تساءلت مجلة “نيوزويك” الأمريكية عن رد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على انتهاء اتفاقية نقل الغاز مع كييف، التي انتهت في بداية عام 2025 بعد 5 سنوات من العمل.
وسمحت الاتفاقية لشركة غازبروم الروسية بمواصلة إرسال الغاز إلى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي عبر خط أنابيب يمر عبر أوكرانيا، دون التوصل إلى اتفاق جديد ليحل محلها.
خيارات روسيا البديلة
وقالت أستاذة العلاقات الدولية والدبلوماسية بجامعة سيتون هول ومؤلفة كتاب “سلاسل الطاقة الروسية”،مارغريتا بالماسيدا، للمجلة: “أتوقع أن تسعى روسيا لاستبدال العبور عبر أوكرانيا باستخدام خطي أنابيب آخرين يصلان إلى هنغاريا وسلوفاكيا، و’المسار التركي’ عبر تركيا، بالإضافة إلى طريق البلقان الأصغر عبر صربيا، وزيادة صادرات الغاز الطبيعي المسال”.
وأضافت “الأهم من ذلك هو اعتماد روسيا على ما أسميه تصدير الغاز الطبيعي المخفي، أي الغاز الطبيعي المُصدر إلى الاتحاد الأوروبي في شكل أسمدة نيتروجينية، هذه المنتجات تُنتج باستخدام الغاز الطبيعي لكنها مستثناة من العقوبات ولا تعتمد على خطوط الأنابيب”.
وأشارت إلى أن صادرات الأسمدة الروسية إلى الاتحاد الأوروبي تضاعفت بعد الحرب في عام 2022، مما جعلها مصدر دخل مهم لموسكو.
التداعيات السياسية والاقتصادية
من جهته، قال الأستاذ الباحث في معهد أبحاث السلام في أوسلو، بافيل ك. بايف، إن “إغلاق عبور الغاز عبر أوكرانيا ليس مفاجئًا، الأكثر إثارة للدهشة كان استعداد روسيا لمواصلة ضخ الغاز بعد استيلاء القوات الأوكرانية على محطة قياس سوجا في أغسطس/آب”.
وأضاف، “نهاية هذه الملحمة ترمز إلى تحول كبير في سوق الغاز الأوروبية، حيث تعمقت مشاكل غازبروم نتيجة فقدان استثماراتها الكبرى في الاتصال مع عملائها الرئيسيين”.
وأوضح أن بوتين قد يلجأ إلى تصعيد الضربات على البنية التحتية للغاز الأوكرانية، لكنه يجب أن يوازن ذلك مع طموحات الولايات المتحدة لزيادة إنتاج النفط والغاز، مما يهدد عائدات التصدير الروسية.
منظور روسي داخلي
وصرّح رئيس تحرير موقع “روسيا في الشؤون العالمية”،فيودور لوكيانوف، بأن “بوتين لن يستجيب بشكل خاص لنهاية صفقة الغاز، إذا قرر الأوكرانيون التوقف، فلا يمكن إجبارهم على العودة، وبدلًا من ذلك، ستبحث روسيا عن طرق بديلة للتعاون مع العملاء الأوروبيين الذين ما زالوا يريدون الغاز الروسي”.
وأضاف “أما الرد على أوكرانيا، فيتمثل في استمرار الحملة العسكرية لتحقيق نتائج مرضية”.
تحديات اقتصادية متزايدة
وذكر الزميل البارز في مؤسسة بروغل للأبحاث الاقتصادية، جورج زاتشمان، أن “وقف عبور الغاز الأوكراني يمثل تحديًا كبيرًا لروسيا. لأكثر من 50 عامًا، وفرت هذه الصادرات عائدات كبيرة ونفوذًا سياسيًا على طول طريق العبور إلى أوروبا الغربية”.
وأضاف “التوقف الكامل سيعجّل من انفصال أوروبا عن الغاز الروسي، مما يضر بمصالح الكرملين. كما أن استمرار حالة عدم اليقين يردع الاستثمارات في مصادر الطاقة البديلة”.
وقال أستاذ بجامعة إرفورت الألمانية، أندرياس غولدثاو، إن “نهاية اتفاقية العبور لا تعني نهاية صادرات الغاز الروسية، بينما انتهت الإمدادات البرية إلى حد كبير، لا يزال الغاز الطبيعي المسال الروسي يصل إلى أوروبا، كما أن الطلب المتزايد في الصين يمثل فرصة لروسيا”.
وأوضح أن انتهاء الاتفاقية يعكس تحولًا كبيرًا في تجارة الطاقة الأوراسية، حيث تتحول روسيا نحو الشرق وتبحث أوروبا عن مصادر غربية جديدة للواردات.
بينما قال مايكل ماكفول، مدير معهد فريمان سبوغلي للدراسات الدولية بجامعة ستانفورد والسفير الأمريكي السابق في روسيا: “لا يهم كيف سيستجيب بوتين، يجب على الغرب التوقف عن القلق بشأن ردود أفعاله والتركيز على القرارات التي تعزز مصالحه، مثل قرار أوكرانيا بإنهاء الصفقة الذي يعزز أمن حلف شمال الأطلسي (الناتو)”.