صوت التطور أعلى

قبل سنوات قريبة، كنا نشعر بخوف من هذا الطوفان الإلكتروني الآتي، بدأنا نفكر في المستقبل (الذي نعيشه اليوم) والمخاطر التي تنتظرنا، ونخاف من زوال مهن كثيرة باستطاعة «الإنسان الآلي» أن يحل مكان «الإنساني الآدمي» فيها؛ ومهما علت الأصوات ودُقت الأجراس، بقي صوت التطور أعلى وخطوات التغيير أسرع، حتى صار الروبوت زميلاً في العمل، والذكاء الاصطناعي الموسوعة التي يعتمد عليها الطلاب في أعمالهم البحثية والدراسية وحتى الواجبات المدرسية.

هل تذكرون «جدول الضرب»؟ ذلك الاختبار الذي وضع كل الطلاب على محك تحديد نسبة «ذكائهم وشطارتهم» كما كانوا يقولون، وكان حفظه واجباً والسرعة في الإجابة مطلوبة باستمرار، وكانت أي عملية حسابية بمثابة اختبار ينشط ذاكرة كل إنسان؛ ومع دخول الآلة الحاسبة على خط التعليم والسماح باستخدامها في المدارس صار للعقول ألف حجة للفشل في أبسط عملية حساب ليس في الضرب والقسمة فقط بل حتى في جمع الأرقام البسيطة، لأن العقول تعودت على الكسل والاستسهال والاعتماد على ذاكرة الآلة؛ كذلك «الموبايل» عَوّد العقول على الكسل وباتت ذاكرته هي دليل أرقام الهواتف الذي حل محل حفظنا للأرقام وحل محل الأجندة الصغيرة والكتابة على الورق.
إنها دورة الحياة الطبيعية، وإن كانت العجلة صارت أسرع بكثير من قبل، والزمن يقفز قفزات عالية ولا ينتظرنا حتى نلتقط أنفاسنا ونستوعب آلياته الجديدة ونقوم بتحديث معلوماتنا وتنشيط ذاكرتنا.. وأصبح البعبع الذي خفنا منه رفيقنا الذي يسعفنا ونستنجد به سواء بالاستشارة أم بالمعلومة أم بتقديم أفكار وتطويرها بما يتوافق مع هوية وأفكار وتطلعات كل إنسان؛ نتحدث إليه في «الموبايل»، يسكن البيوت الذكية، يفتح مجالات أمام الشباب للتفكير خارج الصندوق، كما يفتح آفاقاً لخلق وظائف جديدة تتناسب وتطور العصر وتنسجم مع روح وتفكير الشباب الذين هم بناة وأعمدة المستقبل.

قريباً، في الحادي والعشرين من الشهر الجاري ينطلق أسبوع دبي للذكاء الاصطناعي الذي ينظمه مركز دبي لاستخدامات الذكاء الاصطناعي -إحدى مبادرات مؤسسة دبي للمستقبل-، والذي سيضم خبراء ومتخصصين من نحو ١٠٠ دولة، ويشهد فعاليات وورش عمل وجلسات حوارية.. ما يعني أن أمام كل طلاب الجامعات والمدارس فرصة مهمة للمشاركة فيه واستكشاف هذا العالم بكل ما يتضمنه من معلومات وتطورات، والأهم أنه يتيح للشباب اكتشاف مجالات واسعة للعمل في مجال الذكاء الاصطناعي وكل المجالات المرتبطة به من ضمنها مثلاً الألعاب الإلكترونية؛ المجال أصبح واسعاً ولكن عالمه ما زال غامضاً ويخفي جوانب كثيرة يحتاج الشباب إلى اكتشافها كي يتمكن من المشاركة في مواكبتها وخلق أفكار جديدة ووضع بصماته في مختلف مجالات الابتكار والتطوير وبناء المستقبل.

متابعات

إقرأ ايضا

اخترنا لك
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى