أصدرت جنوب أفريقيا حصانة دبلوماسية شاملة لجميع القادة الذين يرتقب أن يشاركوا في قمة بريكس شهر أغسطس المقبل، ما يعني أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد يكون قادرا على السفر إلى جوهانسبورغ مبدئيا دون خشية اعتقاله بناء على مذكرة محكمة الجنايات الدولية. في المقابل، أصر المسؤولون في جنوب أفريقيا على أن عرض الحصانة، الذي صدر في الجريدة الرسمية، قد لا يلغي بالضرورة مذكرة التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية. كعضو في المحكمة الجنائية الدولية، ستكون جنوب أفريقيا تحت الضغط، وربما بموجب شرط قانوني، للقبض على بوتين. إذ أصدرت المحكمة مذكرة توقيف في حقه شهر مارس بسبب مزاعم بترحيل أطفال قسريًا من أوكرانيا إلى روسيا.
تستضيف جنوب أفريقيا قمة مجموعة بريكس التي يرتقب أن تحضرها دول البرازيل والصين والهند وروسيا وجنوب أفريقيا في أغسطس 2023.
حسب وزارة الشؤون الخارجية الثلاثاء 31 مايو فإن “منح الحصانات الأخير هو الأكبر من نوعه الذي تقوم به الدولة مقارنة بجميع المؤتمرات الدولية ومؤتمرات القمة التي تعقد في جنوب أفريقيا، بغض النظر عن مستوى المشاركة”. مضيفة أن “الحصانات مخصصة للمؤتمر وليست لأفراد محددين، إنها تهدف إلى حماية المؤتمر الذي تعد حماية ضيوفه من اختصاص الدولة المضيفة طوال مدة انعقاده “.
في المقابل، كان حزب التحالف الديمقراطي المعارض في جنوب أفريقيا أعلن الثلاثاء 30/05 أنه اتخذ إجراءات قانونية لإجبار الحكومة على اعتقال بوتين في حال قرر حضور قمة دول بريكس.
وقال حزب المعارضة الرئيسي إنه أطلق دعوى قضائية لضمان قيام الحكومة باحتجاز بوتين وتسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية “في حال وطئت قدماه جنوب أفريقيا”.
في أبريل، عين رئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامافوزا، لجنة وزارية برئاسة نائبه، بول ماشاتيل، للنظر في كيفية تطبيق القانون على زيارة الرئيس الروسي.
واليوم، تبحث الحكومة في صياغة قانون روما الأساسي، الميثاق الذي يؤطر إنشاء المحكمة الجنائية الدولية، على ثغرة لتمكين بوتين من الحضور دون أن تضطر جنوب أفريقيا إلى اعتقاله.
تنص المادة 98 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على أنه لا يجوز للمحكمة المضي قدما في طلب تسليم أو مساعدة قد تتطلب من الدولة المعنية التصرف بشكل غير متسق مع التزاماتها بموجب القانون الدولي فيما يتعلق بالدولة أو الحصانة الدبلوماسية لشخص أو لدولة ثالثة، ما لم تتمكن المحكمة أولاً من الحصول على تعاون تلك الدولة الثالثة للتنازل عن الحصانة”. يقول البعض إن هذه الصياغة توفر لجنوب أفريقيا فرصة لدعوة بوتين دون التعهد باعتقاله.
وقع خلاف مماثل في عام 2005 عندما جاء الرئيس السوداني السابق عمر البشير إلى جنوب أفريقيا، فسرعان ما غادر المقاطعة حيث كانت المحكمة العليا في جنوب أفريقيا على وشك الحكم بضرورة اعتقاله.
كثفت روسيا مساعيها لتعزيز العلاقات مع دول القارة الأفريقية للمساعدة في تعويض فتور العلاقات مع الغرب، وفي هذا الإطار، تخطط لعقد قمة أفريقية روسية في سان بطرسبرغ في يولي المقبل.
لم يتضح بعد ما إذا كان بوتين مستعدا لإنقاذ جنوب أفريقيا من المأزق الدبلوماسي من خلال عدم الحضور شخصيا. من جهته، قال الكرملين الثلاثاء إن روسيا ستشارك على “المستوى المناسب”. ومن المقرر بالفعل أن يحضر وزير الخارجية، سيرغي لافروف، اجتماع التخطيط.
يُنظر إلى مجموعة بريكس للاقتصادات الناشئة والكبيرة بشكل متزايد على أنها منافسة لمجموعة الدول السبع الصناعية الغربية.
وعندما سئل المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، في إحاطة إخبارية منتظمة حول إمكانية إصدار مذكرة توقيف، قال: “المهم ألا تسترشد جنوب أفريقيا بمثل هذه القرارات غير القانونية”.
اتخذت جنوب أفريقيا موقفا محايدا إزاء الحرب في أوكرانيا إذ طالما امتنعت عن التصويت على قرارات الأمم المتحدة بشأن النزاع. وزعمت السفارة الأمريكية مؤخرا أن جنوب أفريقيا أرسلت أسلحة إلى روسيا.
وقالت وزارة الخارجية إن إشعار الحكومة بشأن الحصانة، الذي نشر في الجريدة الرسمية يوم الاثنين 29 مايو، كان بمثابة بروتوكول روتيني لحماية المؤتمر، مضيفة: “هذه الحصانات لا تلغي أي مذكرة قد تكون قد أصدرتها أي محكمة دولية ضد أي شخص حضر المؤتمر”.
متابعات