وجه قائد قوات الدعم السريع السودانية، اللواء محمد حمدان دقلو، الثلاثاء، انتقادات لاذعة للعسكريين الذين يسيطرون على مقاليد الحكم في البلاد، قائلا إنهم “يعارضون التنحي للسماح بانتقال ديمقراطي في ظل إدارة مدنية”، وفق ما نقلت عنه وكالة أسوشيتد برس.
وقال دقلو، الشهير باسم حميدتي، إن صراعه مع القادة العسكريين الآخرين، الذي أصبح علنيا في الأسابيع الأخيرة، يتمحور حول مسألة تسليم السلطة للمدنيين.
وأضاف متحدثا لقوات الدعم السريع، التي تعتبر قوات عسكرية شبه نظامية، في قاعدة عسكرية في العاصمة الخرطوم “نحن ضد أولئك الذين يقفون ضد تسليم السلطة إلى حكومة مدنية. ونحن ضد أي شخص يريد أن يكون ديكتاتورا”.
وذكرت “أسوشيتد برس” أن “السودان غرق في حالة من الفوضى بعد أن أطاح الانقلاب العسكري بالحكومة المدنية المدعومة من الغرب في أكتوبر 2021، مما أوقف عملية الانتقال الديمقراطي بعد ما يقرب من ثلاثة عقود من الحكم الاستبدادي في عهد الرئيس السوداني السابق، عمر البشير”.
وأوضحت الوكالة أن هذا الانقلاب جاء بعد أكثر من عامين من انتفاضة شعبية أدت إلى الإطاحة بالبشير وحكومته في أبريل 2019.
وتحت ضغط شعبي ودولي كبير، توصل العسكريون والجماعات المؤيدة للديمقراطية إلى اتفاق مبدئي، في ٥ ديسمبر الماضي، من شأنه أن يسمح بتشكيل حكومة مدنية. لكن هذا الاتفاق واجه معارضة من جانب جماعات أخرى، من بينها متمردون.
وغابت عن توقيع الاتفاق قوى الحرية والتغيير أو ما تعرف باسم “الكتلة الديمقراطية”، التي تضم حركات مسلحة بقيادة جبريل إبراهيم ومني أركو مناوي إلى جانب قوى سياسية مدنية، بالإضافة إلى الحزب الشيوعي، ولجان المقاومة التي تضم نشطاء، وتجمع المهنيين، وفقا لوكالة “رويترز” للأنباء.
واصطدم الاتفاق بمعارضة قوية من قادة التمرد السابقين الذين وقعوا قبل عامين اتفاق سلام تم التوصل إليه مع الحكومة الانتقالية التي لم تبق في السلطة سوى فترة قصيرة. ووصف زعيم المتمردين السابق، ميني ميناوي، وهو أيضا حاكم منطقة دارفور المضطربة الاتفاق بأنه “غير شمولي”.
ووفقا لـ”أسوشيتد برس”، لا تزال المحادثات، المدعومة دوليا، جارية لإقناع المتمردين بالانضمام إلى الاتفاق الإطاري، وهو شرط وضعه الجيش لتسليم السلطة للمدنيين.
لكن الخلاف تصاعد بين دقلو وعدد من العسكريين الآخرين في الأسابيع الأخيرة، حسبما ذكرت الوكالة. وأوضحت أنه في الفترة الأخيرة، وجه قائد قوات الدعم السريع، المدعوم من الإمارات، انتقادات للقادة العسكريين الآخرين، في ما يتعلق بمسألة جديتهم في تسليم السلطة إلى المدنيين، وكذلك بشأن دمج قوته العسكرية في الجيش كما هو مذكور في الاتفاق الإطاري.
وأثارت التصريحات الأخيرة لدقلو مخاوف من اشتباكات محتملة بين قوته شبه العسكرية، المعروفة بحملات الأرض المحروقة في نزاع دارفور، وبين الجيش النظامي السوداني، وفقا لـ”أسوشيتد برس”.
وترى الوكالة أنه في خطابه الأخير، الثلاثاء، خفف دقلو من الإشارة إلى التوترات بين قواته والجيش كمؤسسة.
وصرح أمام قوات الدعم السريع، قائلاً: “لا توجد مشكلة بين الجيش وقوات الدعم السريع. نريد تحقيق انتقال ديمقراطي حقيقي لأننا نريد لهذا البلد أن ينهض”.
ولم يقدم دقلو أدلة واضحة تدعم ادعائه بأن القادة العسكريين في البلاد يعارضون تسليم السلطة إلى المدنيين، بحسب “أسوشيتد برس”. لكنها ذكرت أنه على ما يبدو كان يشير إلى رئيس مجلس السيادة الانتقالي الحاكم في السودان، عبد الفتاح برهان.
ووفقا لـ”رويترز”، نشأت قوات الدعم السريع رسمياً في عام ٢٠١٣ كقوات شبه نظامية تابعة لجهاز الأمن الوطني، جهاز المخابرات الوطني حالياً.
وتعتبر قوات الدعم في الوقت الحالي تابعة للجيش شكلياً فقط ويسري عليها قانون القوات المسلحة السودانية. لكنها في الواقع تدين بولاء كبير لمؤسسها وقائدها دقلو ونائبه شقيقه عبد الرحيم، ولا تملك قيادة الجيش صلاحية إقالة قادتها، لاسيما بعد المرسوم الذي أصدره رئيس المجلس العسكري الانتقالي وقتها، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، في 30 يوليو2019، وألغى بموجبه تبعيتها القانونية للجيش السوداني، بحسب “رويترز”.
ووفقا لـ”أسوشيتد برس”، قاد كل من برهان ودقلو انقلابا عسكريا عام 2021. ومع ذلك، سعى دقلو في الأشهر الأخيرة إلى إعادة تشكيل صورته العامة وصورة قواته. وصور نفسه على أنه مدافع عن استعادة عملية التحول الديمقراطي، واصفا الانقلاب بأنه “خطأ”.
وفي خطابه، الثلاثاء، قال دقلو إن “الدول الأجنبية، بما في ذلك دول الخليج الغنية والحكومات الأوروبية، جعلت استعادة التحول الديمقراطي شرطا لاستئناف المساعدة للسودان”.
متابعات