“من دون عباءة” واتهامات أخرى.. السعودية مناهل العتيبي تواجه “مصيرا مجهولا”

تواجه الشابة السعودية، مناهل العتيبي، الآن مصيرا مجهولا في السعودية، بعد اعتقالها في نوفمبر الماضي، على خلفية أنشطتها المتعلقة بحقوق المرأة، بينما تسعى شقيقتها “فوز” التي تمكنت من الفرار قبل توقيفها هي أيضا إلى المساعدة في إطلاق سراحها.

وأفادت فوز، التي تحدثت إلى موقع الحرة، بأن مناهل أوقفت قبل نحو سبعة أشهر بسبب اتهامات من ضمنها خروجها من دون عباءة.

كما أفادت الناشطة السعودية، لينا الهذلول، شقيقة الناشطة لجين الهذلول، التي سجنت ثم أطلق سراحها على خلفية أنشطة مماثلة، بأن العتيبي واجهت اتهامات تتعلق بتغريداتها النسوية وخروجها دون عباءة “وهي الآن مسجونة دون تحديد موعد للمحاكمة” وفق تصريحاتها لموقع الحرة.

وحاول موقع الحرة الحصول على تعليق من السفارة السعودية في واشنطن بشأن قضية الفتاتين العتيبي، لكن لم يتسن ذلك حتى نشر التقرير.

وكانت صحيفة الغارديان أشارت إلى وثائق قضائية تفيد بأنه، بالإضافة إلى استخدامها لوسائل التواصل الاجتماعي لنشر أفكارها المتعلقة بحرية المرأة وإسقاط ولاية الرجل، فإن مناهل العتيبي متهمة بعدم ارتداء ملابس “محتشمة”.

وأكدت الهذلول وفوز العتيبي في تصريحاتهما لموقع الحرة صدور اتهامات رسمية ضدها. ولم يتسن لموقع الحرة التحقق من ذلك من مصادر رسمية.

وقالت فوز العتيبي، إنها كانت المقصودة من تلك الملاحقة لكنها تمكنت من الفرار من السعودية قبل القبض عليها.

وكانت شقيقتهما الأخرى، مريم، وهي مدافعة معروفة عن حقوق المرأة، قد اعتقلت أيضا بعد أن استقلت بمنزل في السعودية في إطار احتجاجات على قواعد الوصاية، قبل إطلاق سراحها عام 2017، وهي حتى الآن ممنوعة من السفر وفق، فوز والهذلول.

وتقول فوز إنها ممنوعة من الحديث حتى عن حظر السفر وحتى قضية توقيف مناهل.

وكانت منظمة “القسط لحقوق الإنسان” نشرت تغريدات تشير إلى اتهام فوز ومناهل بعدم ارتداء ملابس “لائقة” والتغريد تحت وسوم نسوية تطالب بإنهاء ولاية الرجل مثل #EndMaleGuardianship و”المجتمع جاهز”:

وذكرت المنظمة أن مناهل اعتقلت في 16 نوفمبر 2022، فيما اضطرت فوز العتيبي للسفر في ذلك الوقت قبل اعتقالها، وهي تواجه خطر الاعتقال في حال إعادتها إلى السعودية.

وفي حديثها لموقع الحرة بشأن ظروف التوقيف، قالت فوز إنها كانت في زيارة مؤقتة للسعودية من دبي لبضعة أيام وفوجئت بصدور أمر استدعاء لها، واستغربت وجود أي مخالفات لأنها لا تعيش في السعودية.

وعلمت فوز أن شقيقتها مناهل كانت قد استدعيت أيضا قبلها بيوم وطلبوا منها العودة في اليوم التالي حتى يكونا معا في اليوم ذاته، وعندها استدركت الخطر، وتوجهت فوز إلى البحرين القريبة وتواصلت مع محاميتها لمراجعة السلطات بشأن ما عليها من مخالفات.

وأبلغتها المحامية أنه تم استدعاء شقيقتها وتم القبض عليها مقيدة بالسلاسل. وتشير إلى أنها تمكنت من السفر من البحرين إلى دبي ثم تركيا، وبعدها إلى أوروبا.

وتشير إلى أن وراء القضية “مسؤولين كبار” وأنها كانت “الهدف الأساسي”، لكنهم لم يتمكنوا من القبض عليها.

وتشير الهذلول في تصريحاتها إلى أن مناهل في وضع “صعب للغاية فهي مسجونة دون محاكمات أو حكم قضائي”، وحصلت لينا على وثائق صادرة من النيابة العامة لمنطقة الرياض “تتضمن اتهامات ضد مناهل باعتراضها على قانون الولاية والحجاب والمشاركة في احتجاجات إسقاط الولاية… ومشاركة صور ومقاطع بملابس غير محتشمة بحسابيها على تويتر وسناب شات وخروج الى الأسواق دون لبس العباءة”.

