استطاعت اليمنية زبيدة اللحجي، لأول مرة، في البلاد كسر مهنة “المقاولات” التي لطالما احتكرها الرجال نظرا لطبيعتها التي تحتاج إلى قوة وصلابة.
ففي طريق جبلي وعر غرب محافظة تعز، جنوبي اليمن، تعمل اللحجي على الإشراف على أعمال العمَّال من الرجال الذين يقومون بتعبيد الطريق ورصفها بالأحجار في مهنة ظلت لسنوات مقتصرة على الرجال دون غيرهم.
وتعيش زُبيدة تجربة نادرة عندما شاركت كأول امرأة يمنية في المقاولات، وذلك بعد أن فازت بمناقصتين كمقاولة في مشروع رصف طريق “الهفار- الأشروح” أو عقبة “ذي الليمة” الواقعة في بلدة “الشراجة” جنوبي جبل حبشي، غرب تعز.
ومثل فوز زبيدة بالمناقصتين قفزة كبيرة، إذ اعتبرته بمثابة نافذة واسعة من الأمل فتحت لها الفرصة لتوليد الدخل ولتحسين معيشة أسرتها التي تعيش حياةً صعبةً بسبب الحصار الحوثي المفروض منذ 9 أعوام على تعز.
بداية الانطلاق
بداية انطلاق زبيدة اللحجي في عالم المقاولات كانت من مسقط رأسها في بلدة “الشراجة” عندما بادرت في رصف وتعبيد طريق جبلي وعر وخطر تسبب بالعديد من الحوادث منها انزلاق المركبات وخسائر مادية وبشرية.
ويسمى هذا الطريق “نقيل ذي الليمة” وهو شريان حياة لآلاف المواطنين في قرى ريف تعز، ويعد بمثابة همزة وصل بين قرى سكنية عديدة، وهو ما جذب زبيدة لتعبيد أجزاء منه ضمن مبادرة مجتمعية تستهدف إصلاح الطرقات.
لم يمر سوى أسابيع حتى بادر الصندوق الاجتماعي للتنمية فرع تعز، وهو وكالة حكومية تنفذ مشروعات اقتصادية واجتماعية للحد من الفقر، حتى قام بتبني تعبيد الطريق مقدما العديد من المناقصات للمنافسة.
شجع ذلك “زبيدة نعمان محمد سعيد اللحجي” والتي دخلت غمار المنافسة لتفوز على العديد من الرجال بعد أن قدرت إحدى المناقصات التي قدمتها بنحو 15 مليونا و600 ألف ريال يمني (تعادل 15 ألف دولار أمريكي) تتضمن رصفا شبكيا لطريق “ذي الليمة” مع تشييد جدران ساندة بمسافة 700 متر.
واعتبر فوز زبيدة في مناقصات المقاولات دلالة واضحة على المشاركه الفاعلة والحضور المتميز للمرأة جنبا إلى جنب مع أخيها الرجل في أعمال التنمية في المنطقة ومحافظة تعز.
كسر مهنة الرجال
تشرح السيدة اليمنية -في حديثها المقتضب لـ”العين الإخبارية”- سر دافعها وراء كسر مهنة الرجال والعمل في المقاولات بأن ذلك كان عقب انقلاب مركبة تقل “بطيخ” وخسارة صاحبها والذي أبدى تحسرا كبيرا، ما تسبب بتأثر زبيدة بشكل كبير.
وتضيف: “بعد سقوط المركبة من المنحدر الجبلي اندفعت في تعبيد الطريق وطالبت بجمع الأموال من الناس، من أجل خوض مبادرة مجتمعية وهي أولى خطواتي في المقاولات”.
وتشير إلى أنها قامت بنقل الأحجار وشراء المعدات والمؤن، لكن بعد توقف المشروع بسبب شح التمويل قام الصندوق الاجتماعي باستكمال تعبيد بقية الطريق.
وأوضحت أنها دخلت في المناقصات على المشروع، وهي لا تتوقع الفوز كونها امرأة، إلا أن خبرتها ساعدتها في الظفر بالمشروع، ليكون أولى خطواتها نحو كسر مهنة استأثر بها الرجال دون غيرهم من النساء.
وقالت إن “نساء القرية كن مستغربات من نجاحي، كن ينتقدنني ويحكمن بخسارتي، لأنني تقدمت بسعر أقل من سعر الرجال، ودخلت مجال عمل صعبا هو بالأصح خاص في الرجال”.
واختتمت زبيدة اللحجي حديثها لـ”العين الإخبارية”، قائلة إنها أنجزت بالفعل قرابة نصف المشروع خلال أسبوعين والذي يتضمن نقل الأحجار وشق الطريق ونقل الأسمنت ثم رصفها وتشييد مساند حامية للطريق من السيول والفيضانات.