الماضي والمستقبل والحاجة إلى التغيير

ونحتاج الى مهارات وطرق وعلاج لتجاوز الماضي وفهم تأثيره، وتجاوز تبعاته وآثاره العصيبة. نحتاج الى عملية تفكير جديدة ومهارة تبعدنا عن التفكير في هذا الماضي المؤلم، وتمنعنا عن استحضار الذكريات الحزينة، لأن هذه الذكريات ستقودنا في نهاية المطاف إلى حياة عصيبة من الكآبة والألم إن استسلمنا للذكريات الحزينة. لذا نحتاج الى العلاقات مع أناس إيجابيين ينظرون نحو المستقبل بإيجابية، ويعيشون واقعهم بتفاؤل وإقبال على الحياة، فضلاً عن هذا، وفي حياتنا الإنتاجية نحتاج الى أهداف وأفكار واعدة، وأن نعمل على تحقيقها، هذا سيشغلنا بشكل مفيد ويبعدنا عن الاستسلام للماضي، ويبعدنا عن شواطئه القاتمة، ولعل الأهم أن نمنح التسامح مجالاً واسعاً من حياتنا، ونبتعد عن الضغائن والكراهية، وفي أحيانٍ أخرى، أن نتعايش معها ونحولها إلى قوة تدفعنا للنهوض والتغيير والتقدم.
هذا السلوك الإيجابي له مردود مفيد لنا، فهو يبعدنا عن التوتر والقلق، وفي رحلتنا نحو التعافي من أحداث الماضي، وما يعكر الصفو، علينا أن نكون واقعيين ومؤشرنا وعلاماتنا تتعلق بما هو على أرض الواقع، وفي اللحظة نفسها من المهم أن نتعلم الإنصاف والواقعية، وهذا يعني عدم تبرير الخطأ، وألّا نحاول كسب رضا أحد على حساب مصالحنا أو سعادتنا واستقرارنا النفسي، أو على حساب تحقيق أهدافنا. وغنيٌّ عن القول إنه من المهم تجنب الحديث في الماضي، وما وقع فيه، أو تذكير النفس بالتفاصيل المؤلمة التي وقعت.
كل فعل يبعدنا عن تذكر الماضي القاسي الذي مر بنا، هو سلوك إيجابي يجب أن نشجعه، بل نعتبره سلوكاً حيوياً في مسيرتنا، يساعد على التعافي، والأهم أن يُسهم في تركيزنا على حاضرنا ونظرتنا للمستقبل. وكما قال الروائي العالمي، غابرييل غارسيا ماركيز: «استحضار الماضي لا يمكنه إنقاذ المستقبل»، لأن المستقبل يحتاج الى الحيوية، ويحتاج الى المعلومات والتجديد، بينما العودة إلى الماضي المؤلم وتذكر الأحزان لن يعودا بالفائدة على الإنسان، بل على العكس، يضرانه ويعيقان تقدمه، ويجعلان واقعه محملاً بالحزن والكآبة، وهو ما يؤثر في نشاطه وحيويته وجودة الحياة التي يعيشها، وبالتالي في مستقبله.

متابعات

إقرأ ايضا

زر الذهاب إلى الأعلى