وتقول إن التهم الموجهة ضدها تتعلق بالأساس بشقيقتها فوز.

وعن السبب وراء عدم الحديث عن القضية رغم مرور نحو 7 أشهر على توقيفها، قالت فوز إنها فضلت عدم الحديث عن القضية على أمل إطلاق سراح مناهل بعد حصول الأسرة على وعود بذلك، آخرها في شهر رمضان الماضي.

وأكدت الهذلول وفوز عدم تعرض مناهل لأية اعتداءات جسدية طيلة فترة احتجازها وأنها على تواصل مع الأسرة ومحاميتها، لكنها تجبر عن الحركة رغم معانتها من مرض يسبب لها صعوبة في الحركة، ويتم تقييدها عند ذهابها للمستشفى، وتتم معاملتها مثل أعتى المجرمين، على حد وصف الهذلول وفوز.

وفي السجن، تقول الهذلول، المقيمة في أوروبا، إنها تتعرض لتهديدات وتخويف من الحراس الذين يقولون لها “إنها ستحاكم أمام محكمة الإرهاب ولن تخرج من السجن”.

وتشير فوز إلى أن شقيقتها تجبر على لبس العباءة وتغطية وجهها بالقوة، ويقال لها أن ممارسة اليوغا حرام وتمنع من ممارستها، وأن كل الكلام عن التغيير في المملكة مجرد أكاذيب”.

ورغم عدم تعرضها لاعتداءات جسدية، إلا أنها تبكي بسبب الضغوط النفسية، ومحاولة كسر عزيمتها “على غرار أي شخص يتحدث عن حقق المرأة”. وتشير إلى وجود محامية تدافع عنها لكن السلطات “لا تعاملها كمحامية ويتم طردها في كل مرة تذهب إليها”.

ولم تتلق فوز أي اتصالات من مسؤولين في السعودية، حتى الآن، لكنها تشير إلى “محاولات استدراج للعودة وتوكيل محام وإقناعها بأن القضية سهلة ويمكن حلها”.

وتشير تغريدات وتعليقات مناهل في حسابها على موقع تويتر إلى شابة ترغب في التغيير ومحبة للرياضة، حيث تظهر بملابس رياضية وتشجع النساء على التغيير في المملكة. وتوضح فوز أن شقيقتها لاعبة ملاكمة في نادي الشباب.

وفي هذه الصورة، التي تظهر فيها بملابس رياضية، كتبت مناهل: “وراء كل شخص قوي قصة لم تترك له غير القوة خيار”:

وفي مقطع وهي تمارس الرياضة وسط الطبيعة، كتبت: “أننا نمارس الرياضة ليس بهدف أن يُعجب أحدهم في قوامنا الممشوق ولا أيضا في عضلات بطننا المنحوتة ! بل نحن نمارسها لنحضى بإعجاب أنفسنا أولا وثانيا وثالثاً وأخيرا”.

ولدى العتيبي تغريدات تتعلق بمشاركتها في حملات إسقاط ولاية الرجل:

وأيدت قرار السماح لسفر المراة دون ولي بعد سن 21 عاما وكتبت في تعليق أن “مثل هذه القرارات وأمام العالم بأجمعه نغني ونتباهى”.

ولطالما كانت مناهل العتيبي من المناصرات لعدم ارتداء العباءة السوداء التقليدية التي ترتديها النساء بمنطقة الخليج، وخرجت بمقطع شهير في أغسطس 2019 دون ارتدائها.

وكتبت: “أمس كان يوم حظي نمت وأنا جدا سعيدة وصحيت وأنا أسعد، ومن السعادة رحت أشطب شوراع الرياض شارع شارع وحارة حارة ومن خلال تشطيبي وتعاملي مع الدوريات والمرور وردة فعلهم المحترمة معي إكتشفت إن النظام فعلاً تعمم وإن ولي العهد كان صادق لمن قال (يحق للمرأة أن ترتدي مثل الرجل). #صباح_الخير

وقوبل هذا المقطع بتأييد البعض الذين اعتبروا أنه دليل على تغير المملكة نحو الدولة المدنية، لكن آخرين اعتبروه تصرفا “غير قانوني” ودعوا الجهات المختصة إلى محاسبتها.

وفي تغريدة لها في أكتوبر الماضي، أي قبل توقيفها بنحو شهر، كتبت: “مشكلة ذهنية الوعي الجمعي لدى كثيرا من العقول أنها وليدة ممارسات تلقين وحشو وتلقيم جماعي منذ الصغر”.

وكتبت في تدوينة سابقة أن “أسوأ ما ارتكبه الانسان في حق ذاته العليا وما سوف يرتكبه على مر العصور هو عندما سمح لذاته السفلى أن يتم التلاعب بها من قبل أشخاص يصنفون أنفسهم (قادة) أساليبهم قائمة على برمجيات مغلوطة تهدف إلى تضليلك عن الحقائق ثم فصلك تماما عن ذاتك العليا بغرض توجيهك نحو تحقيق أهدافهم الشخصية”.

وكتبت في أخرى أن “القادة العظماء بحق ليسوا أولئك الأشخاص الذين يتفوقون في انتقاء الناجحين والمفكرين والمبدعين ليتم تمكينهم وفقا لإنجازاتهم وحسب! بل أنهم أولئك القادرين على خلق عدد لامُتناه من الناجحين والمبدعين والمتفوقين”:

ويأتي خبر توقيف مناهل فيما تتدهور الصحة الجسدية والنفسية للشابة السعودية، سلمى الشهاب، التي احتُجزت لأكثر من سنتين منذ اعتقالها في يناير 2021، وفق منظمة “القسط”.

وخاضت الشهاب وسبع مُحتجزات سعوديات أخريات إضرابا عن الطعام في مارس 2023 احتجاجا على احتجازهن ومحاكمتهن دون وجه حق، وللمطالبة بإطلاق سراحهن. وأنهته بعد عدة أسابيع لتتمكن من تناول الأدوية، وفق المنظمة.

وكان ولي العهد السعودي قد صرح في مقابلة سابقة أن من “حق المرأة ارتداء ملابس لائقة ولكن هذا لا يعني ضرورة ارتدائها العباءة السوداء أو غطاء الرأس الأسود” وقال إن “الأمر متروك تماما لها”.

ونالت المرأة السعودية عددا من الحقوق في السنوات الأخيرة، أبرزها حقها في قيادة السيارة، والسفر دون موافقة الرجل، وحضور مباريات كرة القدم في الملاعب، وحضور الحفلات مع الرجال.

وظهرت مناهل في برنامج تلفزيوني من داخل السعودية من دون حجاب وقالت في المقابلة، التي أعاد ناشطون نشرها مع انتشار نبأ اعتقالها، إنها “قادرة على الانتقاد في حدود الأدب والتوجيه والنصح”. وأضافت أن “السعودية تغيرت بشكل جذري ولا يمكن إنكار هذا التغيير. المساواة بين المرأة والرجل أًبحت فعلية وليست مجرد كلام”

ومع رواج نبأ توقيف شقيقتها خلال الساعات الماضية، كتبت فوز على تويتر: “سمعت بتمكين المرأة وصدقته. ليش ما في قلبكم (لماذا لا يوجد) إنسانية. أنتم ما تشوفون كيف كانت على نياتها وفرحانه بالتمكين”.

وأشارت فوز إلى تأكيد ولي العهد أن ارتداء العباءة قرار شخصي وقالت مستغربة: “حقيقة الوضع محير لنا كسعوديات ما ندري نسمع كلام مين ؟! ولي العهد يصرح أن للمرأة حرية الخروج بدون عباية وحقوق الإنسان بالسعودية تصرح النسوية وحقوق المرأة غير مجرمة بينما النيابة العامة تناقض تصريحاتهم وتوجه تهمة الدفاع عن حقوق المرأة والخروج بدون عباية كجريمة “.

وقالت الهذلول في تصريحات لموقع “القسط” إن “قضايا العتيبي مثال آخر على وعود السعودية الفارغة عندما يتعلق الأمر بالإصلاحات. لا تزال المرأة السعودية تسجن وتواجه محاكمات صورية بسبب مطالبتها بحقوقها، أو لمجرد الاعتقاد بأن لديها الآن الحرية في ارتداء ما تريد”.

وأضافت: “قضية الفتاتين فوز ومناهل تفضحان مرة أخرى ما تدعيه السلطات السعودية من وعود إصلاحية على الإعلام وحقيقة ما تقوم به على أرض الواقع تجاه المواطنات”.

وقلت الناشطة لموقع الحرة: “الولاية لاتزال موجودة والقمع موجود، وقصة مناهل ليست أول قضية لسعوديات تعرضن للقمع بسبب اللباس”.

وتشير إلى حالة أمل الأسمري التي تعرضت للطرد من مركز تجاري في الرياض بسبب ردائها الذي اعتبره حارس الأمن مخالفا.

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اخترنا لك
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى