كيف تخلصين ابنك المراهق من عادة تصفح مواقع التواصل الاجتماعي لساعات؟

يتعرف جيل Z إلى التكنولوجيا في سن مبكرة، يبدأونها ببراءة؛ مشاهدة حلقات مُعاد عرضها من برنامج “كيم بوسيبل” على يوتيوب، وإنشاء خوادم “ماين كرافت مع أخي التوأم”. لكن مع تغير اهتماماتهم، يتغير المحتوى الذي يستهلكونه، وسيبدأون بمتابعة مؤثري أسلوب حياة المراهقين الذين يحصدون ملايين المتابعين على يوتيوب، لمجرد مشاركتهم تفاصيل حياتهم اليومية. وستشاهد الفتيات المراهقات المؤثرات بشغف وهنّ يضعن المكياج في منازلهن الكبيرة ويرتدين ملابس عصرية ليس بالإمكان تحمل تكلفتها. فيكرهون مكانهم، وأثاثهم المستعمل، ويشعرون أنهم غير جديرين بالمتابعة. كل ذلك قد يستهلك منهم ساعات يومياً، يكون دورك في الحد منها؛ كي يحافظ المراهق على ثقته بنفسه، ويتجنب جلد الذات، فكيف تحققين هذه المعادلة، وكيف تخلصين ابنك المراهق من عادة تصفح مواقع التواصل الاجتماعي لساعات؟ كما ينصحك الاختصاصيون التربويون.
ازدادت ثقافة المقارنة هذه عندما حصل المراهقون على هواتفهم الأولى في العاشرة من أعمارهم في السنوات الأخيرة، وحمّل الكثيرون تطبيقات إنستغرام وسناب شات وتيك توك. وأصبحوا يقضون عليها ساعاتٍ في البحث عن الصور المثالية لنشرها على إنستغرام، ويحللون صور السيلفي لوجوههم قبل البلوغ؛ بحثاً عن العيوب. ويزداد شعورهم بالقلق الشديد، ويتمنون لو كانوا أشخاصاً آخر.
أفادت الدراسات التي أجراها مجموعة من الباحثين، بأن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 8 و18 عاماً يقضون في المتوسط 7.5 ساعات يومياً على الشاشة. هذا لا يشمل حتى الاستخدام الضروري للتكنولوجيا، مثل الواجبات المنزلية عبر الإنترنت. الكثيرون يمرون على الشاشة لمدة خمس دقائق، أو أربع ساعات، أو حتى 12 ساعة متواصلة، ومع ذلك لا يتذكرون أي شيء تعلموه منها. حتى لو تعلموا شيئاً جديداً، سيطغى عليه الكم الهائل من الوسائط الأخرى العشوائية التي صادفوها أثناء تصفحهم للإنترنت. وأيها الآباء، إليكم كيفية دعم وتشجيع أبنائكم المراهقين على استخدام الشاشة بشكل متوازن، مع تغيير عاداتكم الخاصة.
الخطوة 1: أدركوا خطورة ما تواجهونه

الخطوة الأولى نحو إدارة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي هي تتبع استخدام ابنك وفهم خط الأساس الخاص به، وأدركي أن هذه التطبيقات لن تُحسّن حياته بالضرورة، ولن تُساعده على التغلب على خوفه من فوات الفرصة. في الواقع، يقول بعض المراهقين إن شعورهم بالخوف من فوات الفرصة قد ازداد سوءاً بعد بدء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. وبالنسبة للمراهقين الذين يعانون بالفعل من مشاكل في الصحة النفسية، تشير الدراسات إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي قد تُفاقم هذه المشاكل.
دعي ابنك يدرك أن الهدف هو إبقاؤه على الهاتف، حتى لو لم يرغب في ذلك. حتى لو شعر أن وسائل التواصل الاجتماعي تُلحق به الضرر. صُممت التطبيقات لإبقائه يستخدمها؛ حتى يتمكن من رؤية الإعلانات. هكذا تجني شركات التواصل الاجتماعي الأرباح، كما أوضح مارك زوكربيرج، مؤسس ميتا، للكونغرس عام 2018. حتى إن تطبيقات التواصل الاجتماعي تستغل مساراً دماغياً قديماً يجعل المراهق يتوق لاستخدامها، ويجعل التوقف عنها أمراً بالغ الصعوبة. هي ببساطة تعرف جيداً كيف تستغل السلوك البشري للمراهق لتشجيعه على العودة إليها.
