ليس تمجيداً لليأس

بقلم/ سوسن دهنيم

حالة العجز الكاملة التي نعيشها، الشعور بالهوان وقلة الحيلة، اليأس الذي جثم بعد أن داعب الأمل قلوبنا بالنجاة، الغصة التي تكبر وتتعملق وتستحيل غضباً ومرارة، كل هذه المشاعر وأكثر تعترينا وتضاعف شعورنا بعبثية هذه الحياة، وعبثية كل ما سوى الرغبة في الحفاظ على ما تبقى من الأرض أو الوطن الذي بات على حافة الانهيار أمام كل الصمت الدولي المزري.

ما يحدث اليوم في غزة بعد استئناف الحرب يشعرنا بالعجز الكامل، بأن كل ما نادينا به وآمنّا بأحقيته وصدقه بات كالفراش المبثوث، حلمنا وتيقنّا بأننا الجيل الذي سيصلي في القدس بعد تحريرها قريباً بات كالسراب الذي يرتجيه الموغل في العطش.
هذه ليست كتابة لتمجيد اليأس ولا دعوة لنبذ الأمل ولا بيان سياسي من عربي لا يعرف من السياسة شيئـاً سوى عبارة «وطن حر وشعب أبيّ».

الصديقة الفلسطينية التي لم تزر فلسطين قط، وكانت تأمل أن تراها برفقة أهلها وتعود إليها لتحتضن تربتها كمن يحتضن غائباً بعد طول فراق، كلمتها حول عبثية الحياة في هذا التوقيت وعبثية حتى القراءة التي لم تخلق أجيالاً قادرة على فهم ما ترمي إليه من حرية ومحبة وموقف عادل تجاه كل ظلم العالم الذي وقع على بلاد صغيرة استفرد بها من لا حقّ لهم فيها.

صوت جوليا بطرس وهي تغني «يا ثوار الأرض»، و«وين الملايين» وحنجرة فيروز وهي تصدح بـ«زهرة المدائن» وموسيقى خالد الشيخ وهو يغني «زنابق المزهرية»، كلها تبدو كوشمٍ عبثيّ أمام كل ما نراه من صمت كل مثقف وفنان اليوم.

رسومات الكاريكاتير التي كانت تنشر في صحفنا، مقالات التنديد والاستنكار، روايات عصر المقاومة، أشعار الخطاب الثوري وكل تلك اللوحات التي كانت تزين البيوت كلها باتت مجرد ذكرى يعيش عليها من بقي الأمل في وجدانه بعودة الأرض لأهلها وعودة السلام الحقيقي الذي لا يتنازل عــن الحق لعالمنا العربي.

نأمل أن يُمحى اليأس من قلوبنا ولا نسمع رجاء أهلنا بأن يكون موتهم رحيماً ولا تتناثر أشلاؤهم في الفضاء، وأن يتحول الرجاء الممزوج باليأس إلى فرح ورغبة في الحياة، بعد أن يعود الحق لأهله ونعيش نهاية سعيدة لهذا الكابوس الذي استمر طويلاً.

متابعات

إقرأ ايضا

اخترنا لك
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى