“لقد صنعت طريقي بنفسي. لم يساعدني أحد. نجاحي أنا مدين له بمجهوداتي فقط”.
خطاب قد نسمعه من الكثيرين. تختلف الكلمات والعبارات، لكن المعنى يبقى واحدا لأشخاص يؤمنون أنهم مدينون لأنفسهم فقط بنجاحهم المهني أو بسعادتهم.
لكن، إلى أي مدى هذا الكلام حقيقي؟
في الواقع، جميعنا مدينون لشخص ما أو لأشخاص ما صنعوا نجاحنا وسعادتنا؛ أو على الأقل ساهموا فيهما بالقليل أو الكثير.
أب أو أم دعما وشجعا واشتغلا من أجل أطفالهما.
أخ أو أخت. مدرس أو مدرسة. شخص قابلناه في ميدان العمل. شخص آخر قابلناه صدفة وقال شيئا عابرا صنع الفرق بالنسبة لنا أو وجّهنا لاختيارات معينة. بل حتى، أحيانا، تجربة سيئة سببت لنا جرحا أو فشلا معينا، قد تكون ساهمت بشكل أو بآخر في تحقيق نجاحنا اللاحق، مهنيا أو عاطفيا. نصيحة عابرة من صديق. تحذير من زميل… كل هذه أشياء تصنع الفرق وتساهم في نجاحنا أو سعادتنا.
هل يعني هذا أن نبخس أنفسنا حقها ولا نعترف بمجهوداتنا الشخصية، وأن ننسب كل شيء للآخرين؟ بالتأكيد لا. من حقنا على أنفسنا أن نعترف لها بالمجهود المبذول والتضحيات التي نقوم بها: في الدراسة والعمل، وحتى في تفاصيل الحياة الشخصية والعاطفية: مع أصدقائنا، مع شريكنا، حبيبنا أو حبيبتنا، مع الأهل.
الفشل في العلاقات العاطفية هو في أغلب الحالات مسؤولية الطرفين. لكن نجاحها أيضا هو، في أغلب الحالات، بفضل مجهود الطرفين.
النجاح المهني هو في أغلب الحالات وليد مجهودات وتعب واجتهاد، لكن هذا لا يمنع أن بعض الصدف قد تكون ساهمت فيه أحيانا، أو ظروفا معينة توفرت لنا ولم تتوفر لغيرنا، أو دعمَ طرف آخر.
هناك توازن مهم نحتاج لتحقيقه حتى نقف بثقة على الخيط الرفيع الذي يفصل بين الغرور وبين عدم الثقة في النفس. توازن هش لكنه مهم، بحيث ندرك قيمة مجهوداتنا الشخصية؛ لكن نعترف، في نفس الوقت، بما قدمه العالم لنا: الآخرون، من أهل وزملاء وأصدقاء وشخصيات عابرة نصادفها.
لذلك، لنكن ممتنين لأنفسنا عن مجهوداتنا.. ولنكن ممتنين للكون وللآخرين أيضا.
الكاتبة سناء العاجي © مونتي كارلو