“مشكلة لا يريدها أحد”.. هل يخفض الاتفاق السعودي الإيراني التوترات بالمنطقة؟

بعد 5 سنوات من وصف ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، للمرشد الإيراني الأعلى، علي خامنئي، بأنه “هتلر جديد في الشرق الأوسط”، كان الخبر الأبرز هذا الأسبوع يتمثل في إعادة السعودية وإيران لعلاقاتهما الدبلوماسية.

وبعد سنوات من المواجهة في صراعات بالوكالة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، كان الاتفاق السعودي الإيراني مصدر ارتياح لطهران التي تعاني من اضطرابات داخلية واقتصاد يرزح تحت وطأة العقوبات القاسية، بحسب صحيفة “نيويورك تايمز”.

وقالت الصحيفة الأميركية إن السعودية أيضا لديها مكاسب من الاتفاق شرط أن يترسخ التعاون الجديد، حيث يمكن لاستئناف العلاقات بين البلدين أن يهدأ من التوترات الإقليمية التي أشعلت الحروب وأثارت خلافات إعلامية وأرسلت طائرات مسيرة وصواريخ عبر شبه الجزيرة العربية.

وأصبح حل النزاعات التي استنزفت ميزانية الحكومة السعودية وتلطيخ سمعتها وردع المستثمرين المحتملين أولوية قصوى للأمير محمد بن سلمان، حيث قام بإصلاح اقتصاد المملكة المحافظة والمجتمع على أمل تحويلها إلى مركز عالمي للأعمال والثقافة.

وقال المحلل السعودي، محمد السلمي، الذي يترأس مركز أبحاث يركز على الدراسات الإيرانية ويتخذ من الرياض مقرا له، إن “السياسة الخارجية السعودية واضحة للغاية: يريدون حل أي خلافات من خلال الدبلوماسية ويحاولون جاهدين مع الإيرانيين”.

“السعوديون تعلموا دروسا صعبة”

كان وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، غرد على تويتر بعد الإعلان، قائلا: “يجمع دول المنطقة مصير واحد وقواسم مشتركة تجعل من الضرورة أن نتشارك سويا لبناء أنموذج للازدهار والاستقرار لتنعم به شعوبنا”.

وقالت ياسمين فاروق، الباحثة غير المقيمة بمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، وهي مجموعة بحثية بواشنطن، “الأمر لا يتعلق بأن السعودية لا تدرك أن الضمان (الأمني) الصيني له حدود … بل على مدى السنوات الماضية، تعلم السعوديون دروسا صعبة للغاية”.

وأضافت تعليقا على الوساطة الصينية في الاتفاق، أن “من بين تلك الدروس التي تعلموها هي مواصلة تنويع علاقاتهم”.

لكن مسألة التأثير السريع للاتفاق السعودي الإيراني على الوضع في الشرق الأوسط، لا تزال محل تساؤل، لا سيما وأن “وجود السفراء سابقا لم يفعل شيئا يذكر لتخفيف حدة العداء” بين الرياض وطهران، كما يقول الكاتب، بوبي غوش، في عموده بموقع “بلومبيرغ”.

وللصراع الإيراني بعد طائفي، حيث إن العائلة المالكة في السعودية وأغلبية سكانها هم مسلمون سنة بعكس إيران التي يحكمها رجال دين شيعة اللذين يعدون أغلبية في الدولة الفارسية.

وقال السلمي إن “السعودية تريد المحاولة الآن. نعتقد أنه قد تكون هناك بعض الصعوبات في المستقبل القريب فيما يتعلق بعلاقة إيران مع المجتمع الدولي – أزمة روسيا والتخصيب. لذلك دعونا نرسل هذه الرسالة الإيجابية ونرى”.

وقطعت العلاقات بين إيران والسعودية عام 2016 بعد هجوم من قبل محتجين على سفارة المملكة في طهران وقنصليتها بمشهد احتجاجا على إعدام الرياض لرجل الدين الشيعي، نمر النمر.

وجاء قطع العلاقات بين الرياض وطهران بعد عام على تدخل تحالف عسكري تقوده السعودية في اليمن عقب سيطرة المتمردون الحوثيون على أجزاء كبيرة من أفقر دولة في شبه الجزيرة العربية، بما في ذلك العاصمة صنعاء.

وقال الكاتب غوش إن “أكبر تهديد للخليج يتمثل في هجمات إيران – في الغالب من خلال وكلاء في اليمن والعراق – على أهداف سعودية”. وأضاف: “يصعب الوثوق بالثعلب للتعاون في تأمين حظيرة الدجاج”.

“مشكلة لا أحد يريدها”

ويرى أن الاتفاق السعودي الإيراني حتى يكون له أي أساس، “كان يتعين على الإيرانيين إيقاف دعمهم لوكيلهم في اليمن، حيث تورطت السعودية في صراع مع مليشيا الحوثي المدعومة من طهران”.

يوضح غوش أن السعوديين يدركون التهديد المباشر من إيران سواء من خلال طموحاتها النووية أو برنامج صواريخها البالستية، علاوة على إعلانها مؤخرا شراء مقاتلات من روسيا.

وتابع: “لهذا السبب يسعى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة، الآن للحصول على ضمان أمني أميركي والوصول إلى المزيد من الأسلحة الأميركية مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل”.

ومضى قائلا: “هناك اعتبارات تجارية: صادرات النفط الخام الإيرانية إلى الصين التي تخرق العقوبات تأكل الحصة السعودية في تلك السوق”.

وختم عموده بقوله: “بالنظر إلى هذه الحقائق الصعبة، من غير المرجح أن يغير الاتفاق المعلن في بكين مخاطر الصراع بين إيران والسعودية، لكنه يمنح الصين ملكية مشكلة لا يريدها أحد”.

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى