصري وارتفاع معدل التضخم السنوي ليسجل 33,7 في المئة بنهاية مايو الماضي، وضع مزيدا من الضغوط على المصريين في البلد الذي يستورد معظم احتياجاته الأساسية من الخارج.
أسباب ارتفاع واردات القناة
ويقول المستشار الاقتصادي لهيئة قناة السويس سابقا، عبد التواب حجاج، لموقع “الحرة”، إن هناك سببين لزيادة واردات قناة السويس، هما كمية البضائع والحمولات التي تمر من القناة، وتسعيرة المرور التي زادت خلال الفترة الماضية أكثر من مرة. “
وقال رئيس هيئة قناة السويس، أسامة ربيع خلال مؤتمر الأربعاء إن 25887 سفينة عبرت القناة منذ بداية السنة المالية الحالية، مقارنة بحوالي 23800 سفينة مرت خلال العام السابق.
لكن حجاج يوضح لموقع الحرة أن العدد ليس مؤشرا حاسما، “المهم هو وزن البضائع ونوعيتها التي تحملها هذه السفن، مضيفا أن رسوم المرور تختلف من سفينة إلى أخرى بحسب الحمولة.
وقال ربيع إن العام المالي الجاري، شهد مرور أكبر حمولات صافية سنوية حيث بلغت 1.5 مليار طن.
السبب الثاني الذي يشير إليه حجاج هو رفع مصر لرسوم المرور من القناة أكثر من مرة، مضيفا أن “حالة السوق كانت تسمح بزيادتها، مع ارتفاع أسعار البترول”.
ورفعت مصر رسوم المرور بدءا من يناير الماضي بنسبة تراوحت ما بين 10 إلى 15 في المئة، بعد زيادتين أخرتين العام الماضي.
وقال حجاج: “عندما تزيد أسعار البترول تنتفع قناة السويس، لأن البترول هو جزء كبير من تكاليف تشغيل السفينة، وعندما تعبر قناة السويس نوفر لها مسافة وزمنا وبالتالي خفض تكلفة النقل، فنحسب ما تم توفيره ويتم دفع جزء منه كرسوم للعبور”.
لكن الخبير الاقتصادي، وائل النحاس يرى في حديثه مع موقع “الحرة” أن زيادة تسعيرة المرور، ليس سببا كبيرا في ارتفاع واردات القناة، “خاصة عندما نتحدث عن زيادة في الإيرادات تقارب الثمانين في المئة خلال العقد الأخير ارتفاعا من 5 مليار دولار قبل التوسعة”.
وعزا النحاس سبب زيادة إيرادات قناة السويس إلى مشروعات التطوير التي حدثت فيها.
هل كان لتوسعة قناة السويس أهمية؟
وأعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في 2015 افتتاح مشروع لتوسعة القناة يهدف إلى تقليل فترات الانتظار ومضاعفة عدد السفن التي تستخدمها بحلول عام 2023.
واعتبر ربيع، في المؤتمر الصحفي الذي عقد الأربعاء، أن الهيئة تجني حاليا ثمار مشروع توسعة قناة السويس.
من جانبه قال النحاس إن “العالم كله يتطور حاليا، وبدأ في التوسع في استخدام الناقلات العملاقة، ما يعني أننا كنا نحتاج إلى عمق أكبر ومساحة أوسع للقناة، وبالتالي إذا لم نكن نستعد لهذا التوجه الجديد، كنا سنخسر هذا النوع من السفن”، مشيرا إلى أن عدد السفن التي تمر يوميا عبر القناة وصل إلى 71 في المتوسط بعد أن كان 48 سفينة قبل مشروعات التطوير.
يعتقد النحاس أنه إذا لم يكن مشروع توسعة قناة السويس قد حدث، فإن الورادات كانت قلت من رقم 5 مليار دولار إلى 3 مليارات دولار، بحسب قوله.
وقال: “كانت هذه الناقلات العملاقة ستبحث عن طريق آخر، وكنا سنخسرها، فضلا عن أن بعض الدول عندما تنخفض أسعار البترول بشكل كبير، تأخذ طرقا أخرى حتى لو كانت أطول في الفترة الزمنية، مثلما تفعل دول الخليج التي تأخذ في هذه الحالة طريق رأس الرجاء الصالح وهو ما يمثل تقريبا 20 في المئة مما يمر عبر قناة السويس”.
قناة السويس تختصر مسافة كبيرة على السفن
وأضاف أن “قناة السويس حاليا تجاري الطرق التكنولوجية الجديدة لنقل البضائع على مستوى العالم، التي تمثل تقريبا 13 إلى 15 في المئة من حجم التجارة العالمية
يشير النحاس إلى أن من أسباب زيادة واردات الهيئة المصرية، إلى أن “الكثير من السفن أصبحت تتخذ طريق قناة السويس بعد الحرب الروسية الأوكرانية، لكونه ممرا آمنا، بعيدا عن أي مشاكل، وأصبحت تستقطب جزءا كبيرا من حجم التجارة الذي كان يمر من مناطق مثل البحر الأسود والمحيط الهندي”.
ويضيف أن الحوافز والمزايا التي أصبحت تقدمها الهيئة لشركات الملاحة، جذب أيضا قطاعا كبيرا من السفن التي تمر عبر قناة السويس.
وأوضح أن “الهيئة بدأت في منح الشركات العملاقة التي تمر سفنها مزايا على سبيل المثال، لو مرت سفن بحمولات معينة ستحصل على خصم لمدة عام بنسبة محددة، وهو نوع من أنواع الترويج للمرور من القناة، بدلا من اعتبارها كارتة فقط مثلما كان يحدث سابقا، فضلا عن إجراء بعض التطورات الجديدة، وتحسين الخدمات والمشروعات اللوجستية”.
تحذير من تنافس متزايد
وفي مارس 2021، جنحت حاملة الحاويات العملاقة “إيفر غيفن”، وزنتها حوالى مئتي ألف طن في القناة، عندما علقت مقدمتها خلال عاصفة رملية في نقطة في الضفة الشرقية للسويس، ما تسبّب بوقف الملاحة مدة ستة أيام.
بسبب ذلك الحادث وافق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مايو 2021 على مشروع لتطوير قناة السويس يشمل توسعة وتعميق الجزء الجنوبي للقناة.
وأعلن ربيع، الأربعاء عن أن الهيئة مستمرة في تنفيذ مشروع تطوير القطاع الجنوبي الجاري تنفيذه و الذي سيتيح زيادة الطاقة الاستيعابية في القناة بمعدل ست سفن، وزيادة عامل الأمان الملاحي في ذلك القطاع بنسبة 28 في المئة.
كما أشار إلى أن نسبة الإنجاز في مشروع ازدواج القناة في البحيرات المرة الصغرى بلغت 50.3 في المئة.
يشدد النحاس على أهمية التطوير المستمر في قناة السويس، خاصة مع تنفيذ مشروعات جديدة منافسة “مثل مشروع السكة الحديد ما بين العراق كبوابة للدول العربية، وتركيا كبوابة لأوروبا وروسيا”.
وقال: “هناك مشروع آخر للربط ما بين إيران وروسيا سينافس أيضا قناة السويس، فضلا عن مشروع إماراتي يربط البحر الأبيض بالبحر الأحمر عن طريق قناة جديدة أو سكك حديدية والذي سيطلق عليه “قطار السلام” والذي سيربط إسرائيل بالعراق والمنطقة العربية بالكامل بتمويل إماراتي”.
وأضاف: “هناك دول أخرى تريد أن تدخل في المنافسة، نعم هذه المشروعات كبيرة وتحتاج إلى وقت للانتهاء منها وليس قبل عام 2026 لكننا يجب ان نكون مستعدين لهذه المنافسة”.