الخطوة 2: دعوا أبناءكم يحددون ما يستهدفونه
إن فهم خط الأساس لاستخدامهم هو الخطوة الأولى نحو تغيير علاقتهم بوسائل التواصل الاجتماعي. وبسبب تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على دوائرهم الدماغية، فإنهم في أغلب الأحيان لا يدركون أنهم يستخدمونها إما بشكل اعتيادي أو حتى من دون وعي. لهذا السبب، يقترح الشباب إجراء تدقيق رقمي للمساعدة في غرس هذا الاستخدام في وعيهم.
في مشروعٍ لفصل اللغة الإنجليزية في إحدى المدرسة الثانوية، رصدت إحدى الطالبات الوقت الذي تقضيه يومياً على كل تطبيق على هاتفها لمدة أسبوع. وقد أثارت النتائج في ذهن الفتاة ذات الستة عشر عاماً العديد من الأفكار المهمة: “أولاً، كنت أستخدم هاتفي كثيراً – أعني كثيراً – أكثر مما كنت أعتقد”، كما تقول.
ثانياً، “جعلني أفكر، ربما عليّ أن أضع حدوداً لنفسي، لذا لا أستخدم وسائل التواصل الاجتماعي دائماً، وأتحدث مع كل من حولي”، كما تقول. “كلما زادت مدة استخدامي للهاتف، زاد تجاهلي للناس في المناسبات الاجتماعية”.
حتى لو كنتم تقضون وقتاً طويلاً أمام الشاشات، اعترفوا أولاً بأنكم تفعلون ذلك، وأنه ليس من المقبول أن تكونوا على هذا النحو.
تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية للمراهقين
الخطوة 3: حذروهم من اختراق الإعدادات الافتراضية لتطبيقاتهم

اذكروا لأبنائكم أهمية ضبط الإعدادات الافتراضية لتطبيقات الوسائط الاجتماعية لديكم؛ للتحكم في مقدار الاهتمام الذي يستحوذ عليهم، لأنه في العديد من التطبيقات، تعمل الإعدادات الافتراضية على تحفيز دوائر دماغ المراهق بطريقة تؤدي إلى تضخيم رغباته والإفراط في الاستخدام المعتاد.
علموهم عدم تتبع الإعدادات الافتراضية التي تقدمها لهم شركات التكنولوجيا. الأطفال يحبون هذه النصيحة! لأنهم يكرهون التلاعب بهم. لذلك دعوهم يستكشفون جميع خيارات الإعدادات، بما في ذلك تلك المتعلقة بالخصوصية، وخلاصة الأخبار، والتعليقات، والإعجابات. على سبيل المثال؛ لا يدرك الكثيرون إمكانية إيقاف خاصية “الإعجابات” على إنستغرام. وهذا يُسهم في الحد من تنافسية التطبيق، وإذا اقترح تطبيقٌ فيديوهاتٍ أو محتوى آخر، أو شغّل الفيديو التالي تلقائياً، فلا تنقر عليه. ابحث عن الفيديو الذي ترغب بمشاهدته، وتذكر أنك أنتَ المتحكم، وليس التطبيق.
تقدم كل تطبيقات التواصل الاجتماعي معلومات للآباء حول كيفية إعداد حسابات المراهقين بطريقة تجعلها أكثر أماناً، ولكنها يمكن أن تساعد أيضاً على الإفراط في الاستخدام، مثل تحديد مدة استخدام الشاشة لجميع المستخدمين دون سن 18 عاماً بـ 60 دقيقة يومياً. وعند بلوغ هذا الحد، يطلب التطبيق منهم إدخال رمز مرور لمواصلة المشاهدة، “مطالباً إياهم باتخاذ قرار فعلي بتمديد هذه المدة، كما يُمكن للمراهقين في تطبيقات لأخرى تفعيل إشعارات تحثهم على “أخذ استراحة” بعد فترة مُعينة من التمرير. كما يقترح التطبيق عليهم ضبط تذكيرات لأخذ المزيد من فترات الراحة في المستقبل.
الخطوة 4: قوموا بملء حياة أبنائكم بالهوايات
إن بناء هواية وشغف ابنك خارج الإنترنت هو المفتاح لتغيير عاداته على وسائل التواصل الاجتماعي. إذ يلاحظ العديد من الشباب أنهم يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي عندما يشعر المراهقون بالملل (أو التوتر ويحتاجون إلى تشتيت).
لدرجة تشعرهم بالخجل عندما يرون أنهم يقضون عشر ساعات يومياً أمام الشاشات، وهذا لا يعجبهم. لكن ليس لديهم ما يفعلونه أو لا يشعرون بذلك، لذلك ادفعوا أبناءكم للبحث عن هوايات أخرى لا تتطلب هاتفهم. أنشطة تستغرق وقتاً لإتمامها؛ مثل قراءة كتاب أو رسم صورة، فهي تساعدهم على التأكد من أن عقلهم لا يقتصر على مشاهدة مقاطع فيديو قصيرة وأشياء من هذا القبيل.
حيث يتفق علماء النفس والأطباء والمعالجون النفسيون على أن تجديد حياة المراهق بعيداً عن الإنترنت أمر بالغ الأهمية لاستخدام صحي لوسائل التواصل الاجتماعي. عندها، يصبح التوقف عن استخدامها أسهل بكثير، من دون أن يشعر المراهق بالملل في الواقع.
الخطوة 5: ازرعوا في أبنائكم الثقة للتواصل معكم
هذا ليس سخريةً أو مزحة. يُكرر المراهقون مراراً وتكراراً رغبتهم في أن يُساعدهم آباؤهم في تنظيم استخدامهم لوسائل التواصل الاجتماعي. لكنهم في الوقت نفسه لا يريدون أن يسلبهم آباؤهم هواتفهم، أو أن يكونوا متحكمين أو متسلطين. وبالتأكيد لا يريدون أن يشعروا باللوم أو الخجل بسبب استخدامهم لوسائل التواصل الاجتماعي. لكنهم يريدون من الآباء أن ينصتوا إليهم بتعاطف، ويقدموا لهم نصائح لطيفة، ويضعوا لهم حواجز أمان، بل وحتى بعض القواعد. يريدون المساعدة في تعلم كيفية إدارة أجهزتهم بأنفسهم.
للوقاية من إدمان وسائل التواصل الاجتماعي والحفاظ على الصحة الرقمية، من المهم للآباء وضع حدود لأطفالهم ومراهقيهم، من خلال اتباع طريقة للتحدث مع المراهقين حول استخدامهم للأجهزة الإلكترونية، وتقديم بعض الأفكار لوضع قواعد، منها “محاولة إبعاد التكنولوجيا عن غرفة النوم”.
قد لا يعجب هذا الاقتراح الأطفال، ولكن اشرحوا لهم أن الغرض من غرفة النوم هو الراحة وإعادة الشحن، ويقترح بعض التربويين أيضاً وضع عقوبات واضحة عند انتهاك الأطفال لقواعد استخدام التكنولوجيا. وإذا لم يساعد الآباء أطفالهم على إدارة استخدامهم للشاشات، فلن يفعل ذلك أحد آخر.
ويجب أن تُطبّق القواعد على جميع أفراد الأسرة، بما في ذلك الوالدان. على سبيل المثال، إذا كان لديكم عشاء عائلي، فلا يوجد جهاز على الطاولة، وإذا كان أحد الوالدين يُوصل ابنه المراهق إلى مباراة أو تدريب، فيمكنه أن يقول: “إذا كنت تريدني أن أوصلك، فلا تمسك هاتفك، بل عليك أن تتحدث معي”. الهدف بسيط ولكنه بالغ الأهمية: إعادة الأطفال إلى عادة التواصل الاجتماعي وجهاً لوجه، فخلافاً للتفاعلات عبر الإنترنت، يُعدّ التحدث إلى الآخرين وجهاً لوجه هو الرابط الأساسي للتواصل الإنساني الحقيقي. والمراهقة هي المرحلة التي يبدأ فيها الأطفال بتكوين شخصياتهم الخاصة في العالم. يحاولون تكوين صداقات، والتواصل مع الآخرين، والتفاعل مع قيم وأفكار مختلفة. ولكي تترسخ هذه العملية وتزدهر، نحتاج حقاً إلى استعادة مستوى معين من التواصل الإنساني.
تجارب الأمهات في تخليص أبنائهم المراهقين من عادة تصفح مواقع التواصل الاجتماعي





