الكويت.. خارطة قوى المعارضة الفائزة في انتخابات مجلس الأمة

في خطوة لافتة، نجحت المعارضة الكويتية في الفوز في الانتخابات التشريعية التي جرت، الخميس، بحصولها على 28 مقعدا من أصل 50، في مؤشر لاحتمال تجدد الصراع بين الحكومة وأعضاء مجلس الأمة خلال المرحلة المقبلة.

وخاضت الحكومة السابقة بقيادة الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح صراعا مريرا مع المجلس السابق الذي غلب عليه النواب المعارضون وهو ما أدى في النهاية إلى استقالة الحكومة وحل البرلمان وتعيين رئيس جديد للوزراء هو الشيخ أحمد النواف الصباح في يوليو الماضي.

حصد النواب الذين عرفوا بمواقفهم المعارضة للحكومة السابقة معظم المراكز الأولى في الدوائر الخمس في البلاد.

وتنقسم الكويت إلى خمس دوائر انتخابية وبلغ عدد الناخبين نحو 796 ألف ناخب وناخبة وبلغ عدد اللجان 759 لجنة انتخابية موزعة على 123 مدرسة. وتمت الانتخابات وفقا لنظام الصوت الواحد لكل ناخب.

بلغت نسبة التغيير في مقاعد البرلمان 54 بالمئة مقارنة بالبرلمان السابق، حيث خسر 20 نائبا سابقا مقاعدهم بينهم ثلاثة من الوزراء السابقين.

وشاركت في انتخابات الخميس، وهي السادسة في عشر سنوات، شخصيات معارضة وتيارات سياسية قاطعت الاقتراع منذ عقد متهمة السلطات التنفيذية بالتأثير على عمل البرلمان.

حصل أحمد السعدون الرئيس الأسبق للبرلمان والمعروف بمواقفه المعارضة على أعلى نسبة تصويت زادت عن 12 ألف صوت، بعد مقاطعة للانتخابات استمرت عشر سنوات.

وتمكنت القوى الإسلامية الممثلة للسلفيين والإخوان المسلمين من الفوز بنحو عشرة مقاعد في مجلس الأمة الكويتي الجديد، بينها خمسة للحركة الدستورية الإسلامية (حدس) الواجهة السياسية للإخوان المسلمين.

استطاعت (حدس) الحفاظ على مقاعدها الاستراتيجية في الدوائر الثلاث الأولى، من خلال أسامة الشاهين (الدائرة الأولى) وعبد العزيز الصقعبي (الثالثة) وحمد المطر (الثانية).

كما فاز اثنان من المقربين منها، وهما فلاح ضاحي (الثانية)، وعبدالله فهاد (الرابعة).

ونجح مرشحون محسوبون على التجمع الإسلامي السلفي وهما حمد العبيد ومبارك الطشة في الفوز في السباق الانتخابي، وكذلك فاز كل من محمد هايف “تجمع ثوابت الأمة” (سلفي) وعادل الدمخي وعمار العجم، وهم مستقلان سلفيان.

وتوزعت باقي مقاعد المعارضة على نواب مستقلين بينهم النائب السابق مبارك الحجرف والنائب السابق مهلهل المضف والنائب السابق عبد الكريم الكندري والنائب السابق مهند الساير.

كذلك نجح النائب السابق عبد الله المضف في الحصول على المركز الأول في الدائرة الانتخابية الأولى والنائب السابق من الطائفة الشيعية حسن جوهر على المركز الثاني في الدائرة ذاتها.

وعلى مستوى الدائرة الثانية تصدر النائب السابق بدر الملا بحصوله على المركز الأول والنائب السابق محمد المطير في المرتبة الثانية.

وتمكن النائب السابق المعارض شعيب المويزري من اكتساح الدائرة الرابعة، ونجح النائب السابق المعارض حمدان العازمي في الحصول على المركز الأول في الدائرة الخامسة.

ويرى المحلل السياسي الكويتي محمد الدوسري أن نتائج الانتخابات تؤشر لوجود مناخ عام وتوجه شعبي لدعم الحركة الإصلاحية في البلاد.

ويضيف الدوسري  أن الناخبين تمكنوا من “إسقاط كل المرشحين من نواب مجلس الأمة السابقين لاعتقادهم أن هؤلاء هم من عطلوا التنمية في الكويت وتسببوا بشلل الأنشطة الاقتصادية والتجارية”.

ويرجح الدوسري أن تسعى الحكومة الكويتية “لفترة هدوء نسبي مع مجلس الأمة الجديد حتى تتمكن من المضي قدما في عملها التنموي ومكافحة الفساد المستشري في مفاصل الدولة وإقرار قوانين تمس حياة الناس”.

وكانت المعارضة التي تضم في غالبيتها سياسيين إسلاميين، فازت بـ24 مقعدا من أصل 50 في الانتخابات السابقة، علما أنها كانت قد حصلت على انتصار تاريخي في 2012 حين حازت على أكثر من نصف مقاعد البرلمان قبل أن يجري حل مجلس الأمة بعد فترة وجيزة.

وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت والمبعوث السابق لدى الأمم المتحدة غانم النجار إن “المناخ الشعبي العام الآن مع الاستقرار ومع تحقيق الإنجاز ومع مزيد من التعاون بين السلطتين وهذا سيضع ضغطا على النواب بحيث لا يتجهون للتصعيد مع الحكومة إلا بمبررات قوية جدا”.

وأضاف النجار لرويترز أنه “سيتطلب الأمر من الحكومة تقديم برنامج عمل والاتفاق عليه مع المجلس” مشيرا إلى أنه “من المتوقع أن يلعب النائب أحمد السعدون دورا في تعزيز التعاون بين السلطتين”.

ولفت أيضا إلى أن “البناء أصعب من الهدم.. ولابد أن ينتظم النواب في كتل برلمانية ولا يعملون بشكل منفرد”.

من جانبه، قال المحلل السياسي الكويتي غانم السليماني لوكالة فرانس برس إن “اكتساح نواب المعارضة يشكل تحديا كبيرا للحكومة المقبلة التي تواجه مصاعب اقتصادية وتزايد المطالب الشعبية بإنجاز مشاريع تنموية”.

ولكنه لم يستبعد “تعاون” الحكومة والبرلمان في المرحلة المقبلة تنفيذا لمضمون الخطاب الذي ألقاه ولي عهد الكويت نيابة عن أمير البلاد في يونيو الماضي.

وكان ولي عهد الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح قال في خطابه “لن نتدخل في اختيارات الشعب لممثليه ولن نتدخل كذلك في اختيارات مجلس الأمة القادم في اختيار رئيسه أو لجانه ليكون المجلس سيد قراراته ولن نقوم بدعم فئة على حساب فئة أخرى”.

وتهز الكويت أزمات سياسية متكررة تتعلق بالحكومة وشخصيات من الأسرة الحاكمة والبرلمان الذي تم حله مرات عدة. وغالبا ما يكون السبب مطالبة نواب بمساءلة وزراء من العائلة الأميرية على خلفية قضايا تشمل الفساد.

والكويت من أكبر مصدري النفط الخام في العالم وهي أول دولة خليجية تعتمد نظاما برلمانيا في 1962.

وعلى غرار جيرانها الخليجيين، تطمح الكويت إلى تنويع اقتصادها المرتهن بشكل شبه كلي للنفط، لكن البيروقراطية والفساد وعدم وجود خطط تحول اقتصادي فعالة تهدد بوضع الدولة الحليفة للولايات المتحدة والتي تستضيف آلاف الجنود الأميركيين، أمام صعوبات اقتصادية كبرى.

كذلك، تفتقد الكويت التي تضم خليطا من السنة والشيعة ويبلغ عدد سكانها نحو 4,2 ملايين نسمة، لوجود قيادات شابة على عكس الدول الخليجية الأخرى التي باتت تعيّن السياسيين والدبلوماسيين الشباب في مناصب عليا.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى