اتفاق الحبوب الأوكرانية.. أهمية شريان أمن الغذاء العالمي وطريقة عمله

لعبت صفقة السماح بصادرات الحبوب من أوكرانيا، والتي عادت إلى مسارها، الأربعاء، بعد تعليقها لفترة وجيزة، دورا حاسما في تخفيف أزمة الغذاء العالمية، التي أثارها الغزو الروسي لأوكرانيا منذ فبراير الماضي.

الاتفاق الذي تم بوساطة من الأمم المتحدة وتركيا ووقعته موسكو وكييف في 22 يوليو الماضي، أنشأ ممرا بحريا محميا للسماح باستئناف شحنات الحبوب لأول مرة منذ بدء القتال في فبراير.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأوكرانية، الخميس، إن بلاده لم تتعهد بأي التزامات جديدة تتجاوز شروط الاتفاق الموقع في يوليو الماضي، لتصدير الحبوب من موانئها المطلة على البحر الأسود بعد الغزو الروسي.

من جهته، قال الكرملين، الخميس، إن روسيا لم تقرر بعد ما إذا كانت ستمدد مشاركتها في الاتفاق الذي تنقضي مهلته في وقت لاحق من هذا الشهر

وخفف اتفاق الحبوب، الذي تم التوصل إليه منذ نحو أربعة أشهر، حدة أزمة الغذاء العالمية من خلال رفع الحصار الروسي الفعلي على أوكرانيا، أحد أكبر المصدرين للحبوب والقمح في العالم، قبل أن يجدد احتمال انهياره مخاوف الجوع وارتفاع الأسعار.

وأوضح الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف “قبل اتخاذ قرار بشأن التمديد، سنحتاج إلى تقديم تقييم شامل لفعالية الاتفاق”.

وقال بيسكوف إن عودة موسكو “لا تعني” أنها ستقرر بالضرورة تمديد الاتفاق.

الحاجة لها

عندما غزت القوات الروسية أوكرانيا في 24 فبراير، فرضت موسكو حصارا على موانئ أوكرانيا على البحر الأسود وبحر آزوف، وأوقفت جميع الصادرات الزراعية، ومنها القمح الضروري لصناعة الخبز.

وتركت هذه الخطوة 20 مليون طن متري من الحبوب عالقة في موانئ أوكرانيا، مما تسبب في ارتفاع أسعار المواد الغذائية في جميع أنحاء العالم، وفقا لما ذكره موقع “فويس أوف أميركا”، الأربعاء.

ونشر الموقع تقريرا يظهر أنه “قبل الحرب، كان ما يصل إلى 90 بالمئة من صادرات أوكرانيا من القمح والذرة وعباد الشمس تنقل بحرا، معظمها من أوديسا، مع اعتماد العديد من البلدان النامية بشكل كبير على كييف للحصول على الحبوب”.

وكانت أسعار السلع الزراعية مرتفعة قبل الحرب بسبب الانتعاش الاقتصادي بعد أزمة كورونا، لكن الصراع دفع أسعار الحبوب مثل القمح والذرة إلى مستويات غير مسبوقة للبلدان التي تعتمد على استيرادها، مثل مصر ولبنان وتونس.

ماذا تغطي الصفقة؟

وتضمن الصفقة تصديرا آمنا للحبوب والمواد الغذائية والأسمدة، بما في ذلك الأمونيا، من ثلاثة موانئ على البحر الأسود في جنوب أوكرانيا: أوديسا وتشورنومورسك وبيفديني.

وأبحرت أول سفينة حبوب تغادر بموجب الاتفاق المدعوم من الأمم المتحدة في الأول من أغسطس الماضي.

ووفقا لأرقام الأمم المتحدة اعتبارا من 1 نوفمبر، تم نقل إجمالي 9.7 مليون طن متري من الحبوب والمنتجات الزراعية الأخرى في الأشهر الثلاثة الأولى من الصفقة، والغالبية العظمى من القمح والذرة.

ومدة صلاحية الصفقة 120 يوما، وهي قابلة للتجديد في 19 نوفمبر في عملية يمكن إجراؤها تلقائيا دون مزيد من المفاوضات.

وتقول الأمم المتحدة إن تمديد الاتفاق أمر بالغ الأهمية للأمن الغذائي العالمي وتدفع من أجل تجديده لمدة عام واحد.

وعلى الرغم من أن الصفقة تعمل بشكل جيد، إلا أن الشحنات أقل بحوالي 40-50٪ مما كانت عليه قبل الغزو الروسي، كما تقول الأمم المتحدة.

كيف تعمل؟

ووفقا للأمم المتحدة، فإن الاتفاقية تنشئ ممرا آمنا بين الموانئ الأوكرانية الثلاثة ومنطقة في المياه التركية حيث يتم تفتيش السفن قبل السماح لها بمواصلة رحلتها.

ولمراقبة الاتفاقية، تم إنشاء مركز قيادة وتحكم مشترك في إسطنبول للإشراف على العمليات السلسة وحل النزاعات.

ويضم مركز التنسيق المشترك (JCC)، ثمانية مفتشين موزعين على أربعة فرق، من روسيا وأوكرانيا وتركيا والأمم المتحدة.

وتقوم هذه الفرق بفحص السفن المغادرة التي تحمل الحبوب في منطقة التفتيش التركية للتأكد من الموافقة على جميع البضائع.

كما تقوم الفرق أيضا بفحص السفن الفارغة العائدة إلى أوكرانيا للتأكد من أنها لا تحمل أي أسلحة أو غيرها من البضائع أو الأشخاص غير المصرح لهم.

ممر آمن

وتحدد الصفقة منطقة عازلة تبلغ 10 أميال بحرية حول كل سفينة تسير على طول الممر مع عدم السماح لسفن عسكرية أو معدات أو طائرات مسيرة داخل هذا النطاق.

ويتم إرسال جميع تحركات السفن التي تم تسجيلها من قبل JCC إلى السلطات العسكرية ذات الصلة لمنع أي حوادث أو انتهاكات أو تهديدات.

وفي بداية الحرب، قامت أوكرانيا بتلغيم موانئها الرئيسية على البحر الأسود لتفادي التهديدات بشن هجوم روسي من البحر، وقال خبراء إن الأمر سيستغرق وقتا طويلا لإزالة الألغام من كل هذه المناطق.

ويسمح الاتفاق للأوكرانيين بتوجيه السفن على طول الممرات الآمنة التي تتجنب حقول الألغام المعروفة والدخول إلى مياهها الإقليمية والخروج منها.

صفقة معلقة لفترة وجيزة

وفي 29 أكتوبر الماضي، قالت روسيا إنها علقت مشاركتها في الصفقة، متهمة أوكرانيا باستخدام ممر الشحن لشن هجوم بطائرات مسيرة على أسطولها في البحر الأسود في ميناء سيفاستوبول في شبه جزيرة القرم.

وبعد مكالمة بين وزيري الدفاع الروسي والتركي، استؤنفت الصفقة في الساعة 09:00 بتوقيت غرينتش يوم 2 نوفمبر الحالي (الأربعاء)، وقالت موسكو إنها تلقت ضمانات مكتوبة من كييف تضمن عدم استخدام الممر لمهاجمة القوات الروسية.

متابعات 

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى