ثورة الهيدروجين الوردي قادمة ما القصه ؟

تدرس الحكومات سبل التحول إلى استخدم الهيدروجين كوقود للمساعدة على حل أزمة الطاقة التي يشهدها العالم منذ بداية الحرب الروسية – الأوكرانية، وللتخفيف من حدة الانبعاثات الناتجة عن استخدام الوقود الأحفوري.

وفي حين يتحدث الجميع عن الهيدروجين الأخضر كغاز محتمل ومهم في عملية انتقال العالم بعيدا عن الوقود الأحفوري، يتجاهل الكثيرون الهيدروجين الوردي الذي يتم إنتاجه باستخدام الطاقة النووية.

 وتناقش الحكومات في جميع أنحاء العالم اليوم مسألة الطاقة النووية مرة أخرى، وتنتشر خطط لبناء العديد من محطات الطاقة الجديدة في جميع أنحاء العالم.

 ويتسارع هذا التحول إلى حد كبير نتيجة الصراع بين روسيا وأوكرانيا وما خلّفه من انعدام أمن الطاقة، حيث أبرزت التطورات اعتماد دول العالم على عدد قليل من القوى لسد احتياجاتها من النفط والغاز. وتتطلع عدة بلدان إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة، مع توفّر مجموعة واسعة من خيارات الطاقة المتجددة على الطاولة الآن.

وتتساءل الكاتبة فيليسيتي برادستوك في مقال ضمن موقع أويل برايس عمّا إذا كان بالإمكان أن يصبح الهيدروجين الوردي أحد مصادر الطاقة الرئيسية في المستقبل؟

وتتسابق الشركات خلال السنوات الأخيرة لتطوير مشاريع الهيدروجين الأخضر من أجل ضمان قدرتها لتنافسية، حيث تبحث عدة بلدان عن بدائل للغاز الطبيعي والديزل ووقود الطائرات.

ويُنظر إلى الهيدروجين الأخضر على أنه مصدر طاقة متجددة يمكن اعتماده لاستبدال الوقود الأحفوري في عدد من المجالات.

وبينما يعتمد إنتاج الهيدروجين الرمادي والأزرق على الغاز الطبيعي، يعتمد الهيدروجين الأخضر على التحليل الكهربائي المدعوم من مصادر الطاقة المتجددة، بتقسيم الماء إلى هيدروجين وأكسجين.

 في المقابل، يكون إنتاج الهيدروجين الوردي بالطاقة النووية، مما يجعله خاليا من الكربون. لكنه ليس أخضر من الناحية الفنية بسبب تصنيف الطاقة النووية على أنها غير متجددة.

ولا تزال معظم عمليات إنتاج الهيدروجين اليوم تعتمد على الغاز الطبيعي، حيث أن عمليات استخراج الهيدروجين الخضراء تبقى مكلفة. وشكل إنتاج الهيدروجين منخفض الانبعاثات أقل من 1 في المئة من إنتاج الهيدروجين في جميع أنحاء العالم سنة 2021، وفقا لوكالة الطاقة الدولية.

وترى راشيل روثمان، وهي المديرة المشاركة لمركز غرانثام للمستقبل المستدام بجامعة شيفيلد، أن الهيدروجين الوردي يمكن أن يوفر بديلا للهيدروجين الأخضر الذي تشتد الحاجة إليه، مما يدعم توسع الصناعة السريع.

وقالت “ستحصل على الهيدروجين والأكسجين إذا قسمت الماء. لكن هذا التقسيم يتطلب طاقة. وينتج الهيدروجين الوردي عن فصل الماء باستخدام الطاقة النووية. لذلك، فإن النظام منخفض الكربون، لأنه لا يوجد كربون في الماء… ويعود انخفاض الكربون إلى النووي”.

وتناقش شركة كهرباء فرنسا (أي دي أف) فكرة إنتاج الهيدروجين الوردي في محطة سيزويل سي النووية الواقعة في مقاطعة سوفولك الإنجليزية التي تبلغ سعتها 3.2 غيغاوات، وتعود ملكيتها إلى الشركة المذكورة. وكتبت المؤسسة في موقعها على الإنترنت أنها تدرس كيفية إنتاج الهيدروجين بعدة طرق في المحطة.

وأضافت “أولا، يمكن أن تساعد العملية على تقليل الانبعاثات أثناء إنشاء محطة الطاقة. ثانيا، بمجرد تشغيل المحطة نأمل في استخدام بعض الحرارة التي تولدها (جنبا إلى جنب مع الكهرباء) لجعل الهيدروجين أكثر كفاءة”. وتتوقع الشركة أن يلعب الهيدروجين المنتج باستخدام الطاقة النووية دورا رئيسيا في هذا التحول.

وتنفق وزارة الطاقة الأميركية المليارات للمساعدة على خفض التكاليف وزيادة حجم الهيدروجين النظيف، وتتطلع إلى إنشاء المحطات النووية في البلاد لدعم الإنتاج. ويمكن للمفاعلات النووية التقليدية والمتقدمة توفير الحرارة والكهرباء المستمرين واللازمين لإنتاج الهيدروجين منخفض الانبعاثات.

 وتعتقد وزارة الطاقة أن هذا يمكن أن يساعد أيضا على حشد الدعم لتطوير محطات نووية جديدة. وتشير التقديرات إلى أن مفاعلا بقوة ألف ميغاوات يمكن أن يدعم إنتاج 150 ألف طن من الهيدروجين سنويا.

ويمكن استخدام هذا الهيدروجين في الأسمدة وتكرير النفط وإنتاج الصلب ومعدات معالجة المواد ومركبات خلايا الوقود والوقود الاصطناعي المحايد للكربون. وطوّرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية برنامج التقييم الاقتصادي للهيدروجين من أجل تطوير مشاريع الهيدروجين الوردي في جميع أنحاء العالم. وهي أداة مجانية تقيّم اقتصاديات إنتاج الهيدروجين الوردي على نطاق واسع.

إنتاج الهيدروجين منخفض الإنبعاثات شكل أقل من 1 في المئة من إنتاج الهيدروجين في جميع أنحاء العالم سنة 2021

وفي الآن نفسه تعاونت وكالة الطاقة النووية ومعهد الطاقة النووية ومختبر أيداهو الوطني ومؤسسة الإمارات للطاقة النووية والوكالة الدولية للطاقة الذرية وأعضاء غير حكوميين من كندا وفنلندا وفرنسا واليابان وكوريا والإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، في تقرير 2022 للطاقة النووية في اقتصاد الهيدروجين، على تشجيع المساعي الهادفة إلى تطوير المزيد من مشاريع الهيدروجين الوردي.

وتشمل الفوائد الرئيسية لاستخدام الطاقة النووية في إنتاج الهيدروجين خفض تكاليف الإنتاج والتقليل من الانبعاثات عبر توليد الكهرباء باستخدام الطاقة النووية لتحليل الماء وإنتاج الهيدروجين الوردي.

 وبينما يتواصل إنتاج الهيدروجين الأخضر عبر استخدام مصادر الطاقة المتجددة بمعامل قدرة 20 إلى 40 في المئة، يستخدم الهيدروجين الوردي الطاقة النووية بمعامل قدرة 90 في المئة، مما يساهم في خفض التكاليف. كما يُعتقد أن البصمة الكربونية الناتجة عن الهيدروجين الوردي مماثلة لتلك التي يخلّفها الهيدروجين الأخضر باستخدام مصادر الطاقة المتجددة.

وبحسب  فيليسيتي برادستوك “على الرغم من قلة الحديث عن الهيدروجين الوردي في الوقت الحالي، من المحتمل أن نشهد ارتفاعا كبيرا في مشاريع الهيدروجين التي تعمل بالطاقة النووية في السنوات القادمة، حيث تتطلع الحكومات مرة أخرى إلى زيادة طاقتها النووية كجزء من مشاريعها للتحول الأخضر”.

 وتابعت “من المرجح أن يكتسب الهيدروجين الوردي زخما بنفس الطريقة التي اكتسبها الهيدروجين الأخضر، حيث تسعى شركات الطاقة والحكومات في جميع أنحاء العالم إلى إيجاد بدائل للوقود الأحفوري، مع بقاء الهيدروجين وقودا متعدد الاستخدامات لمجموعة متنوعة من الصناعات”.

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى