تواصلت المعارك المسلحة الضارية في السودان، الثلاثاء، لليوم الرابع على التوالي، بين الجيش وقوات الدعم السريع، وسط دعوات دولية متزايدة لوقف إطلاق النار والعودة لطاولة الحوار.
وفي بيان جديد، قالت قوات الدعم السريع إنها تخوض “ثورة جديدة” منذ السبت وهي “مستمرة لبلوغ غاياتها النبيلة وفي مقدمتها تشكيل حكومة مدنية تمضي بنا نحو تحول ديمقراطي حقيقي”.
وذكرت القوات التي يتزعمها الجنرال، محمد حمدان دقلو، المعروف بـ “حميدتي”، الثلاثاء، أنها تخوض معركة لاسترداد “حقوق شعبنا” وأنها تحقق “انتصارات متوالية”.
ومنذ السبت، تتواصل المعارك بالأسلحة الثقيلة في مناطق عدة في السودان، فيما تدخّل سلاح الجو بانتظام حتى داخل الخرطوم لقصف مقارّ لقوات الدعم السريع، القوة التي كانت معروفة بـ”الجنجويد” في عهد الرئيس السابق، عمر البشير، وقاتلت إلى جانب قواته في إقليم درافور قبل أن تتحول لاحقا إلى قوة نظامية شبه عسكرية.
إلى ذلك، اتهمت القوات المسلحة السودانية، خصمها قوات الدعم السريع باستهداف البعثة الأميركية ومقار برنامج الغذاء العالمي واحتجاز أجانب وضباط سودانيين ونهب الأسواق.
وقال الجيش في تويتر: “تدين القوات المسلحة بأشد العبارات السلوك الإرهابي لمليشيا الدعم السريع الذي تمثل في استهداف البعثة الأميركية ومقار برنامج الغذاء العالمي في الفاشر واحتجاز أجانب وضباط سودانيين ونهب الأسواق بنيالا وكبكابية وقارسيلا بوادي صالح”.
وزعم الجيش في بيان أن قوات الدعم السريع تقف وراء “أعمال السلب والنهب لممتلكات المواطنين التي تمت في الخرطوم، بجانب التعدي علي المنشآت الصحية الخاصة وتهديد الكوادر الصحية والطبية وضرب محطات الكهرباء والمياه وتدمير الطائرات المدنية الرابضة بمطار الخرطوم”.
وتنفي قوات الدعم السريع هذه المزاعم وتؤكد أن “جميع قواتها منخرطة في المعارك وتعمل في تأمين المواقع التي استولت عليها من قبضة الانقلابيين”.
وزعمت القوات في بيان سابق أن الجيش يقف وراء عمليات استهداف مقر البعثة الدبلوماسية للاتحاد الأوروبي في الخرطوم “في محاولة مكشوفة لإجبارهم على مغادرة منازلهم لتنفيذ عمليات عسكرية بالطيران امتدادا لقذف الأحياء السكنية بالطائرات”.
ومساء الاثنين، أعلن الاتحاد الأوروبي أن سفيره لدى الخرطوم “تعرض لاعتداء” بداخل منزله في العاصمة السودانية.
وقال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، في تغريدة إنه “قبل بضع ساعات تعرض سفير الاتّحاد الأوروبي في السودان لاعتداء في منزله”، من دون أي يوضح ما إذا كان المبعوث قد تعرض لأي إصابات.
لكن المتحدثة باسم الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، نبيلة مصرالي، قالت لوكالة فرانس برس إن الدبلوماسي الأيرلندي، أيدان أوهارا، البالغ 58 عاما، “على ما يرام”.
وأضافت أن أن بعثة الاتحاد الأوروبي في الخرطوم لم يتم إجلاؤها.
“عفو لمن يضع السلاح”
وكان وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أعلن الثلاثاء، أن موكبا دبلوماسيا أميركيا تعرض لإطلاق نار في السودان، الاثنين، من دون إصابة أي من أفراده.
وتحدث بلينكن هاتفيا مع قائد الجيش السوداني، عبدالفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو، مؤكدا “الحاجة الملحة لوقف إطلاق النار” بعد مقتل “عدد كبير جدا من المدنيين”.
وأدت الاشتباكات الدامية منذ ثلاثة ايام بين الجيش وقوات الدعم السريع إلى سقوط أكثر من 200 قتيل و1800 جريح، بحسب ما نقلت وكالة فرانس برس.
وبعد المكالمة مع وزير الخارجية الأميركي، أكد دقلو أن قوات الدعم السريع ملتزمة بحماية المدنيين الأبرياء “في مناطق سيطرتنا احتراما لكرامة الإنسان وقدسية الحياة”.
وثمن دقلو جهود الولايات المتحدة من أجل استعادة الاستقرار في السودان، مشيرا إلى أنه “من الضروري حماية شعبنا والدفاع عن قيمنا رغم مشاركة أطراف أخرى في هذه الحرب”.
والقتال في الخرطوم ومدينتي أم درمان وبحري المجاورتين لها منذ، السبت، هو الأسوأ منذ عقود وينذر بتمزيق السودان بين فصيلين عسكريين تقاسما السلطة خلال فترة انتقالية سياسية صعبة.
ولازم السكان منازلهم، وسط انقطاع التيار الكهربائي والمياه عن عدد كبير من المنازل.
كما يشاهد الجميع من نوافذهم عربات مدرعة ومسلحين يمرون في مركبات مدنية أزيلت لوحات أرقامها، آملين ألا تصيب بناياتهم طلقات طائشة أو شظايا.
وكان التوتر كامنا منذ أسابيع بين البرهان ودقلو اللذين أطاحا معا بالمدنيين من السلطة خلال انقلاب في أكتوبر 2021، قبل أن يتحول خلافهما السياسي على السلطة، إلى مواجهات مسلحة.
إلى ذلك، قال الجيش السوداني إن رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة، عبدالفتاح البرهان، أصدر قرارا بالعفو عن كل من يضع السلاح من ضباط وجنود قوات الدعم السريع.
وأكد البيان أن العفو سيتضمن ضم هؤلاء الجنود المنشقين في القوات المسلحة اعتبارا من تاريخ التبليغ.
متابعات