هل سمعت بـ”النملة الانتحارية” التي تفجر نفسها لحماية المستعمرة ؟

توصل فريق بحثي من جمهورية التشيك إلى اكتشاف فصيلة من النمل الأبيض تعتمد على آلية دفاعية فريدة، تتمثل في تفجير نفسها عند تعرض مستعمرتها للخطر، ووفقاً لدراسة نشرتها دورية Structure العلمية، فإن هذا النوع من النمل، المعروف باسم Neocapritermes taracua، يلجأ إلى هذه الإستراتيجية الانتحارية لصدّ هجمات الأعداء.

آلية دفاع فريدة

يتغذى النمل الأبيض على السليولوز ويعيش في مستعمرات كبيرة تضم ملايين الأفراد، بنظام اجتماعي يشبه تلك التي تتبعها أنواع أخرى من النمل والنحل، ويتضح من الدراسة التي أجراها باحثون من أكاديمية العلوم التشيكية وكلية العلوم الزراعية الاستوائية بجامعة علوم الحياة في براغ، أن النمل الأكبر سنًّا داخل المستعمرة يلجأ إلى تفجير نفسه من خلال تنشيط تفاعل كيميائي معقد يحدث داخل جسمه.

يحمل هذا النمل على ظهره حويصلات تحتوي على إنزيم يدعى “اللاكاز الأزرق بي بي 76″، الذي يتحول إلى مادة متفجرة عند خلطه بمادة أخرى موجودة داخل جسم النملة، في حالة الهجوم، يقوم النمل العامل الأكبر سنًّا بشق هذه الحويصلات، ما يؤدي إلى إطلاق مركبات سامة من مادة البنزوكينون، تقتل أو تشل المهاجمين، وفي الوقت نفسه تقضي على النملة نفسها.

سر المادة المتفجرة

نجح العلماء في فك لغز هذه الآلية الدفاعية عبر التصوير بالأشعة السينية لعلم البلورات، وتبين أن إنزيم “اللاكاز الأزرق” يتكون من نوعين من الأحماض الأمينية، وعندما يصبح في الحالة النشطة، يحدث تفاعل كيميائي قوي ينتج عنه الانفجار، ما يثير الفضول هو أن هذا الإنزيم يبقى في حالة ثابتة داخل جسم النملة طوال حياتها، جاهزًا للاستخدام عند الحاجة، ما يسمح للنمل بالدفاع عن مستعمرته في لحظات الخطر.

خدمة أخيرة قبل الموت

يرى الباحثون أن هذه الفصيلة من النمل تعيش حياتها وهي تحمل “عبوة ناسفة” على ظهرها، ويزداد تركيز الإنزيم المتفجر مع تقدم النمل في السن، عندما تقل قدرة النملة على أداء وظائفها المعتادة، تصبح مستعدة لتقديم خدمتها الأخيرة، وهي التضحية بنفسها من أجل حماية المستعمرة، وفي المقابل، تحمل النملات الأصغر سنًّا كمية أقل من هذا الإنزيم، إذ لا يزال بإمكانها المساهمة في المهمات اليومية.

اكتشاف فريد

كان فريق بحثي في جزيرة جويانا الفرنسية أول من اكتشف هذه الفصيلة المتفجرة، ونشروا نتائجهم في دورية Science بالتعاون مع باحثين تشيكيين، وعلقت بافلينا ريزاكوفا، رئيسة المختبر العلمي الذي أجرى الدراسة، بأن “هذا الاكتشاف يوضح دور علم الأحياء الهيكلي في فهم العمليات البيولوجية المعقدة، إذ إن التركيب ثلاثي الأبعاد للمركبات داخل جسم الكائن الحي يساعد على فهم كيفية عملها، كما هو الحال مع آلية الدفاع الفريدة للنمل الأبيض”.

متابعات

إقرأ ايضا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى